بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 كانون الثاني 2024 12:00ص كريم مروَّة عن اللقاء الأولي واللقاءات اللاحقة

حجم الخط
ترتقي معرفتي الشخصية بكريم مروة(94عاما) (ولا حاجة للتعريف به فهو غني عن التعريف) الى العام 1998، عندما شارك من بين آخرين من مفكرين وصحافيين كبار ومحامين واساتذة جامعة وزملاء في الجامعة اللبنانية (كلية الإعلام، حيث من هناك بدأت استاذاً متعاقداً بهمة الدكتور العزيز البروفسور نسيم الخوري أطال الله بعمره)، في متابعة مناقشتي لأطروحة الدكتوراه دولة في الآداب من جامعة القديس يوسف، وكانت بعنوان «إشكاليات الأصولية المعاصرة بين النص الثابت والواقع المتغيّر»، وبإشراف رئيس جامعة القديس يوسف الحالي البروفسور القدير سليم دكاش.
لم أكن اعرف عن الرجل إلا ما بقي من ذاكرتي عندما كنا طلاباً وشباباً نبحث خارج دائرة العلم والتعليم، عن حياة افضل في بلد، أسأنا جميعا فهمه، وكذلك أساء صاحب الذكرى، وما لبثنا ان عدنا القهقرى الى الوراء، ولكن فات الأوان.. والكل يعلم ما حصل من تخريب «النموذج اللبناني» والتوهان بين نماذج غير ناضجة، او غير ملائمة لتركيبة لبنان وصيغته.
كان الرجل على سبيل المجاملة يرغب بالمشاركة، ثم الانصراف الى طرابلس، لمتابعة شأن يخصه، ويتعلق بمحاضراته الفكرية والسياسية او نشاطاته مع سياسيِّي وكتّاب الفيحاء والنشطاء في المجالات كافة في عاصمة الشمال.
لكن ما حدث ان الرجل صرف النظر عن الذهاب شمالاً، وقرر البقاء يستمع الى الهجومات والدفاعات، لا سيما بعد ان اندلع جدال اكاديمي وعلمي مع احد اعضاء اللجنة، المغالين في الولاء للفكر المتجمد (ولا حاجة لذكر اسمه) وبيني استغرق ما لا يقل عن ساعة ونصف من اصل 4 ساعات ونصف مدة المناقشة.
لم يكن يهم مروة، حسب ما عرفت له من صديق مشترك، ما دار فقط وثباتي في رد كيد «الهجوم التكفيري» على شخصي، والتشكيك بمقدرتي العلمية، في الخوض في مسائل تتصل بالسياسة والاجتماع والاقتصاد والمناهج الفقهية لدى ثلة من كبار علماء الاسلام ومفكّريه، ما كان يهمه ان ثمة من انبرى لدراسة ظاهرة التشكلات الاصولية من زاوية النقد المعرفي، العلمي وليس الايديولوجي او الفكروي..
لم تنشأ علاقة، لا فكرية، ولا من اي نوع آخر مع المفكر مروة، سوى متابعة بعض مؤلفاته حول «اليسار الجديد» والتجارب السابقة، لا سيما بعد تطورات مرحلة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حتى جاء وقت وشاركت الى جانب وزير حالي في مناقشة كتابه عن امكانية ولادة يسار جديد في لبنان، وكانت الطامة الكبرى انني لم اتفق معه حول توجهات الكتاب، ولم ألمس غضباً، بل عتباً، ونحن نغادر مقر «المنتدى الثقافي» في مدينة صور..
قرأت على نحو متقطع ما كان يكتب الرجل، وهو صحافي وكاتب ومفكر وسياسي له شأن وحضور في الميادين كافة.
لكن ما علق في رأسي ان هذا الجيل من الحزبيين او التغييريين او اليساريين، شكل حالة تاريخية، لكن بصماتها لم ترسخ قوياً في التربة اللبنانية، وحتى العربية.. وهو يعترف بالكثير، ولكن لا ادري الى ما انتهى في تدوين تجربة قرن كامل من الفكر والممايسر والرهانات.
ح.س