بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آذار 2024 12:04ص علمانيون قيدهم مسلم سنّي يتولّون مراكز يعملون من خلالها إبعاد المسلمين السنّة لصالح من أوصلهم

حجم الخط
د. علي لاغا

قبل الشروع في ذكر ما يحدث يجب تبيان معنى: علماني:
عند المسلمين: تستعمل كلمة علماني بمعنى لا ديني.
عند المسيحيين: تستعمل كلمة علماني بمعنى ليس رجل دين.
والفرق بين الفهمين متباعد جداً، عند المسلمين فهو ملحد وعند المسيحيين فهو مؤمن لكن ليس رجل دين.
وبعد:
من المعروف أن الضعيف يتلاعب بمقدراته الأقوياء، والدستور اللبناني في مقدمة دساتير العالم التي تحمي كل مكونات المجتمع أقلية كانوا أو لضعف في واقعهم، وبذلك فهو نظام فدرالي (بدون توزيع مناطق) بل يوزع السلطات على الطوائف مع بقائهم مندمجين غير منقسمين، والاندماج هذا يثري الحياة لجهة تفعيل التنافس من جهة ومن جهة أخرى فإن أس الشريعة الإسلامية تعدد مشارب المجتمع أي أنه لا وجود للنقاوة في تشريعاتها وتربية المسلمين، لهذا السبب كلما تمت مراجعة التاريخ قبل التدخل الأوروبي في المنطقة كان الناس مخلوطين أكثر، مسلمون ويهوداً ومسيحيون وقوميات شتى في نسيج واحد ، ومع التدخل المشار إليه آنفاً بدأ التفكيك والتركيب والكرة تتدحرج...
عودة إلى ما يحدث من إقصاء للمشاركة السنية في كل مفاصل الدولة والجامعة اللبنانية، يختار من بيدهم الإبعاد والتقريب موالياً لهم ممن على هويته أنه مسلم سني وينصب في موقع مسؤولية، وبعد توليته المنصب يقوم بإبعاد المسلمين السنّة و توزيع مهام ضمن دائرته أو عمادته أو وزارته... إلى إبعاد المسلمين السنّة وإذا اختارا سنياً فهو على شاكلته.
وهكذا يتم إبعاد المسلم السنّي مرتين: الأولى لصالح جهة أخرى (ربيبة نعمته) والثانية إبعاد المسلم أو المسلمة الملتزم أو الملتزمة بدينها.
إن الدستور اللبناني يوزع المواقع على المسيحي والمسلم وما يتفرع عنهما من مذاهب.
إن ما يحدث للطائفة السنية لا يحصل في الطوائف الأخرى، ومن ينظر لحالهم يتذكّر السبب الذي  جعل الفيلسوف الفرنسي لافونتين: حجة القوي هي الأفضل:
‏La raison du plus fort est toujours la meilleure 
لقد أضحى المسلم السنّي في كل مراكز الدولة ضعيفاً تجاه مصالح من يمثلهم، هذا إن لم يكن موالياً لغيرهم (تحت مسمى علماني)، بينما هو في المكان غير المعني به: (أيش بدك بعمل).
كما أن المناطق التي يسكنها مسلمون سنّة لا تجد في المدينة كلها شرطي سير ولا ما يمنع المخالفين، وترك تنفيذ المشاريع لرضا الأهالي... حتى بات أهل السنّة أنفسهم يستوحشون العيش في مناطقهم ويهجرونها إلى مناطق المحظوظين.
صحيح ما ردّ به على سؤالي في مقابلة معه فخامة رئيس الجمهورية السابق سليمان فرنجية: الزعيم يولد زعيماً من بطن أمه.
لكن المناخ الدولي المسيطر له دوره في إضعاف المسلمين السنّة، إلّا أن ذلك يجب أن لا يحصل بين أشقاء وشركاء في وطن له دستوره الذي اتفق عليه في إرساء وجود الدولة وطريقة العيش.
إنه بين أبناء الوطن النص يحمي الجميع وبالتالي فلا يجوز لمن يتبرأ من الإنتماء لطائفة تولي مهام تم توزيعها على الطوائف والمذاهب في لبنان، إن من يترشح لموقع طائفة أو مذهب عليه حكماً الاعتناء بمصالح من يريد تمثيلهم وفي اللحظة التي يعلن براءته من الإنتماء لها يعتبر مصروفاً حُكْماً من المركز التزاماً بالدستور والميثاق.
في النهاية:
يجب عدم الإخلال في توازن مكونات لبنان حرصاً على حسن الاستقرار وعدم وجود مناطق مهمشة وفريق مهمش. وليتكرّم من بيده الحل والعقد من خارج الدستور والميثاق المحافظة على تماسك المجتمع وسلامة أهله.