بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيلول 2022 12:00ص مأساة المهاجرين: مطالبة بحملة توعية بمشاركة دار الفتوى

أيلول وحده شهد حتى الآن 12 مركباً للهروب

حجم الخط

لم يكد الشمال وطرابلس يتجاوزان مأساة مركب الهجرة الأخير الغريق قبل أشهر في عرض البحر أو "مركب الموت"، حتى جاءت المأساة الأخيرة قرب السواحل السورية لتنبىء بأحزان أخرى مع عجز الدولة عن محاسبة المسؤولين وغرق البلاد نفسها في ما يشبه المجاعة بالنسبة الى طبقة واسعة من اللبنانيين.

الأدهى في الأمر والمؤسف أن أولئك المهاجرين يقومون بمقامرتهم الخطيرة تلك بعد دفع أموال طائلة بالنسبة إليهم وبالعملة الصعبة تتراوح بين ألفين وعشرة آلاف دولار على الرأس!

ومن شأن هذا المبلغ ان يُستثمر في مشروع جدي بدل المخاطرة تلك، لكن ما يحصل يدل على مدى الحالة المزرية لتلك الناس التي تخاطر بحياتها على رغم التجارب السابقة المأساوية على قاعدة "أنا الغريق وما خوفي من البلل". فمنهم من يستدين للسفر ومنهم من يبيع أو يرهن املاكه ومنهم من يعتمد على تحويلات اقاربه أو معارفه في الخارج.. وحتى أن البعض "قادر مادياً" الى حد ما على تصريف أموره في البلد لكن يختار المخاطرة.

أنواع التهريب

والحال ان هؤلاء المهاجرين ينقسمون الى ثلاثة أقسام. يقول متابعون مقربون من جهات رسمية إن هناك مجموعات شبابية ناقمة تخرج بأفكار الهجرة فجأة على عاتقها لتقوم بمغامرتها وتتخذها كتجارة مربحة عبر شراء المراكب وتعبئتها بثلاثة أضعاف حمولتها على قاعدة "الله الحامي". وهناك مافيات محترفة تتصل بالناس وتوصلها الى تركيا أو الى منطقة في المياه الاقليمية ويحدث ان لا يستقبل احد من "القراصنة" المهاجرين.. وهذه العمليات اكثر كلفة وتصل الى ما بين 5 و6 آلاف دولار.. ثم هناك مافيات تبعث المراكب نحو إيطاليا من دون إعلام المهاجرين بعدم وجود من يستقبلهم ومن دون إجراءات سلامة حمائية و"لايف جاكيت" وغيرها..

الجدير بالذكر هنا ان المهاجرين يتشجعون من وصول غيرهم الى ايطاليا فيقومون بتلك المغامرة علما انه حتى من يصل سالما يتعرض لإجراءات صعبة جدا ويحتجز بطريقة غير لائقة لمدة طويلة..

في أيلول الحال فقط، ضربت المراكب الرقم القياسي مع تسجيل حتى الآن، والشهر لم ينته، مغادرة 12 مركباً مليئا بما فوق قدرته على الاحتمال، أحبط الجيش اللبناني منها 5 بينما وصل آخرون الى مخيمات للاجئين وسط ظروف صعبة من صقيع وتشرد تستمر اقله لمدة عام، في الوقت الذي تاهت فيه 3 مراكب بين مالطا وايطاليا ثم اليونان وصولا الى مخيم للاجئين في تركيا!

تؤكد مصادر رسمية انه من شبه المستحيل مجابهة هذه الهجرة غير الشرعية التي تعتقد في امكانها الوصول الى ايطاليا خلال ساعتين، وهي المكان المفضل كون اليونان اكثر صرامة في مواجهة المهاجرين.

فالبحر واسع جدا شمالا بين منطقتي المدفون والعريضة على الحدود السورية بما يصل الى 100 كلم بحرا، ولا صعوبة في شراء الـ"الفلوكا" على قاعدة أنه مركب صيد ثم توضع مواعيد للإبحار سريعا سواء من البداوي أو من طرابلس وغيرهما في عرض البحر حيث لا رادارات ولا قدرة لوجستية على المنع.. في الوقت الذي تؤكد فيه مخابرات الجيش اللبناني والقوى الامنية أنها توقف كثيرين، وهذا صحيح، لكن الأمر لكي ينجح دونه صعوبات كبيرة.

عادة ما تتم العمليات من الشمال لظروف الجغرافيا وكون السواحل الجنوبية مراقبة من قبل "اليونيفيل" علما ان 3 مهاجرين عكاريين تمكنوا من النفاذ عبر مخيم الرشيدية جنوب مدينة صور، نحو ايطاليا تعلى متن قارب معظمه من الفلسطينيين!

أين "مجلس إنماء الشمال"؟

كل ذلك يعيد فتح موضوع الوضع المزري شمالا حيث بات كثيرون يتندرون على مشروع انشاء "مجلس إنماء الشمال" الذي ثبت أنه ليس سوى وعدا انتخابيا.

وفي عاصمة الشمال طرابلس التي يتحدر منها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ثمة نقمة على معظم نواب المدينة الهواة الذين يجهلون معنى وظيفة النائب ومنهم من يفتقر للثقافة وبعضهم لا يحضر أصلا الى المدينة وثمة منهم من يطرح قضايا كبرى بدلا من القضايا التي تهم المواطن، حسب هؤلاء المتابعين لشؤون طرابلس.

تدافع وجهة النظر هذه عن ميقاتي باعتبار الأمر اكبر بكثير من قدرته وهو الذي يساعد اغاثيا عبر المستوصفات والمنح المدرسية وأخيرا عبر إيصال الحد الأدنى من الكهرباء الى مضخات المياه في طرابلس من الليطاني.

وثمة وعود رسمية تتعلق بمشروع سوق الخضار ومشروع إنارة الشوارع عبر الطاقة الشمسية في معرض رشيد كرامي تمويله ودراساته موجودة.. لكن حتى المقربين من ميقاتي يقرون بأن الأمور صعبة جدا في دولة لا اموال فيها ما يمنع "هيئة انماء الشمال" و"غرفة التجارة" من التحرك.

أما بالنسبة الى موضوع الساعة وهو مأساة المهاجرين، فإن البعض من المتابعين لشؤون المدينة من خارج الطبقة السياسية، ومع اقراره بالصعوبة الشديدة في مواجهة الهجرة غير الشرعية، يدعو الى حملة توعية كبرى على مستوى كل طرابلس تشارك فيها دار الفتوى والبلدية مع مؤسسات المجتمع المدني، لوقف هجرة القوارب التي صارت مثل عملية "اليانصيب" في اكثر منطقة على ساحل المتوسط تعاني من حرمان وفق آخر استطلاعات الأمم المتحدة.

لكن كل الآراء تؤكد العجز الكامل أمام هذه الظاهرة التي يتورط فيها، حسب معارضين، أحزاب من السلطة.