بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تشرين الأول 2020 12:01ص رابطة العالم الإسلامي تجدّد إدانتها للإساءات الفرنسية

الحرية تقوم على احترام مشاعر الآخرين وإلا انقلبت إلى كراهية وعنصرية

محمد بن عبد الكريم العيسى محمد بن عبد الكريم العيسى
حجم الخط
أدانت رابطة العالم الإسلامي «مجدداً» أساليب الإساءة لأتباع الأديان ومن ذلك «الرموز الدينية» لأي دين، وبيَّنت أن الإسلام ينهى عن ذلك، موضحة أن علماء المسلمين ذكروا أن «مقابلة الإساءة بالإساءة تدخل في هذا النهي؛ إذ تُغْرِي المسيء بالمزيد دون طائل ولا نهاية».

وأكدت الرابطة أن المبدأ الحقوقي لـ «حرية التعبير» لا بد أن يؤطر بالقيم الإنسانية التي تقوم على احترام مشاعر الآخرين، وأن حرية الرأي متى خرجت عن تلك القيم فإنها تسيء للمعنى الأخلاقي للحريات، كما تسيء إلى مقاصد التشريعات الدستورية والقانونية التي أكدت ضمان حرية إبداء الرأي بأي أسلوب مشروع، ولم تقصد من ذلك إثارة الكراهية والعنصرية بذريعة حرية الرأي، ولا افتعال الصراع الثقافي والحضاري بين الأمم والشعوب.

وأضافت الرابطة في بيانها الصادر عن أمينها العام رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أصدرته في هذا الشأن أن هذه التصرفات هي محسوبة على أصحابها ولا تتحمّلها الشعوب التي تربطها ببعض صلات المحبة والاحترام، فنحن في رابطة العالم الإسلامي لا نَحْمِل في قلوبنا نحو الشعوب الأخرى، ومن ذلك أتباع الأديان إلا محبة الخير لهم، مؤكدة على أن الإساءة للرموز الدينية الإسلامية تعني الإساءة لمشاعر أكثر من مليار وثماني مائة مليون مسلم، ولكن الإسلام في جميع الأحوال لن يكون في موقف مقابلة الإساءة بالإساءة، «ولكنه يوضح الحقيقة لمن يجهلها»، كما أنه في هذا السياق يندد بأي أسلوب من أساليب التصعيد من أي طرف، ويَعْتبر ذلك إساءة للقيم الدينية التي جاءت رحمة للعالمين ومُتَمِّمَةً لمكارم الأخلاق، فضلاً عن كون ذلك إساءة للقيم الدستورية للدول المتحضرة والتي أوضح شراح دساتيرها أنها جاءت بالقيم الإنسانية ومن ذلك المعنى الأخلاقي الكبير للحريات المشروعة المشتمل على مفاهيم الاحترام وتعزيز المحبة بين الجميع.

وقال البيان إن رسالة الإسلام بدأت برجل عظيم هو سيدنا ونبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى بلغ اليوم أكثر من مليار وثماني مائة مليون مسلم، وبَيَّن لنا القرآن الكريم بأن أخلاقه عظيمة، كما جاء في وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه «لم يكن فاحشاً ولا مُتَفَحِّشاً ولا صَخَّاباً في الأسواقِ، ولا يَجْزِي بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يَعْفُو ويَصْفَحُ».

وأكد البيان أن وَعْيُنا الإسلامي يجعلنا أكثر حكمة في التعامل مع أي محاولة للتطاول والإساءة، كما أن وَعْيَنا الإسلامي يُدرك أن كثيراً من المزايدين في هذا يراهن - كما أشرنا غَيْرَ مرةٍ - على ردة الفعل غير الحكيمة لتحقيق مكاسب خاصة، ومن ذلك إضفاء القيمة والأهمية والعالمية على إساءته، ومثل هؤلاء لا يُمكن أن يراهنوا إلا على الأقوياء؛ فهناك كثير من الرسامين ومن الصحف كانوا مطمورين مغمورين فاشتهروا وحققوا أرباحاً جلبتها لهم «مجاناً» ردود الفعل التي لم تدرس الموضوع من كافة جوانبه، وهو ما أعطى البعض «تصوراً خاطئاً جداً» بأن الإسلام بهذا القدر من الضعف بحيث لا يتحمل مهاترات لا قيمة لها ولاوزن، بينما الإسلام «أكبر» و«أقوى» من ذلك كُلِّه، كما أننا على يقين تام بوعد الله تعالى لسيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول جلّ وعلا: {والله يعصمك من الناس}، ويقول سبحانه: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}، فقد حفظ الله سبحانه نبيه الكريم من تلك المهاترات وهي «عصمة» و«كفاية عامة وشاملة ودائمة».

وقد أكد البيان أن الرسوم التي تحاول التطاول على مقام سيدنا ونبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لم ولن تمسّه بسوء فهو أكبر وأجلّ وأقدس من أن يطاله متطاول، وإن كانت مسيئة لنا نحن المسلمين بشعورنا العظيم نحو سيدنا ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكننا نعالج ذلك بالحكمة، كما أننا لا نُعَمم هذا التصرف على الآخرين، ونُفَوِّت الفرصة على كل من راهن على ردة فعل يرمى من ورائها إلى تحقيق مكاسب ذاتية.