بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تموز 2022 12:00ص طرح تقسيم بلدية عاصمة الوطن يتنافى مع الدستور وطموحات أهل بيروت

حجم الخط
عشرة أشهر متبقية مبدئيا من السنة التي مددتها الحكومة للمجالس البلدية والاختيارية التي تنتهي في 31 أيار 2023، فهل ستكون هذه المدة كافية لإنجاز الاستحقاق الديموقراطي على مستوى 1055 بلدية على مساحة الأراضي اللبنانية، في ظل الواقع السائد حيث تقوم حكومة تصريف أعمال، التي كان قد انتهى دورها مع بدء ولاية المجلس النيابي الحالي في 22 أيار الفائت، بينما واضح تماما ان إمكانية قيام حكومة جديدة صعبة مع وجود انقسامات عميقة بين النخبة الحاكمة في لبنان، مما يتسبب في شلل سياسي قد يعيق الكثير من المعالجات بما فيها الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي للإفراج عن المساعدات. وربما أيضا وصل البلد الى 31 تشرين الأول المقبل، لتبدأ مرحلة جديدة في الحياة السياسية اللبنانية تتميّز بالفراغ الرئاسي، وهي حالة تعوّد عليها لبنان في العام 1988 وفي عامي 2007 و2014، مما قد يطرح علامات استفهام عديدة حول هذا الاستحقاق ومصيره. يضاف إليها الطرح المثير للدهشة والاستغراب الذي يطرحه حزبا «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» بشأن تقسيم بلدية بيروت وفق تقسيم قانون الانتخاب الحالي، وبمعنى أوضح تقسيمها طائفيا، بذريعة واهية جدا، وهي الإنماء المتوازن، وكأن زاروب الطمليس، وحي الأسير وزواريب صبرا وطريق الجديدة قد تحوّلت الى واحات غنّاء، علما أن جلّ ما يهمّ أهالي العاصمة هو محاسبة المسؤولين على ما يتعرضون له من إذلال والحصول على أبسط الخدمات المقطوعة من كهرباء ومياه والعيش بأمانٍ في أحياءٍ مُعتِمة، ونظافة المدينة ومعالجة مشاكل النفايات والبنى التحتية والخدمية.
الدعوة والعمل لتقسيم عاصمة الوطن ببساطة ليست بريئة بتاتا، فقبل العام 1998، كان مـا تبقـّى مـن المجالس البلديـة يعيش حالة تهميش ومصـادرة العمل والصلاحيـات مـن قبـل قـوى الأمـر الواقـع، إضافـة الى المشـاكل التقليديـة التـي تعيشـها معظـم بلديـات المناطـق والأريـاف الناتجـة عـن ضعـف الامكانيـات الماديـة والبشريـة. لقـد جـرت محـاولات في ذلـك الوقـت لعدم إجـراء الانتخابـات تحت حجج متعـددة، باعتبـار ان المجتمـع اللبنـاني يكفيـه انقسـامات وتفسّـخات، لكن الموقف العام وخصوصا الشعبي شدّد علـى أهميـة إجـراء الانتخابات البلدية، لأن هذا الأمر مـن شأنه ترسـيخ مفهـوم الديموقراطية ويرسي مفهوم التنمية المحلية.
ولا بد من الملاحظة هنا، أن قانون البلديات، قد احتاط الى أهمية تأمين الاستقرار في المجتمعات المحلية في المادة 28 فمنــع الجمــع بــن القرابــة في عضويــة المجلــس البلــدي مشــكّلا نوعـاً مـن الأمـان حتى لا يتحـول المجلـس البلـدي الى خليـة عائليـة قد تـؤدي الى الاسـتئثار بالسـلطة من جهة، وتفتيت وخلق المشـاكل ضمن نطاق العائلة وفي المجتمع.
إن البلديــات تشــكّل في لبنــان، التعبير الوحيد عـن اللامركزيـة الإداريـة وبالتالي فإن الحديث عن اللامركزية الإدارية بمعـزل عـن البلديـات أو حتـى بحجـب هـذه الأخيـرة عنهـا، ينـمّ عـن جهـل علمــي للموضــوع وغيــاب للمنهجيــة، فاللامركزيــة الإداريــة الموعودة لا تكــون بتقسيم بلدية عاصمة الوطن ولا بنــزع صلاحيــات البلديــات.
ان الدعوة الى تقسيم بلدية بيروت يشتم منها رائحة الفدرلة، وغير مقبول أن تقسم العاصمة ولا مقبول إقامة نظام بلدي فدرالي داخلها بحسب الاقتراحات التي قُدّمت، وهذا أمر خطير ومقدمة لأن تذهب التجربة الى أماكن أخرى. فالمطلوب ببساطة متناهية تطوير أداء العمل البلدي من خلال مجلس يكون على قدر طموحات أهل العاصمة ولديه إيرادات كبيرة تعمل على تحسين جودة الحياة للسكان، لا الذهاب الى طروحات سياسية من باب أن الحل هو بالتقسيم على قاعدة المسيحيين من جهة والمسلمين من جهة، فهذا أمر خطير ويتنافى مع الدستور نصا وروحا ومع وثيقة الوفاق الوطني.