بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 أيلول 2023 12:00ص طيور أيلول تتوالى والمفاجآت.. فهل يطأ الفيل الفرنسي الغرفة الزجاجية؟

بري يستنكف عن حرده الحواريّ فيبادر على وقع تهديدات الكونغرس

حجم الخط
يتزاحم الداخل والخارج لملء مساحات أيلول المفتوحة على استحقاقات موجعة للبنانيين، من العودة إلى المدارس فالتحضير للشتاء القارس، وليس انتهاء بانهيار جديد لليرة مع انقباض دولارات المغتربين وامتناع المصرف المركزي عن تمويل الحكومة بمال المودعين. 
هكذا وعلى مشارف أيلول، تتوالى تباعا طيور أيلول. فحطّ الطائران الأميركي والإيراني في بيروت في تزامن لافت وإن غير مقصود. ويتحضّر الطائر الفرنسي إلى هبوط ناعم لكنه قد يكون الأخير بعد التعثّر. 
ولا ريب أن العدم السياسي الذي يحكم على خناق البلد جعل المسؤولين ينشغلون بالزيارتين. بعضهم يحيك سيناريوات متخيّلة عن هوكستين من البر المختلف عليه إلى الغاز المصري وما بينهما استحقاق الفراغ. وبعضهم الآخر يتفرّغ إلى التنظير في مهمة عبداللهيان وارتباطاتها من باب المندب إلى أسوار غزة.
وبين هذا وذاك، عاد رئيس مجلس النواب نبيه بري عن حرده واستنكافه عن المبادرة، بطرح من جناحين: حوار ومن ثم جلسات مفتوحة حتى الثمالة الرئاسية، يتطابق إلى حد بعيد مع ما يسعى إليه الموفد الرئاسي الفرنسي جان- إيف لودريان. 
1- لا يُخفى الاهتمام الأميركي بالحد من التوتر انطلاقا من جنوب لبنان، وهو جوهر الاتفاق الحدودي الذي عُدّ انجازا لإدارة الرئيس جو بادين ولهوكشتين شخصيا. مع ذلك، لم يغب التوتّر منذ توقيع الإتفاق الحدودي البحر. تارة صواريخ مجهولة صوب اسرائيل، وطورا صخب الخيمتين. وما بينهما خلاف الأمتار المربّعة البريّة من مزارع شبعا (جنوب شرق) إلى آخر النقاط الـ13 المتنازع عليها في الـB1 (جنوب غرب). 
ما فعله هوكشتين أنه عاين بأم العين ثمرة مولوده البحري من المنصة الفرنسية في الرقعة رقم 9، مبديا رغبة أميركية بالمساعدة في ترتيب الخلاف البرّي إن أمكن، لكن لا عجلة أو استعجال أميركيا– إسرائيليا، لذلك لم يتقدّم بأي أفكار عملية ما خلا النيّة، ومن ثم مستطلعا بالنار بعلبك، كأحد مناطق نفوذ حزب الله المتّهم أميركيا بالتوتير الجنوبي. أما العشاء العائلي في السفارة فلا مكان له في الإعراب الرئاسي الأميركي راهنا، بصرف النظر عن الهمس والغمز. 
2- كما لا يُخفى استمرار الاهتمام الإيراني بلبنان كجزء من المحور وكلاعب واقع بالكامل تحت تأثير حزب الله، أحد أبرز إنجازات الثورة الإسلامية في مناطق النفوذ. لذا لا بد من أن يزوه عبداللهيان أكثر من مرة في السنة، للاستطلاع والاستعلام وشرح موقف طهران من التطورات التي تعنيها. والمقصود بالتطورات، مآل العلاقة مع الرياض تحت سقف اتفاق بكين، حتى لو شهد هذا المسار تعثرا في ميل وتباطؤا في ميل آخر، تماما كما محتوى الحوار القائم على قدم وساق مع واشنطن، في الدوحة ومسقط، وبلغ شوطا غير هيّن، مع يقين الديمقراطيين بتأثره بقرب الإنتخابات الرئاسية. لكن كلا الحوارين لا يلغي الهامش الكبير المعطى لحزب الله لبنانيا. من هنا تُقرأ استعادة الحزب الهجوم على المملكة في اللحظة التي كان عبداللهيان يلتقي وليّ العهد الأمير محمد بن سليمان، ناهيك عن الموقف الازليّ من الشيطان الأكبر، الشريك الحواريّ المكتوم لإيران راهنا. 
ويستمرِىء الإيرانيون، كذلك، لبنان كمنصة سياسية وإعلامية لإطلاق المواقف وبعث الرسائل والإشارات، وهي يُفترض أن تكون معزّزة للاستقرار تقاطعا موضوعيا ومصلحيا مع الرغبة الأميركية. 
3- لا شكّ أن رئيس البرلمان يُدرك تماما تلك الوقائع، كما يُدرك أن الموقف الأميركي المتشدّد من استمرار الفراغ الرئاسي. وليس تفصيلا أن تصدر أصوات في الكونغرس، حجر الرحى في القرار، تتهمه بعرقلة انتخاب رئيس وتتوّعده بالعقوبات. ولا يحجب التكابر أو التغافل خطورة هذا التهديد. فكان أن انتقل من الاستنكاف إلى المبادرة، بدعوته المركّبة من حوار إلى جلسات انتخاب مفتوحة ومشرّعة على المفاجآت، مع إسقاط مستغرب لإسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في خطابه المطوّل نهاية آب.  
يمقت الرجل التقاعد وقلّة الحيل. لا يزال قادرا على الإبتكار، حتى لو ضاق عليه هامش الحراك والتفكّر.. والعمر. وبذلك باتت للحوار منصتّا بري ولودريان، تتقاطعان لكن لا بد أن تأتي واحدة منهما على حساب أخرى. فهل تسحب باريس المبادرة ويتفرّغ موفدها لوظيفته الجديدة؟ أم أن التباين يتكرّس، فتصرّ إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون على المضيّ في آخر محاولاتها حتى لو دخل الفيل الغرفة الزجاجية الهشّة؟