بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيار 2024 12:00ص ميناء غزة المؤقّت: هل ذاب الثلج وظهر المرج؟!

حجم الخط
قطاع غزة عبارة عن سجن كبير لأهاليه، منافذه الجويّة والبحرية والبريّة، إما مُدمّرة أو مُعطّلة أو مُحاصرة!
للعلم، فقد افتتح الرئيس الأميركي بيل كلينتون والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات مطار غزة الدولي عام 1998 في رفح بقطاع غزة. وقد دمّرت الغارات الجوية الإسرائيلية محطة الرادار وبرج المراقبة في كانون الأول 2001، وجرفت الجرافات المدرج في كانون الثاني 2002. وقد أدّى تدميره إلى جعل مطار غوش قطيف المدرج الوحيد الصالح للخدمة في غزة، وهو مهبط صغير يبعد حوالي 3.2 كلم عن مدينة خان يونس وبالقرب من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وقد تمّ هجره في عام 2004.
وللعلم أيضاً، فإن في غزة ميناء صغير يقع بالقرب من منطقة الرمال، وهو الميناء الرئيسي لقوارب الصيد الفلسطينية، ويخضع للحصار الإسرائيلي منذ العام 2007.
أما المعابر البريّة فهي معبر رفح بين مصر وقطاع غزة، ومعبر إيرز ومعبر المنطار (أغلق عام 2011) بين إسرائيل وقطاع غزة، ومعبر كرم أبو سالم على تقاطع الحدود بين قطاع غزة ومصر وإسرائيل.
وفي الوقت الذي لا تسمح فيه إسرائيل بدخول شاحنات المساعدات عبر المعابر البريّة، نجدها رحّبت بخطة أميركية أعلنها الرئيس بايدن لبناء «ميناء مؤقت» (أو رصيف عائم مؤقت) على ساحل غزة، لتوصيل المساعدات الإنسانية عن طريق البحر.
ولأن تاريخنا مليء بخداع وخديعة الغرب، وتآمر إسرائيل، تساءل العارفون بخفايا الأمور عن ماذا تُخفي المُبادرة هذه المرّة؟
تُشير التقديرات إلى أن الجهود التي ستُبذل على مدى عدة أشهر مُكلفة للغاية، وربما تصل تكلفة إنشاء الرصيف العائم إلى ما لا يقلّ عن 320 مليون دولار، فما هو سبب هذا السخاء؟!
وماذا نستنتج من تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالنت خلال جولة تفقّدية على شاطئ غزة حيث يُفترض أن يقام الميناء الأميركي العائم، حين قال إن إسرائيل ستضمن أن المساعدات التي ستصل عن طريق البحر إلى قطاع غزة لن تصل إلى حركة حماس، بل «ستُسرّع انهيارها».
ظاهر هذه المبادرة هو البُعد الإنساني، حيث تهدف إلى إيصال المساعدات الإغاثية والطبيّة إلى قطاع غزة، فما هي الأهداف الخفيّة؟ هل من بينها تشجيع هجرة الفلسطينيين طوعاً، وإلغاء دور معبر رفح البري على الحدود مع مصر نهائياً، وإيجاد موطيء قدم دائم للسلطات الأمنية الإسرائيلية في القطاع، وربما إلغاء دور الأونروا أو تحجيمه؟
وقد أعلن البنتاغون الأميركي مؤخراً عن اكتمال إنشاء 50% من الرصيف البحري في غزة، فهل ستتزامن انتهاء أعمال الرصيف مع الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح حتى لا يجد أهل غزة بُدّاً من ركوب البحر إلى إفريقيا التي تمّت رشوة بعض دولها لقبولهم كلاجئين، وذلك بتمويل عربي وأممي، وإدارة أميركية!
وها هو رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نتنياهو يُبدي عزمه على إخلاء رفح وتهجير أهلها إلى «منطقة المواصي» على ساحل غزة، وهي منطقة زراعية مهملة بالكاد تكفي سكانها وغير مؤهّلة على الاطلاق لاستقبال النازحين من رفح، علماً أن الرصيف البحري المؤقت يتمّ بناؤه في «منطقة الرمال» على بُعد حوالي 36 كلم منها (عبر طريق صلاح الدين)، فهل هي مجرد مصادفة؟!
وتحضرني هنا ذكرى خروج المقاتلين الفلسطينيين من مرفأ بيروت في آب 1982 وعلى رأسهم أبو عمار.. فهل سنعيش سيناريو خروج المقاتلين الفلسطينيين إلى المنفى عبر الرصيف المستحدث على ساحل غزة؟!
المؤمن الحقّ لا يُلدغ من الجحر نفسه مرتين... وها نحن نُلدغ مثنى وثلاث ورباع!