بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 آب 2019 12:02ص أجمل أيام عمرنا... طاعة ربّنا

حجم الخط
يعيش الحجّاج اليوم سعادة لا توصف وفق حساباتهم، ووفق ما هو مدوّن في قاموس عواطفهم... وذلك بسبب إنتهاء مناسك الحج وأدائهم لفريضة العمر، حتى ان البعض منهم اعتبرها أجمل أيام العمر.

ومصطلح «أجمل أيام العمر» سائد بين الناس، وهو مصطلح قديم وهو يختلف بين إنسان وآخر، فالبعض أداؤه لفريضة الحج ووقوفه في عرفات هو أجمل أيام العمر... نجاح أولاده في الدراسة هو أجمل أيام العمر... والبعض يوم زواجه هو أجمل أيام العمر... وآخرون أجمل أيام عمرهم عندما يرزقون بالأولاد.

ولكن لهذا المصطلح مفهوم آخر عند آخرين اتخذوا التنسّك مذهبا، ورأوا في طاعة الله ورضاه أجمل أيام عمرهم، فلم يكن ذلك الرجل يعلم أن اليوم الذي أماط فيه الشوك عن طريق الناس كان أفضلَ أيام حياته إذ غفَر الله له به... ولم تكن المرأة البغي تتوقع أن يكون أسعدَ أيام حياتها ذلك اليوم الذي سقَت فيه كلباً أرهقه العطش فشكر الله صنيعها وغفر لها.

إن أجمل أيام عمر سيدنا يوسفَ عليه السلام كان ذلك اليوم الذي وقف فيه في وجه امرأة العزيز قائلاً: معاذ الله، فترقّى في معارج القُرب إلى الله عزّ وجلّ، وحظي بجائزة: إنه من عبادنا المخلَصين.. وكان يوم العمر للصحابة الذين شهدوا معركة بدر الكبرى لما قيل لهم: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».

إن العبد قد يكتب له عز الدهر وسعادة الأبد، بموقف يهيّئ الله له فرصتَه، ويقدّر له أسبابه. حينما يطلع الله على قلب عبده فيرى فيه قيمةً إيمانية أو أخلاقيةً يحبّها فتشرق بها نفسه وتنعكس على سلوكه بموقفٍ يمثل نقطةً مضيئةً في مسيرته في الحياة، وفي صحيفة أعماله إذا عرضت عليه يومَ العرض.

وقد سطّر أهل العلم قاعدة ذهبية بما يكون مفخرة لمن يتقي الله ويسعى للعمل الصالح وان فرصته لرضا ربه تكون بدمعةٍ يذرفها في خلوة... أو مخالفةِ هوى في رغبة سولّت بها النفس الأمّارة بالسوء... أو في سرور تدخله طوعا إلى قلب مسلم... أو مسحة حنان على رأس يتيم... أو قبلة تطبعها على يد أم برّا بها... أو إبتسامة في وجه مسلم... أو قول كلمة حق... أو إغاثةِ ملهوف... أو نصرة مظلوم... أو كظم غيظ... أو إقالة عثرة... أو ستر عورة... فنحن لا نعلم من أين ستأتينا ساعة السعد؟!

وإذا كان حجاج بيت الله الحرام يعيشون الآن لحظات يومهم الموعود بسعادة وهناء... ليكن لنا في كل يومٍ عمل صالح، وحبّذا لو كان خفيّا، فقد يكون هو المنجّي، ويكون يومنا الموعود، فما كان للّه فهو المتصل وما كان لغير الله لا قيمة له لا في الدنيا ولا في الآخرة...