بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الأول 2018 11:04م «مرسيل خليفة» في رائعته «غنّي قليلاً»: الموسيقى في أرفع مَقام متعة الأنغام تأخذنا إلى عالم شفاف وساحر طوال 70 دقيقة..

حجم الخط
متدفق الفنان الكبير «مرسيل خليفة» في ألبومه الجديد والرائع «غنّي قليلاً»، يزرع المتعة في الأذن وحنايا الفؤاد والوجدان، ويضيف إلى مخزون السماع عندنا نسبة عالية من النغمات الأحلى والأرحب فرحاً من كل ما سبق وسمعناه أو سمعنا عنه. 
صعب توصيف ما فعلته بنا أنغامه الأحدث بعد الزاد العتيق الذي عشّش في أرواحنا وذاكرتنا، عبق من ورد أم من أقحوان وكأن يراع السحر خطّ كل نغمة على حدة وجاءت ريشة «مرسيل» وجمعتها غلة عُمر تنثر الأريج المنعش في كل نفس وقلب. وكيفما مررت على موسيقاه وجدتك تختال مرنّماً وقد أخذتك نشوة ما تسمع إلى عالم ما تتخيل أو تتمنى أن تكون. 
موسيقى «مرسيل» أواخر العام 2018 فعلت بنا ما فعلت، مما أفقدنا السيطرة على خوابي الكلام عندنا وراحت الصور تتلوّن بعض شعر، وفقد النثر المعهود ضوابطه لذا كرّ كنارنا كأفضل ردة فعل على الدهشة الإيجابية إلى حد التطويب حين باشرنا الإستماع إلى ما صاغته عبقرية المبدع «مرسيل» من صياغات أفلتنا معها من عقالنا وتحررنا من الأطر الرتيبة التي حكمتنا من تكرار الإستماع إلى ما هو متشابه وممل على ساحة الموسيقى في يومياتنا.
هذه الحالة من الذهول والإعجاب أعقبت ما أثّر فينا عميقاً جداً مع تسونامي الروعة والمجد في التعبير الموسيقي مع «كونشرتو الأندلس» حيث فاحت أطايب الدنيا من حولنا تشكل أبهى الصور لما قرأناه وسمعناه وتخيلناه عن واقع ما كانت عليه الأندلس أيام عزها، وإذا بـ «غني قليلاً» تضيف سحراً من العيار نفسه ويزيد بما يتلاءم مع مقتضيات الأشعار في نتاج الـ 13 كاتباً ضمن العالم الذي أبدعه نغماً «مرسيل خليفة»، ودخل صوت «عبير نعمة» ليجد مكانه محفوظاً في اللوحة الأجمل، ونكتشف أن الكيمياء كانت في أرفع مستوياتها بين العالمين «عبير نعمة «غنّي كثيراً» لتبني بين أدائك وإحساسك فرحاً مذ طهوت ألحاني بجمال صوتك، غنّي كثيراً يا عبير فالغناء شهوة لا تُرد ونزوة ليست عابرة، غنّي يا عبير ما إستطعت في ومضة من زمان عجل لا ينتظر» هذا ما قاله «مرسيل» ليؤكّد أن التلاحم الذي حصل بين موسيقاه المبهرة والصوت الرائع هو لقاء قمة.
كل ما في الألبوم من أنغام وأداء صوتي يبلغ الذروة مرات كثيرة على مدى الوقت، وكلها محطات مزينة بأكثر من نوع ولون ونسق موسيقي يقتضي مرونة غناء، وإذا بـ «عبير» في كامل الجهوزية لمواكبة ما رسمه «مرسيل» من عالم نموذجي لكنه أليف مع المريح من الهنك النغمي الذي يبلغ مداه مع كل محطة غناء (مزمار، راجع، هيدا إنت، ما أجمل الحب، بعتلك صوتي، إكتبني قصيدي، طفولة، علّليني، يا مريم ، الحنّة، يا محلا نورها، فكّر بغيرك، غنّي قليلاً) هذا عدا عن موسيقى البداية التي تؤسس لما سيكون عليه السياق في الأغنيات من بعد.
70 دقيقة ويزيد بضع ثوان، لم نتذكر كم مرة كررنا الإستماع إلى «غنّي قليلاً»، وكم شخصاً طلبنا منهم عدم تفويت فرصة الإستماع إلى هذا الكنز الفني والإحتفاظ به في المكتبة الخاصة على أساس أن ما سيفوزون به سيُعوّضهم عن كل الخواء السائد في موسيقات اليوم وأغانيها، لقد شكّل هذا العمل المتقن فرصة رائعة لمتذوقي الموسيقى والغناء لكي يُشنّفوا آذانهم بأحلى ما إستمعنا إليه منذ زمن، في إنتاج قيّم وتوزيع بالشكل المطبوع لـ nagam records وتوزيع رقمي لـ universal music mena.