بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 كانون الأول 2018 12:15ص «التنمّر» في لبنان وتأثيراته السلبية على الأطفال!!

حجم الخط
طفل من أصل اثنين، تعرض للتنمّر في لبنان، خلال إحدى مراحل حياته، و16% تغيّبوا عن المدرسة، و12% تسرّبوا من المدارس وتركوها بشكل نهائي، و17% تراجعت علاماتهم الدراسية، فيما 70% من الأطفال أفادوا بأنّهم شعروا بالانزعاج، و27% انسحبوا من مختلف النشاطات الاجتماعية والرياضية أو المشاركة مع زملائهم.
هذا ما أشارت إليه الدراسة الوطنية الميدانية التي أطلقتها «جمعية إنقاذ الطفل الدولية في لبنان»، والتي نفّذت على المستوى الوطني، واستمرّت لمدّة سنة، بهدف تسليط الضوء على مشكلة التنمّر الكبيرة في لبنان، حيث يعاني الأطفال من القلق، وحتى التسرّب المدرسي، نتيجة تعرّضهم لأشكال مختلفة من العنف، في محيطهم التعليمي والمجتمعي.
لتسليط الضوء على هذه القضية، التقت «اللـواء» مديرة «الجمعية» أليسون زيلكوفيتز، التي أشارت إلى أهمية هذه الدراسة الإحصائية، وقالت: «هذه الدراسة تكشف بشكل واضح عن مشكلة عميقة في المجتمع اللبناني، تؤثر على الكثير من الأطفال، الذين يقعون ضحية لأعمال التنمّر، ولا يتلقون أي مساعدة. ونحن عندما استمعنا إلى قصصهم كان واضحاً جداً، أنّ الأطفال الذين شملتهم الدراسة كانوا يعيشون مع تسميات مرتبطة بأسمائهم، ومهمّتنا كانت تشجيع الأطفال على التحدّث عن المشكلة، وطلب المساعدة أو المعونة، وذلك كي نحذّر من التأثير النفسي للتنمّر على الأطفال، الذي يمكن أنْ يتسبّب بالضرر ويدوم لعدّة سنوات، إنْ لم تتم معالجته على الفور».
«التنمّر مش مزحة»
وعن الهدف من الدراسة قالت: «هذه الدراسة الإحصائية الميدانية، جاءت ضمن إطار حملة وطنية أُطلِقَتْ تحت عنوان «التنمّر مش مزحة»، وتهدف إلى رفع الوعي بين أبناء مختلف المجتمعات في لبنان، حول هذه المشكلة ومخاطرها، الأمر الذي سيساعد الكبار خاصةً على تقديم أفضل دعم ممكن للأطفال، وحملة «التنمّر مش مزحة»، نُشِرَتْ على «البانوهات» في الطرقات الرئيسية في المدن اللبنانية، بهدف الحديث عن أهمية تربية الأطفال، في بيئات آمنة وسليمة، ومنع أعمال العنف بينهم».
وأوضحت زيلكوفيتز ماهية التنمّر قائلة: «التنمّر يُعرّف بأنّه تصرّفات متكرّرة، للتحرّش بالضحية أو تخويفها أو تعريضها للاستعباد الاجتماعي، ويشمل التنمّر أشكالاً مختلفة، من العنف الجسدي، اللفظي، النفسي، الاجتماعي، أو التنمّر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعني هذا تعرّض الأطفال إلى الضرب والركل والشتم، وإطلاق الألفاظ البذيئة، ما يعني إقصاء أو استبعاد هذا الطفل من المشاركة مع أقرانه، وإرسال رسائل بين الأطفال غير محبّذة، ومعها صور غير لائقة، تؤدي إلى أضرار نفسية وجسدية، وعليه نقول إنّ التنمّر آفة عالمية، ولبنان ليس بمنأى عنها، وهو يحد من قدرة الأطفال على تحصيل التعليم، ويعيق نموهم الاجتماعي.
وانطلاقا من ذلك، ونظراً إلى أهمية هذا الموضوع بالنسبة إلى مستقبل الأطفال في لبنان، أُعدّت هذه الدراسة الوطنية، وتمَّ تظهيرها حول كيفية حدوث التنمّر في المدارس والمجتمعات المحلية، وفي سياقات متنوّعة في جميع أنحاء لبنان، وإنّ أطفال لبنان لهم حق التعلّم والنمو في مجتمعاتهم، من دون الخوف من التعرّض للعنف أو التخويف، غير إنّ التنمّر يشكّل تهديداً لهذا الحق، وبالتالي يجب مواجهة هذه الظاهرة أينما حدث».
الأطفال والعنف
وعن السبب وراء اختيار لبنان لإجراء هذه الدراسة قالت زيلكوفيتز: «إنّ الجمعية تعمل على مستوى 120 دولة، وتم اختيار لبنان لإجراء هذه الدراسة الوطنية، لمعرفة ازدياد حالة العنف بين الأطفال، وخلال سنة واحدة، من العمل على الأرض، تم التبليغ عن أكثر من 100 حالة، لأطفال تعرضوا للعنف بمختلف أشكاله وأنواعه. وهذه الدراسة غطّت كامل الأراضي اللبنانية، وذلك بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأهالي والمعلّمات، وتذكيرهم بأنّ كل شخص في مجتمعنا يتحمّل مسؤولية، وضع حد للتنمّر بجميع أشكاله، كما أنّ كل واحد منّا بإمكانه من مكانه مساعدة الأطفال، على فهم الضرر الذي يمكن أن يحدثه التنمّر، مع الإشارة إلى أنّ اتخاذ إجراءات سريعة في حالات التنمّر ضرورية للغاية، لأنّها تساعد على حماية الأطفال، ومساندتهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والتعليمية».
بيرم
ولمعرفة المزيد عن تفاصيل الدراسة، التقت «اللـواء» المنسّق الإعلامي في «الجمعية» أحمد بيرم، الذي قال: «تعرّض ما يصل إلى 42% من الأطفال للركل أو الضغط، وأشكال من الاستقواء البدني، في حين أنّ 30% منهم تمّت الإساءة إليهم لفظياً، أو سمعوا ملاحظات مسيئة عن مظهرهم، أو جنسهم، أو وضعهم الاجتماعي والاقتصادي أو عرقهم أو دينهم أو لون بشرتهم.
من هنا التنمّر الاجتماعي شكّل 28%، أما التنمّر عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقد شكّل 6%، والعيّنة شملت 2033 شخصاً، موزّعين ما بين الأطفال وأهلهم، وتوزّعت الأعداد: جبل لبنان 33%، شمال 18%، البقاع والجنوب 15%، بيروت 6%، بعلبك الهرمل 5%، عكار 4%، النبطية 3%.
وكشف بيرم عن أنّ «كل استمارة ضمّت 178 سؤالاً، توزّعت على الأطفال، وذلك لنفهم منهم كيف يفسّرون التنمّر وأشكاله، وهل هناك أمان للطفل في المدرسة والمجتمع، وهل هم مرتاحون في المؤسسة التعليمية التي يدرسون فيها؟ والحقيقة أنّه تمَّ تظهير صور مختلفة، ومنها تمثّل أنواع العنف، لناحية قيام مجموعة من الأطفال، يسخرون من طفل يعاني من البدانة، وصورة تظهر طفلاً يسرق وجبة الغداء لزميله، وصور أخرى عن التعرّض للركل والضرب و«الفركشة»، والإساءة اللفظية حول جنسهم أو هويتهم أو الانتماء إلى المناطق التي يعيشون فيها، والبلاد التي جاءوا منها، وتحديداً الأطفال اللاجئين السوريين (%11) والفلسطينيين (%9.9) الذين قدموا من دمشق».
أهم النتائج
وعن أهم النتائج، قال بيرم: «من أهم النتائج أنّ 27% من الأهالي يعرفون أنّ أولادهم يتعرّضون للتنمّر بينما النسبة الحقيقية تصل إلى 51%، ما يعني أنّ نصف هذه الحالات، لم يتم التبليغ عنها، وأنّ 92% من الحالات، حصلت في الحي الذي يقطن فيه هذا الطفل أو ذاك، و58% في الملعب، و51% في الصفوف الدراسية، و30% خلال التنقل من المنزل إلى المدرسة، أو على الطرقات، أو في داخل الباص المدرسي.
تجدر الإشارة، إلى أنّ 54% من الأطفال الذين تعرّضوا لمثل هذه الحالات هم من فئة الذكور، و46% من فئة الإناث، وعليه فإنّ تداعيات هذه المشكلة خطيرة، أدت إلى ارتفاع نسبة الإنعزال أو الاكتئاب، عند الأطفال الأولاد، وعدم رغبتهم في الأكل وتراجع مستواهم الدراسي بشكل سلبي».