14 حزيران 2023 12:00ص نـوّاب الأمّـــة: كفى بالله عليكم

حجم الخط
نوّاب الأمّة: في القانون مجلس النوّاب هو السلطة التشريعية التي تقوم بموجب قانون إنتخابي ديمقراطي يُعبِّر عن طموحات الشعب بطريقة ديمقراطية من خلال إنتخابات تحصل تباعاً لا يشوبها أي شائبة. وفي البلدان المتحضرّة قوة مجلس النوّاب تكمن في سنّ القوانين، كما للمجلس النيابي ثلاث مهام من المفترض أن يقوم بها وهي: التشريع - الرقابة - ممارسة العمل السياسي وفقاً للأصول.
نوّاب الأمّة: المهام التشريعية في مجلسكم الكريم مفقودة بسبب الخلافات المستعرّة بين مكوّناتكم ويغيب التشريع عن مهامكم لذلك السبب إنّ الجمهورية اللبنانية تفتقد لعملية سن القوانين التي تأتي عن طريق الإقتراحات والمشاريع بقانون يُرفع إلى هيئة المجلس من قبل أحد أعضاء المجلس أو من قبل الحكومة، والقانون يقول أنكم مُلزمين مناقشة ما يتم طرحه والتصويت عليه وفقاً للنظام الداخلي لمجلس النوّاب. القليل القليل من القوانين التي شرّعتموها ويا للصدفة توافقتكم على تشريع قانون الإنتخابات رقم 44/2017 والذي بموجبه سطوتم على السلطة التشريعية أمام سكوت وخنوع رجال ساسة ورجال دين طالما عانوا من بؤس قانونكم ولكنهم يكتفون بما يُعرف بالعامية «النق».
نوّاب الأمّة: عملياً يا سادة يحتدم الصراع بين الكتل النيابية وفي خضم التوترات القائمة والاستحقاقات الداهمة بلغ الصراع على أشدَّه بين كل الكتل وانقسم المجلس بين مؤيد لمرشح ومعادٍ للآخر وهذا منطق يتنافى والنظام الديمقراطي والوكالة التي أعطاكم إيّاها الناخبون على قلّتهم وبالإشارة إلى الانتخابات الأخيرة يتظهّر لأي باحث وإستناداً لِما نشره موقع وزارة الداخلية اللبنانية وبعض مراكز الأبحاث كانتْ نسبة الإقتراع خجولة جدا بينما أظهرت الوقائع أنّ المقاطعة بلغت حوالي 59% من إجمالي الناخبين عدا حركات «الزعبرة» والإلتفاف على حرية الناخبين وما جرى من تزوير فاضح في كل الدوائر الإنتخابية عدا أنّ بعض المُشرّعين أصرّوا على الإستمرار في عملية تزوير إرادة الشعب اللبناني وإذا إستعرضنا عملية التصويت كما أتتْ يُلاحظ أي باحث أنّ إجمالي عدد الناخبين هم من أنصار هذا الحزب أو ذاك بينما الأكثرية الساحقة من اللبنانيين لم تكترث للانتخابات وهذا أمر يفرض نفسه للمعالجة ولكن عبثا...
نوّاب الأمّة: من الضروري الإحتكام إلى ما تبقّى من ضمائر عندكم، إنّ الخلاف القائم اليوم على إستبعاد هذا المرشح أو ذاك من عملية الإقتراع هو ضرب للنهج الديمقراطي في لبنان والذي تكرّس في مقدمة الدستور وتحديداً في الفقرة /ج/، المطلوب اليوم منكم إختيار التفاوض الصادق بدلاً من المواجهة لأنّ الحوار هو الطريق الوحيد لحل الخلافات وإنّ اللجوء إلى التعطيل والفرض سيؤدي فقط إلى المزيد من الفوضى والإنشقاقات وتهالك الجمهورية. المطلوب منكم اليوم وبصفتكم الشرعية (وإنْ كُنّا نُشكِك بشرعيتكم إستناداً إلى المقاطعة والقانون...) لأنّ مجلسكم الحالي هو المنبر الذي يمكن لمختلف الكتل مناقشة الأولويات الوطنية فيه بروح من الوحدة وبحرص على المصلحة العليا للبلاد.
نوّاب الأمّة: إنّ مراكز الأبحاث وبعض الإعلاميين والناشطين يعربون عن قلقهم وسخطهم من الكتل التي تلعب دوراً سلبياً ويعملون ضد مصلحة الدولة والقرارات اللبنانية ذات الصلة بالعملية الإنتخابية. إنكم مطالبون بالإحساس بالمسؤولية عمّا أنتم موكلون به بكل صدق وأمانة وإحساس. فالإحترام واجب بكل المراحل فهذه مسؤولية كل نائب نحو المُرّشح أياً كان هذا المُرشح، من المعيب التطاول بالشخصي على مُرّشح يطرح إسمه في التداول ومن الطبيعي أنْ يهتم كل نائب منكم إهتماماً بالغاً بمسألة وشؤون الإنتخابات وهذا الإهتمام يتجسّد في نوعية الكلام والعلاقة فيما بينكم كي لا تنعكس سلباً على الرأي العام وخصوصاً الذين تمثلونهم وإنْ كانوا قلّة على ما أتتْ به نتائج الإنتخابات الأخيرة.
نوّاب الأمّة: إنّ لبنان يقف اليوم وسط مفترق طرق صعب بسبب الخلاف الحاد بين كتلكم وقد يكون لهذا الخلاف تداعيات تؤثر سلباً على الوضع السياسي والأمني في البلاد. ولدى مراجعة أكثر من مركز أبحاث داخل لبنان وفي الخارج وخصوصاً في الدول المعنية والتي تتعاطى بمسألة الإستحقاق الرئاسي تسود حالة من عدم اليقين الأجواء السائدة جرّاء خلافاتكم التي تتصف بالشخصانية، وخصوصاً بعدما فشلتم في الوصول إلى إتفاق بشأن الإستحقاق الرئاسي منذ حوالي ثمانية أشهر من تاريخ هذا الإستحقاق وفقاً للمواد /73 - 74 - 75/ من الدستور.
نوّاب الأمّة: إنّ هذا الفشل ما هو إلّا نتيجة لسلسلة من الإخفاقات الجوهرية التي شهدها برلمانكم المزّيف والمغتصب إرادة الشعب، وهذه الإخفاقات ستكون حتماً سبباً لإنتكاسات إضافية أكثر خطورة ستظهر تباعاً... لا تتركوا البلاد في مأزق طويل الأمد.

* كاتب وباحث سياسي