28 نيسان 2023 12:06ص كمال اللبواني.. اِلــزَمْ حدودك

حجم الخط
كمال اللبواني، غالباً ما يفرُّ النازحـون من بيوتهم لأسباب تتشابه مع اللاجئين ( نزاعات مسلّحة - إعتداءات على حقوق الإنسان - كوارث طبيعية) لكنهم ليسوا لاجئين، فالنازحون لم يعبروا الحدود الدولية طلباً للجوء وبالتالي يَنْظُر إليهم القانون على أنهم في حماية حكومتهم حتى لو أنّ هذه الحكومة كانتْ في الأغلب السبب الذي دفعهم للفرار من بلادهم.
كمال اللبواني، هل تعلم أنّ القاعدة 131 تتخذ في حالات النزوح كل الإجراءات الممكنة ليتسنّى استقبال المدنيين المعنيين في ظروف مرضية من حيث المأوى والشروط الصحية والصحة البدنية والأمان والتغذية وعدم تفريق أفراد العائلة الواحدة؟ وهل تعلم أنّ الدول تكرِّس هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وهذه القاعدة إضافية لحق المدنيين النازحين في الحماية ذاتها كالمدنيين الآخرين، بما في ذلك الضمانات الأساسية المنصوص عنها في الفصل 32. وإعلم أنه قد اعتمدت المؤتمرات الدولية للصليب الأحمــر والهلال الأحمــر عدة قرارات تشدّد على أهمية القاعدة 13، كما استطردت المادة 14على «توفير مساعدة مناسبة للأشخاص النازحين». وهذا ما تمّ تطبيقه في الجمهورية اللبنانية.
كمال اللبواني، يتألف القانون الدولي الإنساني من مجموعة قواعد تهدف لأسباب إنسانية إلى حماية الأشخاص الذين لا يُشاركون أو كفّوا عن المشاركة بشكل مباشر في الأعمال العسكرية في أوقات النزاع، وإلى تقييد وسائل الحرب وأساليبها. ومن ثمّ يُرسي هذا القانون الحد الأدنى من معايير السلوك الإنساني التي يجب الإمتثال لها في أي حالة من حالات النزاع المسلح، وهذا ما طبقته الجمهورية اللبنانية.
كمال اللبواني، هل قرأت الإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين والنازحين ولا سيّما الفقرة /و/ والتي تنص «لا تنطبق أحكام هذه الإتفاقية على أي شخص تتوفر أسباب جدّية للإعتقاد بأنه: أ- ارتكب جريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، بالمعنى المستخدم لهذه الجرائم في الصكوك الدولية الموضوعة للنص على أحكامها بشأنها»، كما نذكركم بالمادة 2 من الإتفاقية الخاصة «إلتزامات عامة: على كل لاجىء إزاء البلد الذي يوجد فيه واجبات تفرض عليه خصوصاً أن ينصاع للقوانين وأنظمته، وأن يتقيّد بالتدابير المتخذة فيه للمحافظة على النظام العام»، وهذا ما دأبت الجمهورية اللبنانية على تطبيقه.
كمال اللبواني، هل تعلم أنّ هناك حقوق وإلتزامات الدول المعنية وأنه لهذه الدول الحق في تحديد القوانين والأنظمة السائدة بما يتوافق مع المعايير الدولية فعلى سبيل المثال تحدد الحكومات إجراءات لتقرير الوضع القانوني والحقوق لملتمسي النزوح أو اللجوء وفقاً لنظمها القانونية في حين يقتصر دور المفوضية السامية للنازحين أو اللاجئين على تقديم المشورة كجزء من ولاياتها التي تقضي بتعزيز قانون اللاجئين والنازحين، وهذا ما تحاول سلوكه الحكومة الحالية.
كمال اللبواني، هل تعلم أنه في حالة النزوح تفرض المبادئ الأخلاقية على عاتق السلطات المختصة الواجب والمسؤولية الرئيسية لإرساء الأوضاع وتهيئة السبل اللازمة التي تسمح للأشخاص النازحين بالعودة الطوعية على نحو آمن ويصون كرامتهم إلى ديارهم أو أماكن إقامتهم المعتادة أو بإعادة التوطن الطوعية في جزء آخر من البلاد، وهذا الأمر تسعى له الجمهورية اللبنانية منذ سنوات.
كمال اللبواني، هل تعلم أنّ عدد النازحين على الأراضي اللبنانية بلغ حوالي مليون وسبعماية ألف نازح سوري موزعين على الشكل التالي:
{ المنطقة: 
- البقاع: عدد النازحين حوالي خمسماية ألف نازح أي بنسبة 38%.
- جبل لبنان مع العاصمة: عدد النازحين حوالي ستماية ألف نازح أي نسبة 27%.
- الشمال مع بعلبك عكار: عدد النازحين حوالي أربعماية ألف نازح أي نسبة 28%.
- الجنوب: عدد النازحين حوالي مئتي ألف نازح أي نسبة 12%
المجموع التقريبي: حوالي مليون وسبعماية ألف نازح سوري.
كمال اللبواني، هل تعلم أنّ النازحين السوريون هم إحدى أسباب الأزمة الإقتصادية - المالية - المعيشية في لبنان وهم عنصر ضغط ساهم في تعميق تلك الأزمة، وهل تعلم أنه في العام 2022 صرفت مفوضية شؤون اللاجئين مبلغاً وقدره 534.3 مليون دولار على نازحين سوريين، كما أنّ هذا الكم من النازحين يُشكّل ضغطاً على البُنى التحتية وخدمات الكهرباء وخدمات الصرف الصحي وغيرها من الخدمات وهذه كلفة غير مباشرة على اقتصادنا اللبناني تقدّر بمليارات لا نستطيع تحمّلها، لم يَعُــد بإمكان شعبنا تحمّلها.
كمال اللبواني، أولاً - من الواجب إحترام القانون اللبناني وأن يكون النازح السوري في لبنان خاضعاً للقانون اللبناني، ومن الضرورة تنظيم وجودهم على الأراضي اللبنانية، ومن المفترض العمل على ترحيلهم نحو الداخل السوري وفقاً للضمانات الدولية. ثانياً - حق الشعب اللبناني وبعض مسؤوليه في شرفه وكرامته من الحقوق اللصيقة بالشخصية القانونية والمتفرّعة عنها أياً كانت المكانة الإجتماعية التي يحتلها أي مواطن لبناني فشرف الشعب اللبناني مواطناً عادياً أو مسؤولاً وكرامته واعتباره قيمة اجتماعية حقوقية جديرة بالحماية القانونية والتعّدي عليها يُشكّل جريمة يُعاقب عليها القانون اللبناني والقوانين الدولية. ثالثاً - كمال اللبواني، نعم نحن نُطالب المجتمع الدولي إنهاء أزمة النازحين السوريين في لبنان وعودتهم طواعية لبلادهم وعودتهم هي الحل الأمثل في أقرب وقت ممكن، وإعلم أنّ هناك مجموعات سياسية وقادة رأي ومسؤولين لبنانيين ينسقون مع المفوضية وسائر المنظمات الدولية المعنية لحل هذه المعضلة. وبالتالي عليكم حل مشاكلكم في الداخل السوري وليس عبر تصاريح إستفزازية تطال مسؤولين لبنانيين، إحترم نفسك وساهم في عودة النازحين إلى ديارهم ولا تُحاول إقحام اللبنانيين بوحول أزمتكم ومشاريعكم. كفّوا عن المتاجرة بالشعب السوري وكفّوا عن الفشل، وكفّوا عن تقاذف التهم والتبرّؤ من المسؤوليات.

* كاتب وباحث سياسي