بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 نيسان 2024 11:59م نتنياهو يتخبّط في مستنقع الضغوط السياسية

حجم الخط
مما لا شك فيه أن العملية العسكرية التي شنّتها حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023 على مناطق غلاف غزة قد أحدثت نكسة معنويّة هائلة في بنية وكيان الإحتلال الإسرائيلي. فلم يعد ذلك الإحتلال قادراً على الشعور بأنه لا يزال يشكّل رأس الحربة التي تدمّر كل من يجابهها من قوى أراضيها مسلوبة بقوّة السلاح والإرهاب ساعة يحلو لها أو ساعة تشاء. لذا يحاول نتنياهو جاهداً الضغط من جهته على الإدارة الأميركية كي تسمح له باحتلال رفح وبإعادة حزب الله مسافة 10 كم إلى ما وراء الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، لكي يقنع مناصروه في الكيان التلمودي أنّه حقق ما يبتغونه، في الوقت الذي تراهن من خلاله تل أبيب على تحقيق الكتل المناوئة سياسياً لحزب الله في الداخل اللبناني إنتصاراً في الإنتخابات البرلمانية اللبنانية المقبلة ومع الأخذ بعين الإعتبار إعلان الحليف البرتقالي العوني رفضه منطق وحدة الساحات، في ظلّ حاجة الساحة اللبنانية الماسة إلى تقارب سنّـي - شيعي من خلال تلك الخطوة. لكن سياسة شد العصب الطائفي في الساحة السياسية اللبنانية ما زالت هي المنطق الأعوج الغالب. أما سياسة الولايات المتحدة فهي تسير عادة وفق ما تطلبه منها منظمّة إيباك الصهيونية المتحكمة عادة بالسياسة الخارجية الأميركية. لكن ما يخشاه نتنياهو هو إستمرار صمود حماس الذي سطر أروع الملاحم البطولية من خلال معارك حامية الوطيس، وتمكنت من البقاء في شمال القطاع ووسطه فضلاً عن وجود آلاف المقاومين متحصنين في الأنفاق، وهذا ما اعترف به نتنياهو شخصياً عندما قال، حرب الإستنزاف صعبة، لكن الجيش الإسرائيلي سينتصر في حرب الأنفاق ولو استلزم ذلك الإنتصار مدة سنتين!! فعلاً أن نتنياهو يختار ساعة هزيمته الساحقة الماحقة بيده, وعلى كلٍّ فإن نتنياهو الذي يحيا أيامه اليوم في عالمٍ من الذعر، بات يعلم كل العلم أن مصير ما يجري من إستمرار الإبادة الجماعية بحق أبناء غزة الأبيّة، لم تعد منظمة إيباك تقرره بمفردها ومقولة نحن اليهود وحدنا أسياد العالم سيأتي وقت لا تبقى فيه على قيد الحياة. فالضغوط بدأت بقوّة منذ زهاء الثلاثة أشهر عملياً من قبل تجمّع الإدارة الأميركية ودول غرب أوروبا ودول الخليج العربي. فبايدن يريد إقناع الرأي العام الإسرائيلي بعدم صوابية خيارات نتنياهو السياسية والعسكرية. وإن تكلّلت جهود بايدن بالنجاح عبر اقناع نتنياهو بمنطقه يكون أي بايدن قد ضمن قسماً كبيراً من أصوات اليهود الأميركيين في الإنتخابات الرئاسية المقبلة في إطار المعركة التي يخوضها ضد الرئيس الأسبق دونالد ترامب. ويكون بالتالي قد ضمّ إلى جعبته الإنتخابية أصوات العرب الأميركيين المرتبطة إرتباطاً وثيقاً بعملية تكون في حال تحققت قد تحققت حسب أماني بايدن وهي وقف أطلاق النار في غزة وجبهة شمال فلسطين المحتلة مع المناطق الحدودية اللبنانية - الفلسطينية المحررة.
لكن ما فات الإسرائيليين أن عدوان حزيران تموز الصهيوني عام 2006 على لبنان، أفلحت الضغوط الدولية التي وهبت إسرائيل مدة 33 يوماً للقضاء على حزب الله من إيقاف الحرب وإفهام تل أبيب بأن الضغوط السياسية المبنية على تحالفات سياسية ومعاهدات إقتصادية تبقى الرقم الصعب في معادلات هذه الحروب الوحشية العنصرية، أي أن الذي يمنح الوقت لإتمام مهمة عسكرية هو القادر الوحيد على إيقاف الحرب متى انقضت المهلة المعطاة لتنفيذ المطلوب. واليوم قد يقال بأن بايدن يطلب وقف النار ومن جهة أخرى يرسل السلاح، صحيح هذا ما يفعله ، لكنه منطقيّاً هو مع حرب إستنزاف يحدد موعد بدء التصويت للمرشحين تاريخ إنتهائها. أما إسرائيل وهي ثكنة أميركا في قلب الوطن العربي ماضية في إعتماد سياسة الأرض المحروقة حتى السيطرة على كامل المساحة الممتدة من الفرات إلى النيل وهذا مطلب أميركي أيضاً ومن أجله أُنشأت إسرائيل، لكن أميركا تميل إلى الإيمان أكثر من إسرائيل بثقافة الحرب على حلبة الملاكمة والاستراحة بين كل جولة قتال وأُخرى حتى الفوز بالنقاط عوضاً عن الفوز بالضربة القاضية، لأن المصالح وفق واشنطن تتطلب ذلك، وليس إيماناً منها بضرورة التخلّي عن مشروع السيطرة الاحادية الجانب على مقدرات وثروات المستديرة جمعاء.
ريمون ميشال هنود