بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 آب 2023 12:00ص لبنان عالق بين البوكمال وكوع الكحّالة .. وخوف من الاختراقات الأمنية الهادفة!

حراك إقليمي سيُفضي إلى تغيير في المعادلات وتبدُّل في الأحلاف

حجم الخط
تكثّفت، في الآونة الأخيرة، القلاقل الأمنية المتنقلة، وخصوصا في مناطق التماس الطائفي أو تلك التي انطوت على أحداث دامية تختزنها الذاكرة الجمْعية للبنانيين. ومع هذا التكثيف، زادت المخاوف من وجود غرف عمليات يتداخل فيها الخارجي بالداخلي، مولجة التحضير لموجة من الإختراقات الأمنية على شاكلة خضّات محدودة لكنها تودي إلى نتائج ذات تأثير معبّر.
قد يكون من التسرّع بمكان اعتبار الحادثتين الأمنيتين الأخيرتين في عين إبل والكحالة نتاج عمل غرف العمليات تلك (خلاف ما حصل في عين الحلوة حيث يختلط الصراع على النفوذ بالتمويل الخارجي للتخريب).
يتطلّب الأمر، مما يتطلّب، ضرورة إنتظار التحقيقات من جهة، والتحوّط لمنع الإنجرار إلى ردات فعل غرائزية ناتجة من الإحتقان والكثير من التذاكي السياسي والتلاعب الإعلامي.
لكن هذا الواقع لا ينفي إطلاقا أن مخططات التلاعب الأمني جاهزة في كل حين، وأن توظيفها في مصلحة مشاريع أو أشخاص قائم منذ زمن، وليس وليد ساعة أو ارتجال. لذا تتحرّك تلك الذاكرة الجمعية العميقة عند كل تفسّخ أمني، وتقود حامليها إلى الصور النمطية إياها التي تسببت بالحروب والفتن، منذ مقتلة الموارنة والدروز سنة 1860، إذا لم يكن قبلاً.
تكمن الخطورة في أن الذاكرة هذه أحيانا ما تكون انتقائية على قياس حامليها. بمعنى أنها تنتقي من الصور النمطية ما يؤسْطَر، فتتوهّم البطولة حتى تنتهي بمأساة جديدة تضاف إلى جملة المآسي التي ابتلى بها اللبنانيون، أو بُليوا بها. كأن لا من اعتبر ولا من يعتبرون.
تأتي هذه الاحتقانات الامنية، سواء كانت محضّرة أو إرتجالية، على وقع ما تحفل به المنطقة من التطورات والتغيّرات الجيوسياسية التي من شأنها تبديل كامل المشهد العربي والإقليمي.
1-التطبيع بين اسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين كترجمة حيّة للاتفاقيات الإبراهيمية.
2-تسارع وتيرة الحديث عن محادثات لتطبيقات مماثلة، ربما في انتظار إيجاد المخرج اللائق لحل الدولتين.
وتأتي في هذا السياق الإشارات المتلاحقة عن استعداد واشنطن لشمول الدول المعنية بمظلة نووية حامية، وتدريجيا ببرنامج نووي سلمي. فخلق نوع من التوازن الإستراتيجي مع إيران في حال بقيت الأخيرة على رفضها العودة إلى الإتفاق النووي، يريح الرياض بلا أدنى شكّ. 
3- الحديث عن استئناف سري للمحادثات النووية بين طهران وواشنطن بغية استكشاف امكان قبول القيادة الإيرانية بالوصول الى اتفاق في ما بقي من زمن لإدارة الرئيس جو بايدن، وربما تحسّبا لاعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشّح الأكثر حظا للترشح باسم الحزب الجمهوري. وتأتي في هذا الإطار الصفقة الأخيرة بالإفراج عن 5 أميركيين محتجزين في طهران في مقابل تحرير 10 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية والعراق.
4-الإعلان الإيراني عن استئناف العمل في السفارة السعودية في طهران، فيما تُرتقب زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في الأيام القليلة المقبلة. تأتي هذه الخطوة خلافا للتوقعات. ذلك أنه لا يخفى الإستياء السعودي مما تعتبره تخلّفا إيرانيا عن تنفيذ الالتزامات الواردة في اتفاق بكين، ولا سيما في اليمن.
5-دفع واشنطن بمزيد من العسكر في الخليج كرسالة واضحة المعالم إلى إيران وتخييرها بين الإتفاق والتصعيد العسكري.
6-تحريك الجيش الأميركي الوضع العسكري في الجزيرة السورية، بالتزامن مع إغلاق الحدود العراقية – السورية في البوكمال، وأحد أغراضها قطع الطريق على إيران الى المتوسط عبر بيروت، ومحاصرة سلاسل الإمداد إلى حزب الله.
7-إرجاء إعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق، كنتيجة لاتهام الرياض القيادة السورية بالتلكؤ في تنفيذ تعهدات اتفاق الانفتاح واعادة التأهيل والانخراط العربي والدولي، وأحدها مسألة تهريب الكبتاغون عبر لبنان والأردن.
تحتّم تلك الوقائع، وجلّها من النوع الثقيل تأثيرا وتغييرا في المعادلات القائمة، تبدلّا في أداء المسؤولين المحليين، ومغادرة خانة انتظار الخارج. وتفترض كذلك المسارعة إلى حوار داخلي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق معادلات موضوعية غير خشبية.