بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الأول 2018 12:02ص الهموم تعالح بالعمل لا بالقول

حجم الخط
يردد الناس وما أطيب ما يرددون من قول النبي  صلى الله عليه وسلم  من دعا بدعاء يونس (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فرج الله كربه، وصدق النبي الكريم المعصوم  صلى الله عليه وسلم ، ولكن ما تفعل الكلمات في كرب معلوم السبب، ولتوضيح ذلك أقول إن الزوجة التي تعاني كرباً من بخل زوجها الذي يضيق عليها وعلى أولادها هل يتنفس كربها بدعاء يونس- عليه السلام- أو بدعاء غيره؟ أم يتنفس كربها بنصح ذلك البخيل وحضه على الإنفاق الواجب عليه، فإن لم يجد معه النصح فإلى القضاء الذي يجبره على الإنفاق، وكتب الفقه فياضة في هذه المسألة وما قال أحد من فقهاء المسلمين على هذه الزوجة أن تقول: لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإن كربها يزول بإذن الله؟!
وذلك المريض المكروب من آلام مرضه، لاشك أن إزالة كربه في الطب الذي يعالجه، فقد استدعى النبي  صلى الله عليه وسلم  طبيباً لأحد الصحابة في مرضه فقال الناس: أو يجدي الطبيب يا رسول الله؟ قال: نعم ما قال النبي  صلى الله عليه وسلم  للمريض: قل كذا وقل كذا وإنما الجمع بين الأخذ بالسبب والدعاء مما لا خلاف فيه لكن الاكتفاء بالقول وحده من التقصير بمكان إلاّ أن يكون السبب مجهولاً، لكن البحث في الموجود من هدي النبي  صلى الله عليه وسلم  الذي هو هدى هذا الدين.
فمن رأى عاطلاً في كرب فرج كربه بمنحه فرصة عمل، ومن رأى فقيراً يعمل ودخله من عمله لا يكفيه فرج كربه بسد حاجته وجبر نقصه، ولذا قال الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين...} الآية فهي علاجهم ومتنفسهم، ولا يسد جوعهم أن يقولوا أي كلام إنما يسد جوعهم الطعام، وحين هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة لم يستعذبوا ماءها، إلاّ ماء واحداً في بئر رومة، فاشتراها عثمان، وتقرب بها إلى الله، عز وجل، وجعل دلوه منها كدلو أي إنسان دون تمييز، ما قال النبي  صلى الله عليه وسلم  اشربوا من أي ماء، وقولوا قبل أن تشربوا كذا وكذا، وإنما قال عليه الصلاة والسلام: «من يشتري بئر رومة ليشرب منها المسلمون وله الجنة؟» فاشتراها عثمان رضى الله عنه.
أليس هذا هو الهدى والنور، والحق الذي ليس بعده إلاّ الضلال ..فهذا هو الإبصار، وغيره عمى، نعوذ بالله من صنوف العمى جميعاً.
د. مبروك عطية