18 تشرين الثاني 2023 12:01ص ميقاتي متردِّد لأمرين.. والاستعجال ينطوي على إهمالٍ لإستحقاق انتخاب الرئيس

حزب الله غير متحمِّس لتأجيل التسريح لكنه لا يريد الإصطدام بقائد الجيش

حجم الخط
اختار حزب الله إرجاء الخلاف المنتظر على خلفية رغبة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون، فاستجاب ميقاتي وتراجع موقتا ومرحليا، مبررا الأمر برغبته في الوصول الى توافق، وهو الذي يعلم تمام العلم أن التوافق مستحيل بفعل الموقف المعارض الذي يشهره التيار الوطني الحر.
ما أثار الريبة استعجال هذه المسألة، وتحديدا قرار تأجيل التسريح، فيما الوقت لا يزال متاحا لكل الخيارات، كأن ثمّة من صار جازما باستحالة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فبات يستبق المهل والوقت من أجل تحقيق انتصارات وهمية تصفية حسابات.
وصار شائعا أن ميقاتي استند إلى دراستين أعدهما كل من الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية والقاضي هاني حلمي النجار، حدّدتا الخيارات المتاحة من أجل معالجة أو تفادي الشغور في قيادة الجيش.
معلوم أن رئيس حكومة تصريف الأعمال أعلم زواره بداية الأسبوع أن حزب الله أبلغه بعدم ممانعته التمديد لقائد الجيش أو تأجيل تسريحه. وهو بنى على هذا الموقف ساعيا إلى تمرير القرار هذا الأسبوع. وتولى مقربون منه تسويق هذا الأمر سياسيا وإعلاميا، حتى تصدّر الصحف عنوان يكاد يكون مشتركا ومصدره معروف وموثّق، فيه جزم بأن التمديد حاصل في جلسة الخميس.
ما حصل أن ميقاتي تحمّس لخيار التمديد بعد انفضاض اجتماعه بالمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسن خليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل. وقرّر أن يطرح المسألة في أقرب جلسة للحكومة، هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل حداً أقصى. هو ارتكز بشكل أساس على موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وكتلتي القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، معطوفا على الاستنتاج الذي خرج به من الاجتماع بالخليلين.
غير أن أمرين استجدّا أوقفا اندفاعة ميقاتي:
1-استشارة تلقاها من شخصية قانونية لها باع في العمل مع المؤسسة العسكرية، نصحته بعدم إهمال موقع وزير الدفاع الوطني موريس سليم وصرف النظر عن أي تمديد أو تأجيل للتسريح لا يمرّ حكما عبر هذا الموقع، توافقا مع الدستور ووثيقة الوفاق الوطني في الطائف ومع الصلاحيات المناطة بالوزير. وأتت لافتة بدعة استحضار وزير البيئة ناصر ياسين لكي يقترح تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون بصفته منسقا لخطة الطوارئ.
كما أن تأجيل التسريح بمرسوم هو غير شرعي لأن قرار الوزير يحتاج الى اقتراح قائد الجيش ولا يمكن لصاحب المصلحة الاقتراح لنفسه، استنادا إلى قرار لمجلس شورى الدولة صادر سنة ٢٠١٥. وذهبت النصيحة القانونية حدّ تنبيهه من مغبة التعرّض إلى المساءلة القضائية من جانب أي متضرّر، سواء كان فردا أو ضابطا في الجيش أو جهة معنية، في حال ذهب عكس هذا الاتجاه الدستوري والقانوني. هذا إلى جانب أن أي قرار منقوص قانونيا سيعرّض المؤسسة العسكرية لخضة يتحمّل رئيس الحكومة مسؤوليتها ويضرب الهيكلية والتراتبية خصوصا أن ضباط قادة سيعتبرون أنفسهم متضررين نتيجة حرمانهم من طموح الترقية.
وثمة رأي قانوني يقوم على أن التمديد لشخص هو تشريع محاباة، أي على قياس الشخص وفاقد لمبدأ شمولية التشريع، وتاليا هو غير شرعي وعرضة لإبطاله قضائيا أمام مجلس شورى الدولة كما فعل العميد المتقاعد حميد اسكندر حين تقدم سنة ٢٠١٥ بمراجعة أمام المجلس، طلب فيها إبطال التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي فصدر القرار لمصلحته سنة ٢٠١٨.
2-تلمّسه أن الحزب غير راغب بالتمديد أو تاجيل التسريح. إذ إن الأيام الأخيرة أظهرت أنه يعارض هذا الإتجاه، لكنه في الوقت عينه يتحاشى أو يتجنّب خوض معركة سياسية وإعلامية ضد هذا الخيار. لذا فضّل البقاء خلف موقف التيار الرافض، بما يؤمّن له ما يريده من غير أن يُضطرّ إلى الإصطدام بقائد الجيش في ما تبقى من ولايته التي تنتهي في 10 كانون الثاني 2024.
يبقى أن التسويق بأن الولايات المتحدة الأميركية وعدداً من الدول المانحة ستوقف مساعداتها إلى الجيش في حال خروج العماد عون، لا يستقيم باعتبار أنها تدعم المؤسسة، ولم يكن قادة الجيش يوما في خندق معاد لها.