بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 حزيران 2021 07:31ص مطلوب تجربة فؤاد شهاب

حجم الخط
يجب ان تقف مهزلة تشكيل الحكومة، كل دول العالم اصبحت على علم بما يجري وطلبنا منها العون والمساعدة، ولكن الأمور عالقة تدور في حلقة مفرغة! فرنسا قدمت مشروع حل وجاء رئيس الجمهورية الفرنسية مرتين والتقى بكل القوى السياسية المعطلة وغير المعطلة، والكل وعدوا ولكن ما زلنا في الحلقة المفرغة. 

سعد الحريري يمضي معظم وقته في الإمارات وزار مصر وشرح، تجاوبت مصر وجربت وارسلت وزير خارجيتها ليلتقي بكل القوى ولكن ما زلنا في الحلقة المفرغة! 

الولايات المتحدة الأميركية تتقدم خطوة وتتراجع خطوة! وما نزال في مكاننا. الدول الأوروبية هددت باتخاذ عقوبات بحق المعطلين، هددت ولم تفعل! وما زلنا ندور في الحلقة المفرغة. والمانيا تدخلت، وجامعة الدول العربية تدخلت وأدانت المعطلين، وما زلنا ندور في المكان نفسه، وفي هذه الأثناء تزيد الأزمة حدة على الصعيد المعيشي والمالي والاقتصادي والإستشفائي والتعليمي، و... و... 

دول كثيرة في العالم جابهت مثل مشكلتنا ولكن بحدة اقل، نحن على اعلى حدة ولسنا نحن وحدنا من يستغيث، كل دول العالم وهيئات العالم المالية والاقتصادية تحذر وتنبه وليس هناك من يبالي! 

هتلر وموسوليني حلت هزيمتهما بالحرب العالمية الثانية ازمة ايطاليا والمانيا، ولكن دولاً كانت في مثل مشكلتنا وكان الحل، الحل بِبَطَل. 

فرنسا في الحرب العالمية الثانية وفي الجزائر جابهت تحديات خطيرة انقذها منها الجنرال ديغول. 

ليس لدينا ديغول، وفؤاد شهاب رحل ولم نجد شبيهاً أو بديلاً له، ديغول، تمرد الجنرالات الفرنسيين على ديغول في انقلاب، فأطلّ على الجيش والشعب الفرنسي من الإذاعة والتلفزيون ليقول: «أنا الجنرال شارل ديغول ادعو الجنود والضباط لعدم الإنصياع للضباط المتمردين وعدم الخضوع لهم ومتابعة تعليماتي لأنها في مصلحة فرنسا». وكانت ساعات إنفكّ الجيش على الضباط المتمردين وأعلن ولاءه للجنرال ديغول ونزل الشعب الفرنسي الى الشوارع يعلن ولاءه للجنرال ديغول، فحلّ ديغول البرلمان واجرى انتخابات نزيهة فإذا 80% من البرلمان مع ديغول. 

ليس لدينا ديغول، كان لدينا فؤاد شهاب وبنى لنا دولة عصرية، وبمجرد ان انتهت ولايته الثانية ايام شارل حلو انتخبنا «مزيارة» ونزلنا هدماً بالدولة العصرية التي بناها فؤاد شهاب. ثم جاء اتفاق القاهرة الذي جرّ الى حرب اهلية، ظهر بشير الجميل وكادت الحرب الأهلية تنتهي وانتظمت الدولة، ولكن بشير اغتيل، ثم أخذوا يقتلونه مجدداً كل يوم بعد اغتياله! 

كتب سمير عطاالله منذ ايام، وهو الكاتب العبقري، يقارن بين شارل ديغول الذي أنقذ فرنسا وساركوزي الذي لا يكاد يخرج من السجن ليعود اليه ولا ينتهي تحقيق حتى يبدأ تحقيق آخر في فساده! 

لدينا في لبنان طبقة سياسية كلها من السركوزيين الذين يلهثون خلف السلطة لينهبوا اموالها ويخربوا كل مؤسسات الدولة، وليس لدينا فؤاد شهاب تركض السلطة خلفه وهو يهرب منها! فؤاد شهاب استقال بعد سنتين من انتخابه، بعد ان رسم خيوط الدولة العصرية وفرض الأمن والاستقرار ونظم انتخابات نيابية نزيهة وبعد ذلك قدم استقالته، ولكن الجيش والشعب هبّا يطالبانه بالرجوع عن الاستقالة وزحف كل رجال لبنان الى صربا ليحرقوا كتاب استقالته. 

نبحث عن الرجال الذين تسعى السلطة اليهم وليس الرجال الذين يستولون على السلطة بالوسائل المسيئة للبلد، والمتمسكون بالسلطة والذين نهبوا من الكهرباء وحدها 65 مليار دولار، وليس في لبنان كهرباء... 

المشكلة التي ادت الى انهيار لبنان تحتاج الى علاج خاص ومر! ولكن الأمراض الخطيرة بحاجة الى معالجة خطيرة! 

اقتراح الرئيس الفرزلي بأن يَقلَع الجيش الطبقة الحاكمة ويستولي على السلطة لأربعة اشهر، ليست الفكرة تسليم الجيش السلطة وتغيير النظام البرلماني الى نظام عسكري بل الإستعانة لأربعة اشهر بالمؤسسة الوحيدة التي ما تزال سالمة، تتولى اقتلاع سلطة الفساد وتمارس السلطة اربعة اشهر تجري بعدها انتخابات نزيهة، وتأتي الإنتخابات النزيهة بطبقة سياسية جديدة تسعى السلطة اليها ولا تسعى هي لنهب السلطة وتُصالحنا مع كل دول العالم وتُخرجنا من عزلتنا وتقدم لنا المؤسسات الدولية كما والدول الكبرى الصديقة المساعدات لنعيد لبنان احسن مما كان عليه حتى ايام فؤاد شهاب. 

مشكلتنا مع النازية والفاشستية الحاكمة، ولبنان من الأمم العظيمة عاشقة الحرية والعلم وكلما كان العشق كبيراً كبرت الأمة وكلما كان عشقها صغيراً صغرت الأمة، والطبقة الحاكمة اصطناعية، عشقها لنفسها ولمالها ولنهبها وليس عشقها لبنان، تعالوا الى المؤسسة التي بقيت سالمة لتعيد الينا عشقنا للحرية وتُخرج الموظفين والمستشارين من عند «ابو الجميع» الذين يأكلون ويشربون ويقبضون راتبهم مضاعفاً اضعافاً! 

ان معجون الأسنان يخرج من الأنبوب بالضغط عليه ولكن اي ضغط لا يستطيع اعادة المعجون الذي خرج الى الأنبوب مرة أخرى. معركة الفاسدين مستحيلة عليهم لأنهم لن يستطيعوا اعادة المعجون الذي خرج.

مطلوب تجربة فؤاد شهاب اختصاصي بالأذن والعين، فنحن نسمع شيئاً ونرى شيئاً آخر، حان الأوان لأن نرى ما نسمع. حان وقت تجربة فؤاد شهاب. 

اربعة اشهر بحكم عسكري، ثم انتخابات نيابية نزيهة، ثم طبقة سياسية جديدة نزيهة علمية وطنية نابعة من قلب الشعب ومن عذابه ومن ضميره. 

منذ أن حصل لبنان على استقلاله في نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو لا يعرف الى اين يذهب، ومع من يذهب، ولا يعرف من يتزوّج، ومن يطلّق، ولا يعرف اذا كان حاملاً ام عاقراً، ولا يعرف على وجه التحديد اذا كان ذكراً أم أنثى. 

نحن ضائعو الهوية، لا ننتمي الى أحد، ولا الى شيء، ولا إلى انفسنا. 

اننا بكل أسف شعب المصادفات التاريخية، فبالمصادفة نُحبّ، وبالمصادفة نكره، وبالمصادفة نتّحد، وبالمصادفة ننفصل، وبالمصادفة ندخل الحروب، وبالمصادفة نخرج منها، وبالمصادفة نولد، وبالمصادفة نموت، نحن اصدقاء الريح تَعَلَّمنا منها التذبذب، وعدم الثبات، ونحن اصدقاء الموج، تعلمنا منه التناقض والإنفعال.

التصادم بين لبنان الذي يريد ان يغيّر الذي هو فيه، ولبنان الذي لا يريد أن يتغير، تصادم بين المطرقة وبين الحجر. 

ان الطبقة السياسية الحاكمة لا يقرؤون ولا يكتبون، يلتقطون ذباب المقاهي في موج قهوتهم. 

اتهمنا الإستعمار الفرنسي بالكفر فلما تحررنا منه كنا على انفسنا اشد كفراً، حاربنا الفكر البوليسي فلما اتيح لنا ان نحكم كنا اشد بوليسية من كل بواليس العالم. 

منذ ثلاثين عاماً ولبنان حلقة تجارب لكل مشاكل الشرق. فقد بدأت الحرب فلسطينية - مسيحية، ثم تحولت الى سورية - مسيحية، ثم الى اسلامية - مسيحية ثم سنية - شيعية ثم الى سورية - فلسطينية فإلى شيعية - شيعية، فإلى مسيحية - مسيحية، فإلى فلسطينية - فلسطينية فإلى سنية - شيعية الى ايرانية، والدولاب يدور... 

الحلّ ولا حلّ غيره هو العودة الى حكم فؤاد شهاب عن طريق فترة انتقالية لأربعة اشهر يحكم فيها تلاميذ فؤاد شهاب ويجرون الإنتخابات وتأتي طبقة جديدة ونخرج من جهنّم التي نتخبّط فيها... هذا هو الحلّ ولا حلّ غيره.