بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الأول 2019 11:51ص مهندس تاريخي للعلاقات بين روسيا والسعودية.. تعرف على «الباشا الأحمر»

مقرب من الملك عبدالعزيز آل سعود وأكثر من مجرد سفير

حجم الخط
في السنوات الأخيرة، بدأت العلاقات بين روسيا والسعودية تتنامى بوتيرة ملحوظة، وبدأ التحول بزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرياض عام 2007، وهي تتوج الآن بزيارة ثانية.

وانطلقت هذه العلاقات منذ وقت طويل وهي واكبت المراحل الأولى لتأسيس السعودية منذ عشرينيات القرن الماضي، بوصول أول بعثة دبلوماسية سوفيتية إلى المنطقة قادها كريم حاكيموف الذي اشتهر لاحقا باسم الباشا الأحمر.

الباشا الأحمر هو دبلوماسي فريد، كان قد حضر إحدى المراحل الهامة في تأسيس السعودية، وبذل جهودا كبيرة في سبيل توثيق الصلات بين الاتحاد السوفيتي والدولة الجديدة.

إنه كريم حاكيموف، رسول ستالين إلى الجزيرة العربية، وأول دبلوماسي يتصل بقادة "السعودية" في 16 شباط عام 1926، مدشنا أول اعتراف رسمي بما عرف آنذاك بـ"سلطنة نجد" قبل اكتمال تأسيس السعودية عام 1932.

وبفضل الدور الكبير الذي لعبه حاكيموف في مد الصلات بالسعودية واليمن خصوصا، اشتهر بلقب الباشا الأحمر، وحظي بعلاقات وثيقة بعدد من الأمراء السعوديين الكبار، وبالأخص الأمير فيصل بن عبد العزيز الذي تولى الحكم في البلاد بين عامي 1964 – 1975.


صورة نادرة لمأدبة أقامها الملك فيصل بحضور حكيموف على يمينه - 1930

بدأ مشواره في المنطقة عام 1924 حين أرسل إلى الحجاز لإقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة الهاشمية، بعد أن عمل لفترة سفيرا للاتحاد السوفيتي في جمهورية بخارى ودبلوماسيا مفوضا في إيران.

وصل كريم حاكيموف إلى المنطقة مع اندلاع الحرب بين نجد والحجاز، والتي انتهت بسيطرة عبد العزيز آل سعود على الحجاز وضمها إلى سلطنة نجد، وبدأ اتصاله بأمراء آل سعود.

ومنذ ذلك الزمن البعيد، قبل اكتشاف النفط واكتمال تأسيس السعودية، واجه الدبلوماسي السوفيتي محاولات قوية من ممثلي بريطانيا لإعاقة عمله، وكتب في هذا الصدد: "الإنجليز بهدف عزل المشرق العربي عن الاتحاد السوفيتي يفعلون كل ما بوسعهم لمنع وصول المواطنين السوفيت إلى هذه البلاد".

استتبت الأمور لعبد العزيز آل سعود أوائل عام 1926 في الحجاز، وتمكن حاكيموف من الوصول إلى مكة انطلاقا من مقر بعثته في جدة على الرغم من تواصل العمليات العسكرية هناك، وسلّم آل سعود مذكرة اعتراف الاتحاد السوفيتي بمملكة الحجاز ونجد.

الوثائق السوفيتية تشير إلى أن الباشا الأحمر نجح في إقامة صلات صداقة وثيقة مع آل سعود، وشرعت موسكو إثر ذلك في إرسال مساعدات إلى شبه الجزيرة العربية من بينها الحبوب والكيروسين.

نتيجة بحث الصور عن كريم حكيموف
الأمير فيصل بن عبد العزيز في موسكو - 1932

وفي عام 1928 أرسل الباشا الأحمر في مهمة دبلوماسية إلى اليمن، وبقي هناك حتى عام 1932، حين استدعي إلى موسكو بمناسبة زيارة الأمير فيصل بن عبد العزيز.

لم يكن «الباشا الأحمر» مجرد سفير للاتحاد السوفييتي في السعودية خلال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، بل كان أيضاً صديقاً مقرباً للملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية. فهذا الدبلوماسي المسلم أبدى ولعاً شديداً بثقافة العرب وحياة البادية، إضافة إلى كونه مهندس العلاقات السعودية- الروسية منذ وقت مبكر من تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز، الذي أبدى اهتماماً بقضية المسلمين السوفييت ومعاناتهم آنذاك.

حكيموف كان شعرة معاوية التي قصمت ظهر العلاقات السعودية – الروسية أيضاً في تلك الآونة، وذلك على يد «ستالين» الذي تولى السلطة في الاتحاد السوفييتي، وبدأ حقبة التشدد والتضخم الإيديولوجي أو ما تعرف بفترة «الإرهاب الكبير»، كما وصفها الكاتب السعودي عبدالله الرشيد في مقال نشره بصحيفة «عكاظ» منذ سنتين.

في أيلول عام 1937، استدعي حكيموف إلى موسكو حيث اعتقل، ثم أعدم رمياً بالرصاص في 10 كانون الثاني عام 1938.

قبل ذهابه إلى موسكو، اقترح الملك عبدالعزيز آل سعود، على حكيموف اللجوء السياسي في السعودية بعد تلقيه برقية من موسكو تطالب بعودته الفورية إلى الاتحاد السوفييتي، لكن حكيموف رفض هذا الاقتراح.

وفي عام 1938 اتخذ الملك عبدالعزيز قراراً بعدم استقبال سفير سوفييتي جديد، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفييتي احتجاجاً على إعدام صديقيه كريم حكيموف ونظير تيوراكولوف.

المصدر: "RT" - إعداد "اللواء"