بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 أيار 2024 03:21م كلام جنبلاط يزيد الصورة قتامة .. والنزوح ينذر بمزيد من التشظي الداخلي

رسائل فرنسية تحذيرية تسبق لودريان : الجنوب والرئاسة استحقاقان داهمان

حجم الخط
لم يبدد بيان سفراء "الخماسية" الذي أعقب جولاتهم على المسؤولين، الغيوم الداكنة التي تظلل الاستحقاق الرئاسي المعطل منذ ما يقارب ال18 شهراً . وليس ثمة ما يوحي بإمكانية أن يستجيب المعنيون، سيما "الثنائي" لما تضمنه هذا البيان، لجهة إجراء جولة تشاور تقود لانتخابات رئاسية، ولو على دورات متعددة، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية . إذ أن "حزب الله" يصر على حوار برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري دون غيره . ولا تخفي أوساط سياسية، اعتقادها أن حادثة مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بتحطم طائرته، من شأنها أن تؤخر أكثر فأكثر، مسألة حسم الملف الرئاسي الذي يبدو أنه سيبقى عالقاً، بانتظار اللحظة الإقليمية التي قد تفرج عنه، وإلى ما بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة . وطالما أن "حزب الله" ليس مستعداً للبحث في هذا الملف، قبل وقف حرب الاحتلال على الشعب الفلسطيني .


وإزاء الجمود الذي يتحكم بمسار الانتخابات الرئاسية، وغياب أي معطى يؤشر لإمكانية إحداث خرق في الجدار، فإن ما خلصت إليه "الخماسية"، وما يتوقع اتخاذه من خطوات جديدة، سيكون محور اللقاءات التي سيعقدها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، في زيارته المرتقبة إلى بيروت في الأيام المقبلة، في إطار الجهود الفرنسية المتواصلة من أجل حسم الملف الرئاسي بشكل نهائي . ولم تستبعد الأوساط، أن يحمل معه لودريان رسالة تحذير من مغبة استمرار الانقسامات بشأن سبل إنجاز الانتخابات الرئاسية، ما سيرتب تداعيات مقلقة على الأوضاع في لبنان، مشيرة إلى أن لودريان سيبحث مع القوى السياسية، في خطة واضحة المعالم، استناداً إلى بيان "الخماسية"، من أجل إتمام الانتخابات الرئاسية في وقت قصير .


 وتشير المعلومات في هذا الإطار، إلى أن مهمة المبعوث الفرنسي لا تقتصر فقط على الموضوع الرئاسي، وإنما سيعبر أمام من يلتقيهم عن قلق بلاده  على مصير لبنان في حال استمرت المواجهات في الجنوب، لما يشكله ذلك من خطر متزايد بشأن إمكانية حصول انفجار واسع . بعد الرد اللبناني الرمادي على مضمون الورقة الفرنسية المعدلة، والذي يعكس رفضاً ضمنياً من جانب "حزب الله" على فصل الجنوب عن غزة . وهو أمر ينظر إليه الفرنسيون بكثير من الحذر، باعتبار أن إصرار "الحزب" على هذا الأمر، قد يقود إلى قيام جيش الاحتلال بعدوان كبير على لبنان، في ظل تصاعد التهديدات، توازياً مع ارتفاع غير مسبوق في حدة العمليات العسكرية على جانبي الحدود، واستخدام أسلحة أكثر تطوراً  . ما يزيد الخشية الفرنسية والدولية من اتساع نطاقها، وخروج الوضع عن السيطرة . ولهذا فإن باريس تحاول سحب فتيل الانفجار، بالتنسيق مع الجانب الأميركي، في إطار خطوات خفض التصعيد على جانبي الحدود، ومن أجل خلق أجواء مؤاتية في مرحلة لاحقة، تساعد على إيجاد حل للمشكلات الحدودية البرية العالقة بين لبنان وإسرائيل .
وفي الوقت الذي يدرك الفرنسيون خطورة الوضع في لبنان، في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية، فإنهم أوصلوا رسائل إلى اللبنانيين، بدعوة كل طرف لتحمل مسؤولياته، في إشارة إلى ضرورة الاستجابة لمقتضيات المصلحة اللبنانية، وفي العمل على مد اليد للمساعي الفرنسية والأميركية، رفضاً للسيناريو الأسوأ، وتجنباً لحرب إقليمية قد تعصف بالمنطقة. من خلال التشديد على أن المدخل للاستقرار، يكمن في التزام القرار 1701، ولذلك فإن هناك ضرورة ماسة، لتحقيق الاستقرار من خلال نشر الجيش اللبناني وتعزيز تواجده في الجنوب، بالتنسيق مع القوات الدولية . وهذا ما سيبحثه المبعوث لودريان مع عدد من القيادات التي سيلتقيها في بيروت، ومن ضمنها وفد من "حزب الله" .
وقد رسم كلام النائب السابق وليد جنبلاط، ظلالاً ثقيلة من الشكوك، بإمكانية حصول تقدم على صعيد الملفات الداخلية، وتحديداً ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي، وزاد الصورة قتامة، بعد كلامه التشاؤمي حيال الأوضاع في المنطقة، وإشارته إلى أن الحرب الدائرة لا زالت في بدايتها، وهي مرشحة لأن تطول إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية . بالنظر إلى المعلومات التي قد يكون حصل عليها جنبلاط من جهات خارجية، على اطلاع بما يجري في المنطقة . في ظل اتساع رقعة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وما يمكن أن يتركه من انعكاسات على صعيد الجبهة الجنوبية التي تزداد اشتعالاً، في موازاة تصدر ملف النزوح واجهة الاهتمامات الداخلية، وما يثيره من انقسامات، تنذر بمزيد من التشظي الطائفي والوطني . بعد حملة قوى المعارضة على الوجود السوري غير الشرعي، والدعوة إلى إعادة النازحين إلى بلدهم .

وبالنظر إلى خطورة ملف النزوح، وما يشكله من أداة عدم استقرار داخلي، فإن لبنان الذي بدأ بتغيير جوهري في طريقة تعامله مع هذا الملف، يرى أن التمدد السوري، استناداً إلى ما قاله وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري، أصبح مصدر تهديد لوجوده، حيث الصرخة اللبنانية تتعالى من بقاء الوضع على ما هو عليه، وعدم اتخاذ إجراءات من قبل المجتمع الدولي، تساعد على إعادة النازحين إلى بلدهم . وهو ما تصر عليه المكونات المسيحية على وجه الخصوص، وتحديداً حزب "القوات اللبنانية" الذي يشكل هذا الملف شغله الشاغل، من خلال الزيارات التي يقوم بها إلى عدد من البعثات الدبلوماسية، لشرح مخاطر الوجود السوري على لبنان، وضرورة مواجهتها بكافة الوسائل قبل استفحال الأزمة أكثر .