بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 حزيران 2019 12:03ص الناس على دين قائدهم إن صلح صلحوا.. وان خان خانوا

حجم الخط
إن الصراع بين الخير والشر... وبين الحق والباطل... وجد منذ أن وجد الإنسان على ظهر الأرض، والأنبياء والمرسلون والمصلحون، لم تهادنهم قوى الشر في أي زمان أو مكان، فلم يستكينوا ولم يضعفوا، وفي هذا الشأن يذكر القرآن الكريم: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.

قاد الأنبياء والمرسلون أممهم، وتصدّر المصلحون في قومهم، بناء على المنهاج الذي رسموه لأنفسهم، وهو منهاج الصبر والتواضع واحترام الآخر، ومارسوا هم أولا الفضائل ليكونوا القدوة كي يمارسها الناس من بعدهم، صبروا وصابروا، كانوا السبّاقين في فعل المكرمات، والصبر على الشدائد، والبُعد عن المنكرات والموبقات، طبّقوها عمليا على أرض الواقع على أنفسهم وأهلهم قبل أن يدعوا الناس من حولهم الى اتيان ما يدعونهم إليه.

أدركوا ان القائد هو القدوة، يطبّق ما يدعو إليه على نفسه، ثم يطلب من الناس أن ينحوا نحوه ويتبعوا أثره، ثم انه يسهر على راحتهم، ويعدل بينهم، ويدير شؤونهم مباشرة دون وسيط أو مندوب، يداوي مريضهم، ويعلّم جاهلهم، ويعين العاجز فيهم، ويؤمّن الطعام لجائعهم، ويوفّر لهم الأمن والآمان، ألم يقل الإعرابي لأمير المؤمنين لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب (القائد الأعلى للدولة الإسلامية العظمى) عندما رآه ينام في ظل شجرة: عَدلتَ فأمِنتَ فَنِمتَ يا عمر...

لقد انتصر المسلمون الأولون على أنفسهم قبل أن تنتصر جنودهم في المعارك عند ساحات الوغى، وفي التاريخ الإسلامي قصص وعِبَر منها هذه القصة:

عندما كان المسلمون يحاصرون الروم في مصر أرسل المقوقس الى عمرو بن العاص رسلا يفاوضونه على الصلح... فحبس عمرو الرسل في معسكر المسلمين، ليروا بأعينهم حالة الجنود ومدى إصرارهم على تحرير المقهورين من وطأة الغزاة المستبدّين، وعاد الرسل الى المقوقس فقالوا له: لقد رأينا قوما الموت أحب إليهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس لأحدهم رغبة في الدنيا وإنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وقائدهم كواحد منهم، وما يعرف قائدهم من جنودهم، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف منهم أحد يغسلون أطرافهم بالماء، ويخشعون في صلاتهم، فلما سمع المقوقس مقالة رسله قال مقولته التى سطَّرها له التاريخ بحروف من ذهب: هؤلاء قوم لو استقبلوا الجبال لأزالوها وما مثلهم يغلب عن قلّة.

نعم قائدهم كواحد منهم لو استقبلوا الجبال لأزالوها.

كلام مسطّر بحروف من ذهب.

الناس على دين ملوكهم، إن صلح صلحوا وان خان خانوا

فهل من يقرأ ويتدبّر.