رأس بيروت الوطنية، رأس بيروت منطقة التعايش بين كافة الطوائف اللبنانية، حزينة اليوم لأنها تودّع أحد كبار رجالاتها المختار ميشال بخعازي، إثر نوبة قلبية مفاجئة ألمّت به.
والمختار بخعازي معروف بمحبته للتعايش الإسلامي - المسيحي، وبأخلاقه الفاضلة وأدبه وكان دائماً في خدمة أهالي بيروت، لا سيما رأس بيروت، المنطقة التي أحبها ونشأ وعاش فيها، وانتقل إلى رحمته تعالى منها. وكان بيروتياً بامتياز، محبّاً للبيارتة، مهما كانت طائفتهم أو مذهبهم، وكان يكره تجار الطائفية والمذهبية، حيث نشأ في بيت وطني أصيل.
إن تضحيات المختار بخعازي من أجل بيروت وفقرائها لا تُعدّ ولا تحصى، فهو لم يبخل يوماً عن تقديم الخدمات لهم، بقدر إمكانياته، وهو من أنبل اللبنانيين وأكثرهم رصانةً، ولا أزال أذكر أنه عندما ألمّ حريق في شارع الكومودور مؤخراً، هرع المختار بخعازي يحاول إطفائه بيديه العاريتين، لكي لا يصاب أحد من أبناء مدينته بأذى.
وكان يكره الظلم والظالمين ويناصر الضعفاء والمساكين، لأنه كان إنسانياً في أعماقه الوطنية، ولطالما سعى وناضل لصالح مدينته ورفعة شأن البيارتة، وكان خير رفيق لكل أهل الخير وأصحاب الأيادي البيضاء، ولم يتخلَّ يوماً عن واجباته الوطنية، بل ثابر عليها طيلة حياته.
كما كان المختار منفتحاً فكرياً، متعاوناً مع كل الهيئات الإنسانية في سبيل مصلحة وطنه، وكان قوياً، معتزاً بإيمانه وبصداقاته المتينة مع أهالي رأس بيروت.
لذلك، فإن أهالي بيروت حزينون لأنهم يودّعون مختارهم الآدمي النظيف الكف والعفيف اللسان، الكاره لأهل الكذب والنفاق، المخلص والمتفاني لمدينته، وبالتأكيد سيسير في تشييعه جميع أبناء المدينة، لا سيما الشعبيين منهم والمثقفين والعروبيين، الذين كانوا شديدي التعلّق به ويحبونه كثيرا. ولهذا فإننا نطالب محافظ بيروت سعادة القاضي مروان عبود حفظه الله، أن يسمّي شارعاً باسمه الشخصي، في رأس بيروت، بحيث يكون شارع ميشال بخعازي ملتقى محبي التعايش واللحمة الوطنية، وجميع العاملين في الشأنين الوطني والإنساني، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.