بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيار 2020 08:17ص عين «حزب الله» على فرنسا بعد ألمانيا... ورهان على تمايزها!

واشنطن لن تألو جهداً لإدراج «ذراع إيران الأقوى» على لائحة الأمم المتحدة للإرهاب

حجم الخط
لن تألو الولايات المتحدة أي جهد من أجل إدراج «حزب الله» على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب. هذا سعي لا تُخفيه واشنطن في إطار عملها الدؤوب لمحاصرة إيران، ولن تتردّد إذا كانت المناخات الأممية مؤاتية لها لتمرير هكذا قرار. سبق أن حضَّت الاتحاد الأوروبي على التعامل مع «حزب الله» بكليّته كمنظمة إرهابية ووقف التمييز بين جناحيه السياسي والعسكري. فـ»الحزب» أصلاً ليس لديه فصل بين جناحين سياسي وعسكري. كان هذا التمييز حاجة للاتحاد الأوروبي، حين ذهب عام 2013إلى وضع الجناح العسكري لـِ»حزب الله» على القائمة السوداء للإرهاب على خلفية تداعيات الهجوم الانتحاري عام 2012 على حافلة بورغاس البلغارية التي كانت تقل سياحاً إسرائيليين، والذي وُجهت أصابع الاتهام فيه إلى أفرادٍ منتمين لـ»الحزب».

اقتضت المصالح الأوروبية مع إيران هكذا فصل، وحاجة تلك الدول إلى تعاون استخباراتي لدرء مخاطر الإسلاميين المتطرفين من مواطنيها أو المهاجرين إليها، وكذلك الحاجة إلى حماية مصالحها في لبنان وتأمين مناخات مطمئنة لقوات الدول المشاركة في عداد «اليونيفل» في الجنوب. قيل يومها إن انخراط «حزب الله» في الحرب السورية ساهم في اتخاذ الأوروبيين قرار إدراج الجناح العسكري، ولكنه نُسب أيضاً إلى كاثرين آشتون مفوضة الشؤون السياسية في سعيها إلى تحييد الجناح السياسي كي لا ينعكس توتراً في لبنان، خصوصاً أن»حزب الله» كان جزءاً من الحكومة.

تماهي برلين مع واشنطن جزء من طموح قيادة أوروبا وفق رؤية سياسية مشتركة

مع احتدام المواجهة الأميركية- الإيرانية في زمن دونالد ترامب، كانت واشنطن تدعو شركاءها الأوروبيين إلى مساندتها في استخدام سلاح العقوبات على إيران والضغط على «حزب الله» بوضعه كاملاً على لائحة الإرهاب. فرضت بريطانيا فيشباط 2019 حظراً على كل فروع وأجنحة «الحزب» بسبب زعزعة استقرار الشرق الأوسط والعالم. وبات مرتقباً منذ ذلك الوقت أن تكرّ السبحة في كثير من الدول الـ28 المنتمية إلى الاتحاد، رغم أن الممثلة العليا للسياسة الخارجية في المنظمة الأوروبية فيديريكا موغيريني اعتبرت القرار البريطاني قراراً داخلياً يخص لندن ولن يؤثر على الاتحاد، كما أعلنت فرنسا يومها، على لسان رئيسها إيمانويل ماكرون، معارضته للخطوة البريطانية، بذريعة وجود فارق بين الجناحين العسكري والسياسي لـ»حزب الله»، وأنه لا يمكن لأي دولة أن تضع حزباً لبنانياً ممثلاً بالحكومة على قائمة الإرهاب.

أشَّـرَتصويت البرلمان الألماني في كانون الأول 2019،بأغلبية كبيرة، على قانون حظر «حزب الله» في ألمانيا، ومطالبته الحكومة بحظر الأنشطة الخاصة به في ألمانيا، وإعلان برلين بوجوب إدراجه على لائحة الاتحاد الأوروبيللمنظمات الإرهابية إلى أن الخناق بدأ يضيق على إيران. جاء إعلان الداخلية الألمانية قبل أيام بحظر الجناح السياسي لـ»الحزب» ترجمة عملية لقرار البرلمان، لكن وطأة القرار كانت كبيرة. إنها ألمانيا التي كانت على الدوام وسيطاً بين «حزب الله» وإسرائيل في ملف الأسرى، والوسيط النزيه في عقولوقلوب البيئة الحاضنة لـ»الحزب»، والتي كانت تمتاز بكثير من العلاقات الممتازة مع إيران.

يقول أحد منظري محور إيران إن ثمة مشتركاً تاريخياً بين إيران وألمانيا يتمثل بانتماء الشعبين إلى العرق الآري. يتوقف عند الدور الذي لعبته شركة «سيمنز» في بناء المفاعلات الإيرانية قبل أن تنسحب في منتصف التسعينيات، ويعرض للعلاقات الاقتصادية ولحجم تبادل برلين التجاري مع طهران، معرّجاً على القنوات الاستخباراتية العميقة التي كانت قائمة بين «حزب الله» والألمان والفرنسيين والإيطاليين والإسبان وغيرهم من الدول الأوروبية في سوريا تحديداً، وما أسهمت به المنظومة الأمنية المشتركة من كشف أفراد شبكات تنظيمات متطرفة في ألمانيا، ومن معلومات تتعلق بالمقاتلين الأجانب، ولا ينتهي عند تحوّل «حارة حريك» إلى شبكة اتصال بين إيران وأوروبا وناقل الرسائل الدقيقة حول قضايا وملفات عديدة من لبنان إلى سوريا والعراق وحتى اليمن.

هذا العرض لمدى متانة العلاقة كفيل بأن يُسلّط الضوء على حجم التحوّلات التي تُصيب طهران والضغوطات التي تتعرَّض لها، والتي تطال الذراع الأكثر فعالية وتأثيراً لديها ضمن الميليشيات التابعة لها. وهي ضغوطات توقّع الأمين العام لـ»الحزب» السيد حسن نصرالله أن تزداد لتشمل دولاً أوروبية أخرى أكثر انسياقاً للموقف الأميركي.

على أن العين هي على فرنسا. فباريس وبرلين تتشاركان الثقل في الاتحاد الأوروبي. الأولى تُشكّل الرافعة السياسية، والثانية الرافعة الاقتصادية. اصطف الألمان مع الأميركيين، وتقرأ إيران طموحاً لدى برلين في قيادة أوروبا بالتكافل والتضامن مع واشنطن في إطار رؤية سياسية موحّدة. هذا يقود إلى استنتاج أن هناك افتراقاً بين فرنسا وألمانيا. وهذا الافتراق سيُسلّط الضوء على باريس، وما إذا كان بمقدورها مواجهة الضغوط الأميركية من أجل دفعها إلى التماثل مع الموقف الألماني، وهل ستبقى متمايزة في الفصل الأخير من المواجهة الأميركية- الإيرانية التي من الطبيعي أن تذهب فيها واشنطن إلى المدى الأبعد من الضغط على إيران، وعلى «حزب الله» بوصفه قوتها الإقليمية وحضورها المؤثر في ساحات المنطقة؟ العين على الفرنسيين، فهم الحصن الأوروبي بالنسبة لإيران! والسفارة الفرنسية في لبنان تنسج أمتن الروابط مع «الحزب»، وقنوات التعاون المتعدد الجوانب بينهما مفتوحة. وهذا مؤشر مريح له إلى الآن!.