بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 شباط 2023 12:00ص عشية اجتماع باريس خلط أوراق جديدة

حجم الخط
حبيب البستاني 

يكتسب اجتماع باريس المنوي عقده في السادس من شباط 2023 والذي يضم مندوبين عن الولايات المتحدة وفرنسا إلى جانب قطر والسعودية والذي قد تحضره مصر، أهمية كبيرة ولا سيما أنه يأتي في وقت تتعثر فيه الانتخابات الرئاسية وتغيب المبادرات لتحقيق نوعاً من التوافق على إسم الرئيس.
وبعد إحدى عشرة جولة نيابية لانتخاب رئيس، فشل كل المرشحين المطروحين من الحصول على عدد وازن من الأصوات تمكنه من إكمال الشوط الرئاسي وبلوغ بر الأمان، فميشال معوض بقي مرشحاً ولكن، فكل الذين أيّدوه أعلنوا صراحة أنهم غير متمسّكين به، مما يدل أن اسمه لم يكن فقط للحرق إنما شكّل بالون اختبار لاستمزاج هوى الكتل وعدّ أصوات النواب، وهكذا لم يقبض ميشال معوض إلا ميشال معوض. ولقد ذهب عدد من الكتل التي أيّدته إلى الإعلان أنها لا يمكن الاستمرار بترشيحه لأن ذلك أوصل المجلس إلى طريق مسدود، حتى أن بعض مؤيدي معوض بدأ برمي عدد من الأسماء دفعة واحدة في البازار الرئاسي، وهذا يعطي انطباعاً أن عملية رمي الأسماء هذه ما هي إلا محاولة يائسة لذر الرماد في العيون، والإيحاء أنها تسعى لتسهيل عملية الانتخاب بينما الواقع يقول عكس ذلك.
أما عن حظوظ قائد الجيش والوزير فرنجية فبقيت في الحدود الدنيا، بعد أن تحدث أكثر من مؤيد لقائد الجيش أن انتخاب هذا الأخير بحاجة لتعديل دستوري والذي من اولى شروطه الحصول على ثلثي عدد أصوات المجلس النيابي ليس حضوراً لتأمين نصاب إنما انتخاباً لتمكين التعديل الدستوري من المرور، ويقول العارفون أن ذلك من سابع المستحيلات، فلو كان أي فريق أوتكتل بإمكانه تأمين ثلثي أصوات المجلس لكان بالإمكان انتخاب أي رئيس وليس إنجاز تعديل وحسب.
أما عن حظوظ فرنجية فإنها لم تتقدم قيد أنملة مع فشل حزب الله من تأمين أكثرية له وذلك بالرغم من تبني رئيس المجلس لهذا الترشيح. فالتيار الوطني الحر أعلن صراحة عدم تأييده لهذا الترشيح، علماً أن قائد الجيش والوزير فرنجيه ينهلان من نفس النبع أي العربية السعودية.
مبادرة الوزير باسيل
وفي إطار تحريك المياه الراكدة رئاسياً، وكي لا تأتي الحلول معلّبة من الخارج ولا تأخذ بعين الاعتبار التوازنات والأحجام السياسية التي أفرزتها الانتخابات النيابية في المجلس النيابي، كانت مبادرة الوزير باسيل الذي أعلن فيها أنه مع التوافق على إسم رئاسي من ضمن التوازنات الوطنية، ولكن إذا تعذر ذلك فإنه سيعلن ترشيحه لهذه الانتخابات وليتحمل المجلس النيابي مسؤولياته.
ماذا في المبادرة؟
تعتبر مبادرة رئيس التيار الوطني رسالة واضحة إلى الداخل والخارج في آن معاً وهي أيضاً رسالة واضحة للحلفاء قبل الخصوم، وهي جاءت لتؤكد أن الوزير باسيل مستعد للذهاب إلى النهاية تحقيقاً لقناعاته التي يتمسّك بها.
فطرح التوافق ليس طرحاً كلامياً ولا هو بالون اختبار إنما هو طرح علمي مبني على حيثية كل مرشح في طائفته أولاً وحيثيته الوطنية، والتفاهم يتطلب آلية علمية لتحقيقه وعملية حسابية لمعرفة مَن مِن المرشحين المحتملين الذي يحظون بالشروط الموضوعية التي يمكن بحثها والاتفاق عليها، ويعتبر التفاهم المسيحي - المسيحي أحد أهم ركائزه.
أما إعلان الوزير باسيل ترشحه فيأتي من ضمن إطار التوافق وليس من ضمن إطار التحدي وهو رسالة واضحة للمسيحيين المعنيين وأولهم القوات اللبنانية ومفاده: «هيوا لنتفاهم» أو أنا مرشح. أما بالنسبة للحلفاء فهي للقول أنه آن الآوان للكف عن المحاولات العقيمة والذهاب إلى دعم المرشح القوي في بيئته.
أما للخارج فالرسالة واضحة وهي تقول أن التيار لا يمكن أن يمشي بتسوية رئاسية «كيف ما كان» وبمن حضر بحجة الضرورة. بل إن أية تسوية رئاسية لا يمكن إلا أن تأخذ بعين الاعتبار الأحجام والأوزان في المجلس النيابي وحيثية الرئيس العتيد.

* كاتب سياسي