بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 شباط 2020 08:20ص هكذا يردّ قادة في الإنتفاضة على اتهام «الرفضية»

أطراف الحراك تبحث تشكيل مجلس قيادة للثوار

حجم الخط
هي ليست المرة الأولى التي يمر فيها الحراك الشعبي أو الإنتفاضة أو الثورة، في ركود نسبي في وجه السلطة، لكنها مرحلة إعادة وإعادة تموضع قد توصف بـ»هدوء ما قبل العاصفة» قبل إطلاق الشرارة الكبيرة التي يقول الحراكيون إنها ستتفجر مع جلسة الثقة النيابية بالحكومة المُشكلة.

بعد تأليف حكومة «أكفاء»، إعتبرت السلطة أنها قدمت تنازلا مُعتبرا للشعب، متهمة من يعارض هذا التشكيل بالرفضية وحتى العبثية. قد يكون في هذا الانتقاد بعض الصحة لمجموعات معينة في الحراك، لكن المجموعات المنتفضة في معظمها ليس في مقدورها القبول بما آلت إليه أمور التشكيل من دون إجراء تغيير جوهري للسلطة القائمة أو للحكومة. وهو ما بدا باستطلاع آراء قادة رئيسيين في الحراك القائم.

اليسار: الإنتفاضة لا غير

يؤكد رئيس الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله «أن الإنتفاضة هي الحل والحراك الشعبي يشكل البديل للسلطة وهو الكفيل وحده بالمواجهة. «لا فرق بين هذه الحكومة وغيرها»، يقول. «إنها حكومة اللون الواحد على الصعيد التشكيل من قبل الطوائف والمحاصصة». وبذلك يختصر القيادي «الشيوعي» نبض يسار الساحات الذي فقد الثقة بسلطة قائمة منذ إتفاق الطائف حتى الآن لا زالت تتوالد وتتبادل الودائع.


كاسترو عبدالله رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال

يحتقر اليسار الطبيعة «القذرة» للسلطات المتعاقبة، ويرد عبد الله على انتقاد الحراك ووصمه بالرفضي، بالقول إن الصراع لا زال قائما مع سلطة تتناتش الغنائم لم تقدم أي حسن نية للمنتفضين.

ولكن أليس هناك بوادر إيجابية لطبيعة الحكومة؟

يستشهد النقابي اليساري بحضور الرئيس سعد الحريري لجلسة الموازنة وهو الذي يعارض حكومة الرئيس حسان دياب، وقد حضر بناء على العلاقة المتينة القائمة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليسأل: ألا يشكل ذلك دليلا على تحالف السلطة القائمة منذ زمن؟

لا ينفي عبد الله ضرورة تنظيم الانتفاضة، وهو للمناسبة لا يعتبرها ثورة حتى الآن، ويُذكر بأن النقابات الشيوعية كانت السباقة دوما الى الاعتراض، ويُقر بأن اليسار يتخذ مسارا خاصا به في وسط بيروت وفي المناطق، برغم أنه ينسق مع الآخرين ويشترك معهم في تحركاتهم على الارض.

«سبعة»: نحن مبدئيون

تسترسل الامينة العامة لحزب «سبعة» غادة عيد في شرح أسباب افتقاد الثقة بالسلطة الحاكمة منذ 30 عاما حتى اليوم.


غادة عيد رئيسة حزب سبعة

هي تشدد على تراكم أسباب الثورة التي أدت الى تفجرها كما حصل اليوم، والثورة بذلك تعد نتيجة بعد صبر دؤوب للشعب اللبناني على حكامه، لكن الكيل طفح «ولا نريد الاستمرار حقلا للتجارب».

«أسباب رفض الحكومة القائمة هي نفسها اليوم كما في السابق» تقول، والظروف الصعبة في البلاد تتراكم أكثر من الماضي. وتدعو الى التفريق بين الرفضية والمبدئية. «رفضنا هو أن نكون أغبياء كما أن رفضنا هو لكل ما أدى الى ما نحن فيه».

تؤكد عيد على شلل حكومة شكلها فريق واحد من «التابعين» والتي يرفضها الشعب إضافة الى الاحزاب التي بقيت خارجها، ما يعني أن الغالبية العظمى من اللبنانيين ترفضها. وتشير الى أن الثورة تعيش استراحة المحارب لافتة الى تحضير كبير لاستحقاق جلسة الثقة بالحكومة.

وفي هذه الأثناء، ستبقى الأهداف الجغرافية الكبرى هي نفسها بالنسبة الى «سبعة»: مجلس النواب والسرايا الحكومية وقصر بعبدا. «لقد وصلنا الى الإنهيار ولا مجال للتراجع» تختم عيد.

«هيئة تنسيق الثورة»: إخلعوا أقنعتكم!

تعلو نبرة العميد المتقاعد جورج نادر معترضا على عدم تنفيذ رئيس الحكومة لوعوده في طبيعة التشكيل.


العميد المتقاعد جورج نادر: هيئة تنسيق الثورة

هو يسأل بحرقة: أين حكومة المستقلين؟! هل كان كل النضال في سبيل حكومة من التابعين والمستشارين؟! فالشرط الأول للقبول بحكومة كهذه غير موجود في ظل حكومة الأقنعة هذه التي عليهم خلعها قبل خداعنا.

يرفض نادر بشدة تهمة الرفضية ويسأل من جديد: ألم يعلموا ما نريده حتى الآن؟ حتى الطفل الصغير بات يعرف ما نبغي، لقد سمينا بعض الشخصيات المقبولة من قبل الشعب ولم يكترثوا لها، ولم يختاروا إلا التابع لهم.

ويشير الى أن البحث قائم والافكار تقدم لطبيعة تحركات المرحلة المقبلة، «فالثورة قامت ولن تستكين وستعود الى الانطلاق على الأرض في أكثر من منطقة».

وبرغم كل اندفاع، يُقر بأن سقوط حكومة الحريري يشكل إنجازا للثورة، لكنه يتهكم على مشهد جلوس دياب وحيدا في المجلس النيابي ليقبل بموازنة لا علاقة له بها بدلا من أن يستردها!

ولعل نادر يضيف إنجازا آخر هذه المرة يضعه عند السلطة «التي وحدتنا كلبنانيين للمرة الاولى طوائف ومذاهب ومناطق».

ويؤكد أن المقبل من الأيام سيشهد تنسيقا وتنظيما ليوم جلسة الثقة بعيدا عن الإرتجال، وهو يلفت الى أن أركان السلطة سيفاجأون بالأعداد كما بنوعية التحرك المقبل.

لما لا نعطيها فرصة؟

في الاثناء، تُسجل مواقف من قبل حراكيين تدعو الى توفير الفرصة للحكومة لكي تعمل ومن ثم الحكم عليها، وبينما لم تخرج تلك الاصوات بمعظمها إلى العلن، ظهرت دعوات الى ذلك جهاراً.

يتوقف الدكتور حاتم حلاوي الذي يتنقل بين حراكي صور وبيروت، عند عدم وجود آليات دستورية للإتيان بحكومة تلبي طموحات الشارع في ظل استحالة الانقلاب أو الثورة الشعبية العنيفة المرفوضين أصلا.


د. حاتم حلاوي الناشط بين صور وبيروت

هو يقرّ بالطريقة التحاصصية التي شكلت بها الحكومة «التي طالبنا أن تكون بكاملها من إختصاصيين»، لكن مع توفير الفرصة لها يجب أن تعمل بجدية وسرعة للحكم من ثم على عملها كون الأزمات في البلد تتعاظم ولن تحل في الأشهر القليلة المقبلة. لكنه لا يحدد مهلة لهذه الحكومة لتحقيق ذلك.

على أن وجهة النظر هذه، التي لا تحظى بتأييد غالبية من في الحراك، تشجع، في المقابل، على عدم مغادرة الساحات لمراقبة أعمال الحكومة في ظل فقدان الثقة في المجلس النيابي، ما من شأنه الإكمال في الضغط على السلطة برغم إعطائها الفرصة.

وبذلك يلخص حلاوي موقف بيئة معتبرة في حراك صور والجنوب، لكنها لا تشمل اليسار وخاصة «الحزب الشيوعي اللبناني» وهما يشكلان الثقل الأكبر في حراك الجنوب ولا يزالان يرفضان بشدة أية هدنة مع السلطة.

وعُلم على هذا الصعيد أن حراك الجنوب في صدد عقد مؤتمر وطني من مستقلين ومن يرغب من أحزاب توافقه على أفكاره قد يكون من بينها «الشيوعي» و«التنظيم الشعبي الناصري»، وذلك تحت عنوان «الثورة إلى أين؟»، ويناقش كيفية المضي في الثورة حتى إسقاط السلطة القائمة.

إستعدادات لليوم الكبير

في هذه الأثناء، يعمل معظم من في الحراك على قدم وساق لتحضير الأرضية لجلسة الثقة النيابية في الحكومة.

وعُلم أن بحثا يتناول الوسائل التقليدية وتلك غير التقليدية لمواجهات مقبلة مع السلطة القائمة. ومع قرب انعقاد الجلسة النيابية، تم توفير العدة البشرية للمعركة من قبل المجموعات المحتلفة التي تعلم جيدا صعوبة منع عقد الجلسة في سيناريو مشابه للفشل في منع جلسة الموازنة، لكن المشهد المقبل سيختلف عن سابقه وستواجه السلطة صعوبة أكبر للجم المحتجين.

وعلى المدى الزمني المتوسط والطويل، بدأ البحث جديا بين قادة الحراك في تشكيل مجلس قيادة للثوار يتكوّن من مجالس تنسيقية للمناطق. ومن ضمن الإقتراحات غير المبتوت بها أن يتكون مجلس الثوار من العدد نفسه لنواب المجلس النيابي في رمزية ذات دلالات.

وقد يكون من شأن تشكيل هذا المجلس أن يكشف القادة الفعليين للانتفاضة ويعرضهم للمراقبة وربما للملاحقة، لكنه في مقابل ذلك، سيُحصن بيئة الحراك من المندسين والمتسللين إلى جسده تحضيرا لمعركة كبرى قد تتمثل في انتخابات نيابية مبكرة.