بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 أيار 2023 12:00ص مجموعة الدول الخمس مجموعتان .. وباريس تغادر خيار فرنجية؟

الوفد القطري يستكشف الموقف من ترشيح عون .. و«الثنائي» غير مرتاح

حجم الخط
تهرول غالبية القوى السياسية من أجل تسقّط «كلمة سرّ» ما من العواصم المعنية بالشأن اللبناني. وتطول الانتظارات ومعها يزيد الاعتماد على الخارج وتُعدم أي محاولة محلية من أجل إنتاج حلّ بلدي يقي لبنان التجاذبات والمصالح الخارجية ويُجنّبه مزيدا من النزف السياسي والإقتصادي والتداعي الإجتماعي الآخذ في الآونة الأخيرة منحى إنحداريا بالغ الخطورة.
آخر تلك الإنتظارات، انتظاران لموقف كل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر.
1- عاد السفير وليد البخاري بموقف رسمي من انتخاب رئيس، يميل إلى عدم التدّخل لا إيجابا ولا سلبا، باعتبار أن الأمر متروك للبنانيين.
ومعروف أن العبرة السعودية بالخواتيم. فإذا مال اللبنانيون نحو الخيار الرئاسي الإصلاحي الذي يعني في ما يعني قطعا مع 30 عاما من الفساد والإفساد والإهتراء، كان لهم الدعم والغطاء ومدّ يد المساعدة. أما إذا اختاروا إمداد المنظومة العميقة بدم جديد عبر رئيس من لدنها، عليهم إذ ذاك أن يتحمّلوا المسؤولية عن خيارهم.
إنتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري عودة البخاري، ومعه فريقه السياسي الداعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. لكن من الواضح أنه لم يحصل على ما كان يبتغيه. فالقرار السعودي بالوقوف عند الضفة الرئاسية بانتظار الحسم اللبناني لا يمنح الثنائي الشيعي الغطاء الذي كان ينتظر، حتى لو التحف القرار السعودي رداء اللغة الديبلوماسية الرفيعة والمتقنة.
2 - حلّ الوفد القطري ضيفا على غالبية المعنيين بالشأن الرئاسي، حاملا تصوّرا واضحا يتناغم مع موقف كل من واشنطن والرياض والقاهرة، لا بل ينطق بلسان العواصم الثلاث من دون أن يقول ذلك صراحة. حضّ الوفد القطري، الديبلوماسي– الأمني، على الإسراع في انتخاب الرئيس قبل بداية الصيف، وانطوى بشكل واضح على استكشاف للموقف من ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون من ضمن تسوية أوحى أنها تحظى بالغطاء العربي والدولي اللازم، مع تشجيع الأطراف المعنية، وخصوصا أولئك المترددين، على الإنخراط فيها، بإعتبار أن من شأنها فتح آفاق جديدة للبنان ووضعه على سكة التعافي المالي والإقتصادي بالتوازي مع رفع الحصار عنه.
من الواضح أن المسعى القطري ينقض كليا المسار الفرنسي. فباتت المجموعة الدولية الخماسية مجموعتين موزعتين بين باريس التي لا تزال تسوّق خيار فرنجية، وكل من واشنطن والرياض والقاهرة والدوحة التي تدعم خيار عون. كما تبيّن أن إرجاء لقاء المجموعة الذي كان مقررا أن تستقبله الدوحة قبل القمة العربية في الرياض، أتى بفعل هذا الإنقسام بانتظار أن تعدّل باريس رؤيتها الرئاسية بما ينسجم مع الرفض الرباعي لخيار رئيس تيار المردة.
وثمة في هذا السياق مقاربتان للموقف الداعم لترشيح قائد الجيش:
أ - واحدة تؤكّد أنه بات خيارا نهائيا وأن المعنيين انخرطوا جديا في خطة انتخابه، وأن العمل يقوم راهنا على تأمين الضمانات الأمنية، في إشارة الى حزب الله ومسألة السلاح، قبل الإنتقال إلى الخطوات الأخرى من ضمانات سياسية وإقتصادية.
ب - وثانية تعتقد أن خياريّ فرنجية وعون باتا يحملان تلقائيا عامل الإبطال الذاتي. بمعنى أنهما نفيان سيؤديان حكما إلى إخراجهما معا من السباق الرئاسي، بما يؤمّن السلم للفرنسيين من أجل النزول عن الشجرة، وللثنائي الشيعي من أجل التكيّف مع مرحلة ما بعد ترشيح فرنجية. وهذا المسار يتيح الإنتقال إلى البحث في الإسم التوافقي، وهو ما بحث لن يطول مداه قبل أن ينتهي سريعا بانتخاب الرئيس العتيد ضمن سلة متكاملة إنقاذية – إصلاحية سياسية وإقتصادية – أمنية تتيح إرساء تسوية مستدامة يُراد لها أن تكون أبعد من مجرد ست سنوات مقبلة، بحيث تنتفي تدريجا العوامل التي جعلت لبنان منذ سنة 2005 (خروج الوصاية السورية التي كانت تدير الشأن اللبناني) يدخل أتون سلسلة من الأزمات السياسية أوصلته إلى حافة الإنهيار والتحلّل.

الانخراط الأميركي المباشر بالانتخاب الرئاسي يتقاطع مع مواصفات ويستبعد خيارات

ولا يُسقط في هذا السياق التدخّل الأميركي الجدّي في المسار الرئاسي بعد طول ابتعاد. وثمة من يعتقد أن الكتاب الذي بعث به إلى الرئيس جو بايدن كلّ من رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوري روبرت مانديز والعضو الديمقراطي البارز في اللجنة جايمس ريتش، أطلق شرارة العودة الأميركية. إذ حمّل بين سطوره الإدارة بموقفها اللامبالي أو المغطّي للمسعى الفرنسي، مسؤولية انتخاب مرشّح حزب الله، مع تصويب مباشر أول من نوعه على رئيس مجلس النواب نبيه بري واتهامه حصرا بتحييد واستبعاد «المرشحين الذين يتمتعون بدعم أوسع وأكثر استعدادًا لمواجهة تحديات لبنان العديدة».
استجلبت رسالة مانديز وريتش بيانا عاجلا لوزارة الخارجية أتى بمثابة إعلان إنخراط مباشر في الشأن الرئاسي من باب تحديد المواصفات، التي اختصرتها بـ«رئيس خالٍ من الفساد، قادر على توحيد البلاد، ملتزم الشفافية والمساءلة، يضع مصالح الشعب اللبناني أولاً، يتحرك نحو الوحدة الوطنية، وينفّذ إصلاحات اقتصادية هامة ودقيقة، وعلى رأسها تلك الإصلاحات المطلوبة لتأمين برنامج مع صندوق النقد الدولي».
ولا يحتاج هذا الموقف كثير جهد واجتهاد من أجل ترجمته رفضا لخيار فرنجية، وتقاطعا مع المواصفات السعودية الداعية إلى رئيس وطاقم حكومي خاليين من أي فساد سياسي ومالي.