بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الثاني 2020 12:01ص عن أيّ استقلالٍ تتحدّثون؟

حجم الخط
حلّ الثاني والعشرين من تشرين الثاني هذا العام ولبنان غارقٌ في أزماته المستعصية المتشعّبة، التي جعلت اللبنانيين في حال من الخوف والأسى والأسف على وطنٍ مدمّرٍ لم يعرف معنى الدولة المستقلّة إلا شذراً، فجاءت المناسبة صوريّةً ومنقوصةً في ظلّ انهيارٍ اقتصادي ومعيشي لامس خطوط الخطر المُحدق وسطوة طغمة سياسيّة فاسدة تأبى الرّحيل حتّى ولو كان بقاؤها على حساب الوطن ودماء اللبنانيّين الذين لم يتعافوا بعد من تداعيات جريمة مرفأ بيروت المريعة في غيابٍ تام للمساءلة والمحاسبة، وفي بلدٍ يحلم الكثير من شبابه بالهجرة والحصول على جنسيّة أُخرى ولو كانت الهجرة على متن قوارب الموت، فعن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون؟

عن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون في بلدٍ أصبحت أساسيّاتُ الحياة فيه أمنياتٌ والحقوقُ أحلام؟ بلدٌ لا توجد فيه كهرباء انما يوجد فيه مافيات للمولدات ولفيول معامل الكهرباء ولبواخر الكهرباء، ولا توجد فيه مياه للشرب بينما تنساب مياه الانهار والامطار الى البحر، وينقطع فيه الدواء كرمى مصالح كارتيلات الاحتكار، ويموت فيه اللبنانيّون على أبواب المستشفيات، وتتراكم النفايات في الأحياء والازقّة والطرقات.

عن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون في بلدٍ غارقٍ في الديون واقتصاده منهار، وأصبح تحت الاستعمار الاقتصادي والمالي، وفاحت من جسده المتحلّل روائح الفساد والهدر؟

عن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون والنظام الطائفيّ يحكم الدّولة وقد أصبح لكل طائفة منظومتها الخاصة مؤسّساتياً واجتماعيّاً وامنياً، وبات كل فريق يُطالب بحصّته الطائفيّة؟

عن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون وفي لبنان مليون ونصف المليون لاجئ سوريّ، والإرهاب يُعشعِش في كل حدبٍ وصوب، والمنطقة كلها تقع على فوهة بركان مشتعل يصب حممه على لبنان ولا بوادر للحل تظهر في الأفق؟

عن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون في غيابٍ لمجلس وزراء مكتمل الاوصاف ومجلس نيابيّ غير فاعلٍ ورئاسة للبلاد فقدت مشروعيّتها وكوّنت عداواتٍ داخليّة ودوليّة؟ 

عن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون في ظلّ ادعاءاتٍ كاذبة وواهنة بالاستقلاليّة والسّيادة، في حين يخضع لبنان لوصايات خارجية وداخلية وتتدَخّل كُلّ الدول في شؤونه يوميّاً؟ 

عن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون والعدوّ الصهيوني يخرق سيادة لبنان الجَوّية والبَرّية والبحريّة يوميّاً ويسرق غازنا ونفطنا ويسعى الى جرّنا الى التطبيع معه؟

حتّى المؤسسة العسكرية التي تمثّل رمز الدّولة والوحدة الوطنيّة لم تسلم من محاولات الطغمة البائسة والفاشلة لإدخالها في التجاذبات السياسية المُدمّرة، فعن أيّ استقلالٍ تتحَدّثون؟

عيد الاستقلال كان عام ١٩٤٣ حينما كان يحكم لبنان رجالٌ لا أشباه الرجال. ولن يكون للبنان اليوم استقلالاً كاملاً وحقيقيّاً او قيامةً الّا بعد اقتلاع كامل الطبقة السياسيّة البائدة والطغمة الفاسدة، والى ذلك اليوم المنتظر لا تحدّثونا عن الاستقلال!

فيا «قادة» الوطن.. عن ايّ استقلال تتحدّثون؟