بيروت - لبنان

3 أيار 2023 12:00ص قادة رأي علمانيّون وروحيّون فاشلون بامتياز

حجم الخط
بعد مُضيْ أكثر من شهرين على شغور مقام رئاسة الجمهورية من شاغلها علماً أنّ هذا المركز باتَ أُلعوبة بيد قادة رأي يحكمهم الفشل والرياء في مقاربته، والظاهــر أننا في أكبر أزمة سياسية لا تنحصر في فراغ مقام الرئاسة الأولى بل يمتد إلى أكبر الأزمات الاقتصادية - المالية - الاجتماعية - الخُلُقيّة يشهدها لبنان في تاريخه الحديث أي عند وصول هذه السلطة إلى مراكز القرار والمؤسف أنّ ما من أحد من اللبنانيين قادر على محاسبة هؤلاء لغاية الآن. فوضى عارمة ومصادرة كل مراكز القرار وتقاذف للمسؤوليات بين طبقة سياسية أقل من يُقال عنها أنها طبقة سياسية فاشلة حاقدة عميلة.
نحن أمام طبقة سياسية يحكمُها قلّة الضمير وهي نتيجة ضرب النظام الديمقراطي السليم، ونحن أمام سلطة تتقاعس عن القيام بأبسط واجباتها الدستورية وما ينص عليه القانون الدولي والدبلوماسية لحماية الحقوق للشعب اللبناني، البكاء وتوصيف الأمور على ما هي عليه والاجتماعات والعظات والدراسات والتنصُّل من المسؤولية لن ينفع... خريطة الطريق معروفة والمساومة على حقوق اللبنانيين والتجارة بمصالح الوطن والشعب هم بمثابة جريمة يُعاقب عليها القانون ومهما طال الزمن لن يفلِت أي واحد من هذه الطبقة من حكم القانون.
دُعينا كمركز أبحاث لحضور ندوة عن واقع الأزمة اللبنانية نظّمتها مجموعة إغترابية لبنانية والمُلفت أنها ضمّت دبلوماسيين من عواصم القرار وأبدوا قلقهم من واقع الأمور في لبنان واعتبروا أنّ المسؤولين في لبنان، رسميين وعاديين، علمانيين ورجال دين، مسؤولون عن وضع البلاد وواقعها ولبنان في حالة خطر ما دامت تلك الطبقة السياسية الحالية تتحكّم في مسار رسم سياسته، كما أنّ أغلبية الحاضرين استنكروا تقاعس هذه الطبقة وعجزها عن التصّدي لخطــر انهيار النظام اللبناني لا بل ذهبوا ليس إلى إتهام هذه الطبقة بهذا الأمر بل أعلنوا علنأ أنهم يتحمّلون كامل المسؤولية لما آلت إليه أمور الجمهورية اللبنانية.
واقع الحال يؤشر إلى أنّ الوضع القائم في لبنان سيكون كارثياً على اللبنانيين تزامناً مع سلطة عميلة تعمل لحساب الخارج إضافةً لوجود اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، والظاهر أنّ أزمة اللاجئين الفلسطينيين تُستثمر بين الحين والآخر وكان أخرها محاولة إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية بإتجاه الأراضي الإسرائيلية وتصوير اللاجئين بأنهم جماعة غير منضبطة في لبنان وبإمكان ما يُسمّى بـ«النظام السياسي اللبناني» ضبط هذا الأمر علماً أنّ هذا النظام هو الذي يُغذّي بعض الفصائل الفلسطينية المعارضة وتوجيهه وفقاً لأجندة تعمل لمصالحه وهذا أمر يُحاول بعض العقلاء معالجته مع السفارة الفلسطينية في لبنان تحت عنوان «عدم زج العامل الفلسطيني في آتون الصراعات في لبنان». كما أنّ هناك من يُحرّك النازحين السوريين لإفشال مشروع عودتهم إلى ديارهم وفقاً لما تنص عليه القوانين الدولية التي ترعى حقوق الشعوب وسلامتها من الحروب والاعتقالات التعسفية... هذان عاملان تسعى سلطة الأمر الواقع في لبنان لاستغلالهما في منظومتها السياسية التي تتغذّى خارجياً سعياً إلى خربطات على المستويات الداخلية - الإقليمية - الدولية.
إزاء ما يحصل وما يُنشر من دراسات مرفقة بمعلومات دقيقة ما هي إلّا تذكير صارخ بأنّ العمل السياسي في لبنان ليس سليماً وبالتالي هناك تقاعساً من قبل هذه السلطة عن مساءلة أحد عمّا يُرتكب من جرائم بحق الشعب، وهل يُعقل أنْ تُساءل هذه السلطة نفسها عن ممارساتها في ممارسة الزنى السياسية؟! إننا أمام سلطة تُهْمِــلْ المبادئ الأساسية التي ينبغي أن يسترشد بها أي سياسي عندما يواجه أي عمل سياسي يتنافى مع القانون اللبناني والقانون الدولي والسياسة القائمة على النظام الديمقراطي. القانون اللبناني والقانون الدولي يُحاكمون كل متطاول على القانون وكل سياسي يرتكب جرائم حرب وإنتهاكات لحقوق الإنسان. وفي مداخلة مع أحد البرامج تطرقنا بأنه لم يَعُدْ ممكناً السكوت عن حالات التقاعس الممارسة من قبل السلطة السياسية اللبنانية وخصوصاً في حالات الجرائم الحاصلة على مستوى الأداء الحالي من سرقة المال العام إلى عدم تأمين الإستشفاء والدواء والدراسة والمواصلات وتأمين الإستقرار... كلها أمور يتحمّل مسؤوليتها القادة العلمانيّون والروحيّون.
إنّ موضوع الأزمة السياسية وما يتفرّع عنها في لبنان هي من أهم المشاكل التي يُفترض معالجتها سريعًا لما يتبعها من اضطرابات وصراعات ستؤدي حتماً إلى إنهيار الجمهورية اللبنانية، وما زلنا كباحثين نُحاول العثور على علاج فعّال للأزمة اللبنانية تنطلق من الاعتراف بالواقع المرير الذي يُثبِت أنّ المسؤولية تقع على عاتق مسؤولين علمانيين وروحيين عجزوا عن إستنباط الحلول وللأسف تماهوا مع المؤامرة.
من المُسلّم به أنّ إعادة بناء النظام السياسي - الدستوري اللبناني يستلزم ضرورة أن يكون هناك رجالات دولة أتقياء وبالتالي يستلزم أيضاً أنْ يكون هناك نظام يخضع لقواعد قانونية عُليا مُلزمة والخضوع لهذه القواعد هو الحد الفاصل بين النظام السليم وما هو قائم حالياً. سؤال أطرحه بإسمي وبإسم مجموعة لبنانية كَوَتْها نار السياسة الحالية: هل هناك من سيعترف من القادة العلمانيين والروحيين بما إرتُكِب من أخطاء وما جنته هذه الأخطاء من ويلات على الشعب؟ أم سيستمّرون في تقاذف المسؤولية إلى لحظة الإنهيار التام؟ عساه يستفيق ضميرهم ويُقرّون بفشلهم الكبير القاتل.

* كاتب وباحث سياسي