16 كانون الأول 2023 12:01ص هذه موجبات ربط التمديد بالقرار 1701.. وما تريده إسرائيل من الضغط الدولي

استعجال فرنسي لتسوية وتريُّث أميركي حتى شباط

حجم الخط
تستنسخ اسرائيل نموذج غزة في الجنوب اللبناني، عبر الدمار الواسع في ما يزيد عن ٤٠ قرية وبلدة حدودية. وهي تتعمّد نقل رسائل التدمير هذه إلى حزب الله، كواحدة من وسائل التهديد بحرب واسعة.
يصاحب هذا الضغط العسكري المتوازي بين تل أبيب والحزب العمل الدولي لإعادة ترتيب الوضع عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بما يعيد الاستقرار النسبي، ويحيي محاولات الانتقال من وقف الأعمال العدائية إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفق منطوق القرار الدولي 1701.
وبات جلياً أن تل أبيب تريد من هذا الضغط الدولي تحقيق أمرين:
١- سحب فرقة الرضوان من المنطقة الحدودية الى شمال الليطاني. 
٢- انتشار الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية بمواكبة فرنسية وأميركية،بالتزامن مع الضغط من أجل تطبيق القرار ١٧٠١. 
ولا ريب أن هذا السيناريو زاد الريبة لدى حزب الله مما يخطط له دولياً للمنطقة جنوب الليطاني، خصوصا لجهة إخلائها من أي وجود عسكري له، بالتزامن مع الضغوط الخارجية لإرجاء تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون.
وثمة افكار دولية تُناقش لسحب ذرائع التفجير جنوبا، منها أن تُفرض منطقة خالية من السلاح no man`s land على ضفتيّ الحدود، بحيث تنشر اليونيفيل وحدات جديدة على الضفة الإسرائيلية بديلا من انتشار الجيش الإسرائيلي، في مقابل منطقة خالية من السلاح في لبنان بعمق نحو 10 كيلومترات يتولى فيها المسؤولية اليونيفيل والجيش اللبناني. ويُراد من ذلك إخلاء حزب الله منطقة جنوب الليطاني من أي مظاهر عسكرية بالتزامن مع تفعيل دور اليونيفيل ومنحها تفويضا كاملا غير قابل للنقض لجهة مصادرة مخازن السلاح والعتاد، على أن يزيد الجيش اللبناني هو الآخر عديده في تلك المنطقة بين ٥ آلاف إلى ١٠ آلاف عنصر.
وتضغط العواصم المعنية لكي تنشر الحكومة اللبنانية الجيش عند الحدود بعد انسحاب فرقة الرضوان، كبند لم ينفذ كاملا من سلسلة مندرجات القرار ١٧٠١، وهو ما يحتاج بلا أدنى شك الى فتح باب التطوع والى تمويل دولي لهذه الخطوة من أجل تأمين الموازنة اللازمة لهذا الانتشار في ضوء العجز الذي ترزح تحته الخزينة.
من هنا، رُبط الضغط الدولي للتمديد لقائد الجيش بما يُحضَّر جنوبا في مواجهة حزب الله ونفوذه. 
الحاصل حتى الآن أن العواصم المعنية سلّمت باستحالة تعديل الـ1701، لكنها لا تزال تضغط من أجل اقتصار تطبيقه على لبنان دون إسرائيل، الأمر الذي لن يتحقق أيضا باليسر الذي تظنه تلك العواصم، لأسباب عدة في مقدمها رفض حزب الله العودة إلى صيف 2006 يوم تجرّع كأس القرار الدولي تحت وطأة الحرب، كما رفضه النقاش في أي شأن يخص سلاحه ودوره، سواء جنوب الليطاني أو شماله، قبل أن تنهي إسرائيل حربها في غزة.
ويشترط لبنان لذلك أن تنسحب اسرائيل من الأراضي التي تحتلها وتوقف خروقها، وأن تتولى القوة الدولية مهام مراقبة فاعلة في كل المنطقة لمنع تكرار التعديات الإسرائيلية على السيادة ولموجبات القرار الدولي. 
من هنا يُفهم الاستعجال الفرنسي للوصول إلى تسوية عند الحدود الجنوبية، في موازاة التريّث الأميركي في ما خص الحدود البرية، ربما إلى حين انتهاء الحرب في غزة. وتعتقد واشنطن أن شباط 2024 سيحمل جديدا في خصوصا بلورة الحلول الفلسطينية، مما سيتيح تزخيم الجهود من أجل تسوية برية لبنانية، وربما تسوية سياسية بدءا من انتخاب رئيس الجمهورية.
تبقى الخشية من ان تأتي الحلول اللبنانية على الحامي، كأن يوظَّف التطبيق المجتزأ للقرار ١٧٠١ من أجل فرض أمر واقع في الرئاسة وفي غيرها. 
الظاهر حتى الآن ان الملف الرئاسي مرجأ الى شباط المقبل، وهي المهلة المتوقع فيها ان تنتهي الحرب على غزة لينطلق مسار ترتيبات جيوسياسية وعسكرية في غزة ستنعكس حتما على لبنان. ويفترض هذا الواقع أن يكون قادرا على مواكبة الآتي من تسويات وتغيّرات بصفوف مكتملة، بدءا بانتخاب الرئيس العتيد. في الإنتظار، تصبح الخلافات اللبنانية الراهنة تفصيلا جُرّ إليها الخارج على الرغم من إدراكه بأن اللهو اللبناني وعدم الانتظام سِمة لا تتغيّر!