بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 تموز 2019 06:03ص مقاربات بحجج مختلفة حول طائفية الوظيفة الرسمية يحسمها المجلس

طَلَبْ عون من البرلمان تفسير المادة 95 من الدستور سَحَبَ فتيل التوتُّر

حجم الخط

رئيس الجمهورية سيوجّه رسالته بالطرق والآلية القانونية والدستورية المتبعة من دون ربطها بالتوقيع على الموازنة

تراكمت المشكلات خلال الشهر الماضي دفعة واحدة مطبوعة بطوابع امنية وسياسية ودستورية وميثاقية، فتحت ندوبا كبيرة في جسد الحكم مشتركا بكل مكوناته، وكادت أن تسفر عن نتائج بالغة السلبية لولا تدارك نتائجها في اللحظات الاخيرة، كمثل التوصل الى «وقف اطلاق نار» امني في الجبل، ووقف اطلاق نار سياسي بين بعض المكونات السياسية ولو استمر بين مكونات اخرى، على خلفية احداث قبر شمون- البساتين، وهو ما وصفه احد النواب المعارضين لأداء «التيار الوطني الحر» بـ «قلوب مليانة نتيجة الاداء السياسي الخاطىء»، فيما تصفه اوساط التيار انه ناتج «عن رغبة البعض في مواصلة الاداء ذاته منذ البدء بالتنفيذ الخاطىء لاتفاق الطائف للسيطرة على الحكم والسلطة».

وطالما ان الشيء بالشيء يُذكر، فإن موضوع التقيد بنصوص وروحية اتفاق الطائف، بدا من خلال الممارسات المستجدة خلال السنوات الست الماضية انه لا زال يُشكل نوعامن ربط النزاع بين الاطراف السياسية، على خلفية تفسير بعض المواد الدستورية، وممارسة او تنفيذ بعض المواد الاخرى، وقد تبدّى ذلك في اعتراض «التيار الحر» على البند 80 من قانون الموازنة التي نصت على حفظ حق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية بالتوظيف ولو بعد مرور مهلة السنتين القانونية لتوظيفهم. وقد اثار هذا الاعراض إشكالية سياسية ودستورية تبعا لتفسير متناقض لدى مؤيدي تطبيق المادة ومعارضيها ولكل حجته الدستورية والسياسية والميثاقية.

وحسناً فعل رئيس الجمهورية ميشال عون بتأكيد رغبته بتوقيع قانون الموازنة وعدم تجميده بسبب هذا الخلاف على المادة 80، مع حفظ حقه في «التدقيق الدستوري» بالمادة 95 الدستورية التي تنص على الغاء الطائفية في الوظيفة العامة وتحدد آلية لهذا الالغاء، وهو ما كان موضع خلاف دستوري وسياسي. . فيما ينص البند «ح» من مقدمة الدستور على ان «إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية»، وهو ما لم يتحقق ايضا. لكن الرئيس عون سحب عبر قراره توجيه الرسالة الى المجلس فتيل التوتر السياسي والسجال البيزنطي ووضع الامور في نصابها القانوني والدستوري بهدف التوصل الى حل للمادة 80 من الموازنة. 

واذا كان رئيس المجلس نبيه بري يؤكد مرارا ان المجلس النيابي هو وحده المخوّل تفسير الدستور، فإن رئيس الجمهورية نزل بشكل مباشر عند هذه الرغبة عبر الرغبة بتوجيه الرسالة الى المجلس النيابي يطالبه بتوضيح  المادة 95 من الدستور، ليبني على الشيء مقتضاه لاحقا في  مقاربة توظيف الناجحين في مجلس الخدمة المدنية واغلبهم من الطوائف المحمدية، وهو ما اعترض عليه «التيار الحر» واوقف قرار توظيفهم بعدم توقيع مراسيمهم بحجة عدم تحقق التوازن الطائفي، فيما اعترض رئيس الحكومة سعد الحريري بالمقابل على امتحانات الكتاب العدول وتعيينات مديرية الجمارك التي فازت فيها اغلبية مسيحية بحجة فقدان التوازن الطائفي ايضا.

وذكرت مصادر رسمية مطلعة على موقف الرئيس عون انه سيوجه الرسالة لاحقا الى المجلس النيابي بالطرق القانونية والالية المعتمدة، لكن من دون ربط توقيت توجيهها بالتوقيع على قانون الموازنة، واوضحت المصادر ان طرح الرئيس يقوم على ضرورة تفسير المادة التي لم يجرِ تطبيقها بعد، وضرورة فتح النقاش حولها في البرلمان الذي يضم كل القوى السياسية، لأن هذه القوى تستند الى هذه المادة في تبريرها للتعيينات الادارية التي قامت بها طيلة السنوات الماضية مع انها مادة غير مطبقة، ويبدو ان ظروف تطبيقها لم تكن ناضجة بعد خلال الفترة الماضية فوجب الان البحث في تطبيقها او توضيح المقصدمنها.

إلا ان  «التيار الوطني الحر» يعتبر ان المادة 95 واضحة بالنص ولا تقبل الاجتهاد، لجهة اعتماد طائفية الوظيفة في الفئة الاولى فقط لكن «بعد تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية ووضع مرحلة انتقالية لذلك»، لكن لم تتشكل الهيئة ولم توضع الالية، لذلك هو يصر على المناصفة في كل الوظائف الرسمية ومن كل الفئات وصولا الى مأموري الاحراج الى حين البدء بتطبيق هذه المادة الدستورية.

وهنا تشير مصادر رسمية الى ان البند الثاني من المادة 95 ينص على انه في المرحلة الانتقالية بعد تشكيل هيئة الغاء الطائفية، يجري:

« أ- تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكیل الوزارة.

ب- تلغى قاعدة التمثیل الطائفي ویعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكریة والأمنیة والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضیات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى فیها وفي ما یعادل الفئة الأولى فیها، وتكون هذه الوظائف مناصفة بین المسیحیین والمسلمین دون تخصیص أیة وظیفة لأیة طائفة مع التقید بمبدأي الاختصاص والكفاءة».

واوضحت المصادر ان عبارة «وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني» الواردة في النص الدستوري، هي تعبير مخفف او محبب او ملطّف لتحقيق المناصفة والتوازن بين الطوائف في الوظائف والمؤسسات العامة والقضاء...، اي ما يعني بالدارج «قاعدة ستة وستة مكرر» وهي التي طالما جرى تطبيقها في عهودمختلفة قبل وبعد اتفاق الطائف.

   لكن بعض المعارضين لطرح التيار يؤكدون ان هناك مواد اخرى في الدستور لا تنص على طائفية وظائف الفئات ما بعد الاولى، ومنها المادة 12، التي تقول: «لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة ولا ميزة لأحد على الآخر إلا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينص عليها القانون.وسيوضع نظام خاص يضمن حقوق الموظفين في الدوائر التي ينتمون إليها». وهو التفسير الذي  يرفضه مؤيدو بحث المادة 95 بالقول: ان المادة 12 تتحدث عن معايير الكفاءة والجدارة ولا تتحدث عن التوازن الطائفي، المفروض اتباعه لحين تطبيق المادة 95.