بيروت - لبنان

2 آب 2023 12:00ص من رئيس الجمعية إلى رئيس البلدية

حجم الخط
عزيزي جمال،
أعلم ان رسالتي هذه قد تشكّل مفاجأة لك مقرونة بشيء من القلق والحرج. فالرسائل لم تكن يوماً بيننا أسلوبا للحوار أو التخاطب. وما حملني الى ذلك رغبة دفينة أن يسمع البيارتة منك، وأنت تقرأ لهم هذه الرسالة، ما سبق ان سمعوه من رؤساء للبلدية سبقوك وما من المنتظر أن يسمعوه من رئيس يخلفك في منصبك الذي تخلّيت عنه اليوم. ولن يطول بهم الأمر، ليكتشفوا ان رئيس البلدية، رئيس السلطة التشريعية لبلدية بيروت، قد أضحى هدفا مشرّعا تلصق به مختلف التهم البشعة صحيحة كانت أو كاذبة.
نعم، لم يترك منافسوك فيك «ستر مغطّى» فكتبوا وألّفوا واجتهدوا ورفعوا أيديهم الى السماء، «يشكون الى رب السماء أخطاء وخطايا اقترفت في عهدك: فأنت مقصّر في معالجة النفايات، ومقصّر في توسيع وتعبيد الشوارع والطرقات، ومسؤول عن انقطاع الماء و الكهرباء... ومسؤول عن عدم افراج المصارف عن أموال المودعين» ومسؤول عن عدم انتخـاب رئيــس جــديد للجمــهورية. «نيّــالك» فما إستطاع رئيــس بلدية قبــلك أن ينــال كل هذا العـز... يكفي أن يلقى وزر هذه الرزايا على كتفيك منفرداً وينعم أغلب من بقي من أعضاء المجلس الذين يمثلون أغلب القوى السياسية بالهدوء وراحة البال «يؤركلون» على شاطئ عين المريسة فلا بأس عليهم ولا هم يحزنون.
حضرة الرئيس،
أعلم وأنت تغادر آخر «درجة» من سلم بلدية بيروت ان استقالتك لن تكون آخر درجة في معارك مستقبلية لرفع الظلم عن هذه المدينة الصابرة الأبيّة، تبدأ بإيجاد تسوية تصحح وضعاً إداريا شاذا في مدينتنا يرضي الجميع وينال مباركة سماحة مفتي الجمهورية وسيادة مطران بيروت ومن بقيـة السياسيين والمفكرين فنهدم حواجز قضت مضاجع الآباء والأجداد لتُشكّل المخرج الصحيح لأزمة مستعصية.
لقد عشت لأشاهد مسرحية تكرر نفسها على امتداد أكثر من عشرين سنة يتقاسم بطولتها رئيس يتهم، ومحافظ يبتسم، وتتغيّر الأدوار بتغيّر الأشخاص وتبقى المشكلة، وتستفحل في مياه راكدة، فالإمرة لم تعد وحدة موحدة بل اقتطعت وأصبحت قطعتين قطعة تشريعية يتولاها الرئيس والأخرى تنفيذية يتولاها المحافظ مما يخلق فجوة طبيعية بين رجلين يملكان نفس التوجه الوطني لكنهما لا يملكـان نفس الرؤية ونفس التوجه المناطقي وقد تتسلل الطائفية البغيضة، رغما عنهمـا، من أبواب موصدة فيصبح التوتر سيد الموقف مما يؤشـر ان علاقتهمـا ستـكون بالتالي غير مستقـرة، مما يُنـذر بأبشـع العواقب.
انطلاقا من هذا الأمر تحركنا لتصحيح الوضع وجمع الامرتين في امرة واحدة فالمسألة ليست مسألة طائفية كما يدّعي البعض إنما هي مسألة بنيوية يجب تصحيحها.
عزيزي جمال،
لم أكتب لالتمس لك البراءة من مخالفات نُسبت إليك وحدك، فأنا أعرفك بيروتي أصيل صلب المراس تضعف عند محاورة الجاهل وتستميت في الدفاع عن بيروت ومصالحها وقد حان الوقت لتعود الى عائلتك الصامدة التي تتوسط عقد العائلات البيروتية تاركاً لمن يبكي على رسم درس أن يواصل البكاء فما سببه للناس من ضرر يفوق التصور والخيال، أكتب لأقول انك قضيت نصف وقتك مدافعا عن بلدية بيروت وجاء الوقت لتعود إلينا كعائلة بيروتية رائدة أعطت الوطن رجال علم ودين، ورفعت رأس بيروت في كل الأماكن والأمصار، ولا أراك إلّا رافعا رأسك عالياً لتقول معنا «ربي احمِ بيــروت».

محمد الأمين عيتاني