بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 آذار 2020 08:09ص لبنان أمام فرصة إضافية لإنجاز خطة الإنقاذ العتيدة بفعل انشغال العالم بمواجهة «كورونا» أولاً

حجم الخط
طغت مشكلة فيروس «كورونا» على الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان منذ أشهر عديدة بعد ان تحول هذا الفيروس إلى وباء عالمي واسع الانتشار وأصبح الانشغال بتطويقه والقضاء عليه يطغى كذلك على اهتمامات الدول المؤثرة والفاعلة في العالم، فيما بات الاهتمام بالقضايا والمشاكل الأخرى ثانوياً أو حتى معدوماً.

ولذلك، لوحظ انه منذ تسرّب هذا الفيروس إلى لبنان قبل أسابيع معدودة، استحوذ على الاهتمام الحكومي والشعبي أكثر من مشكلة الأزمة المالية والاقتصادية التي يُعاني منها لبنان أساساً، لأنه لم يعد بالإمكان تجاوزه أو تأجيل معالجته إلى وقت آخر، في حين فرض انتشاره ولو بشكل محدود والآليات الحكومية والضوابط المفروضة لتطويقه ومنع تفاقمه سلسلة تداعيات سلبية إضافية على الواقع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في لبنان.

ويرى خبير اقتصادي ومالي بارز ان مشكلة تسرَّب فيروس «كورونا» إلى لبنان زادت كثيراً من المشاكل والأعباء على المرتكزات الاقتصادية بسبب الشلل والانقطاع التلقائي عن التواصل مع العالم الخارجي وتوقف القطاعات التجارية والسياحية والخدمات جزئياً أو بشكل شبه كلي نتيجة إجراءات العزل الاجباري وإجراءات منع التجمعات السكانية في أي مناسبة أو دائرة من الدوائر والاماكن التي كانت تجمع النّاس، بالعمل أو السياحة أو التجارة أو الترفيه وغيرها من الأمكنة.

هذا الواقع المستجد بفعل الإجراءات الاستثنائية والضرورية المفروضة سيؤدي حتماً إلى تبدلات في مكونات الموازنة العامة التي باشرت الحكومة البناء عليها للصرف على أساسها، وفي وضع خطة الانقاذ المقترحة التي وعدت بتقديمها منذ أسابيع لمعالجة المشكلة المالية والاقتصادية، لعرضها ومناقشتها مع مسؤولي الهيئات والصناديق المالية الدولية ولا سيما منها صندوق النقد الدولي، برغم كل الأصوات والتصريحات الداعية من جهات حزبية وسياسية لتفادي عرض هذه الخطة والاتفاق مع الصندوق بخصوص الحلول المطروحة لحل المشكلة التي يُعاني منها لبنان.

الاهتمام العالمي الواسع بمواجهة كورونا أعطى الحكومة فرصة لإنجاز خطتها الاقتصادية لكن التردد والارتباك قد يُضيعانها


ويعتبر الخبير المذكور ان المتغيّرات التي فرضها تسرب فيروس «كورونا» إلى لبنان اضافت مشاكل جديدة تثقل كاهل الاقتصاد اللبناني غير تلك التي هي موجودة بالاساس لأن كل شيء تغيّر فجأة لجهة واردات الموازنة التي ستتدنى بنسبة غير معلومة بسبب تناقص المداخيل الجمركية بفعل تراجع الحركة التجارية عموماً وتعثر تحصيل الرسوم والضرائب بسبب الأزمة الاقتصادية بداية والآن بفعل إجراءات العزل والحماية التي فرضتها الحكومة لحماية المواطنين من التقاط الفيروس، فيما رتبت تدابير مكافحة الفيروس والقرارات الحكومية المتخذة بهذا الخصوص أعباء ومصاريف اضافية على الموازنة لم تكن ملحوظة من قبل.

ومن وجهة نظر الخبير المذكور ان هذه المتغيّرات الطارئة ستوجب حتماً اجراء تغييرات ملحوظة في مشروع خطة الانقاذ الحكومية التي وعد رئيسها بانجازها قريباً لأن بعض المكونات السابقة لهذه الخطة لم تعد ممكنة، ولا بدّ من وضع تعديلات عليها استناداً إلى المتغيّرات في الواردات والمصاريف المستجدة، وهي ستشكل بالطبع مشاكل إضافية وارباكات على الخطة التي ستأخذ مزيداً من الدراسة الدقيقة والتأني لوضعها في صيغة مقبولة للنقاش وايجاد الحلول المطلوبة على أساسها، لأن مشروع الصيغة القديمة لم يعد يتطابق مع الواقع الحالي بتاتاً.

ويشير الخبير الاقتصادي والمالي البارز إلى ان مشكلة «كورونا» بالرغم من انها حجبت الاهتمام ظرفياً عن واقع الأزمة المالية والاقتصادية الحالية وأعطت الحكومة مزيداً من الوقت لإنجاز ملفاتها وخطتها للانقاذ الاقتصادي، قبل عرضها على الدول الصديقة وصندوق النقد الدولي تحديداً، إلا انها اضافت أعباء جديدة وتسببت بمشاكل مالية واقتصادية غير متوقعة على الواقع الاقتصادي، ما يزيد الوضع صعوبة أكثر من السابق ويربك الحكومة في وضع خطتها العتيدة والتي ستأخذ حيزاً كبيراً من الأخذ والرد واستطلاع الآراء قبل وضع الخلاصات المطلوبة فيها.

وقد يكون الاهتمام العالمي النطاق بمواجهة انتشار فيروس «كورونا» أعطى الحكومة اللبنانية فرصة إضافية للانكباب على إنجاز خطتها للمعالجة الاقتصادية والمالية مع الجهات المالية الدولية، ومن حظها إذا احسنت استغلال هذه الفرصة الفريدة والمهمة، ولكن إذا بقي التردد والارتباك قائماً وغياب التعاطي السياسي المسؤول مستمراً على النحو الذي شاهده اللبنانيون، فإن هذه الفرصة، لن تقدّم أو تؤخّر في التعثر الحكومي الحاصل لوضع الخطط اللازمة واتخاذ القرارات الحكومية الصائبة في الوقت المناسب لإيجاد الحلول اللازمة الاقتصادية والمالية الصعبة، بل قد تزيد الأمور تعقيداً والأزمة استفحالاً أكثر من السابق، وهذا ما يخشاه اللبنانيون جرّاء الأداء السلطوي والحكومي المترهل.