بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيلول 2018 12:03ص عائشة أم المؤمنين درس آخر في الحياء

حجم الخط

تقلب صفحات في سيرة رسول الله محمد عليه الصلاة و السلام وسيرة أهل بيته الكرام.. فنجدها تنضح علما وادبا ودروساً ومواعظ لا زلنا إلى اليوم وسنبقى نرتشف من معينها الطاهر... لكي يستقيم سلوكنا في زماننا هذا... وليته يستقيم!!!
ومن هذه الأنوار المشرقة... درس من دروس الحياء من بيت النبوة حيث حدثنا: ‏ ‏حماد بن أسامة‏، ‏قال: أخبرنا: ‏ ‏هشام‏، عن ‏ ‏أبيه‏، عن عائشة... قالت: كنت ادخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وأبي فاضع ثوبي فاقول: انما هو زوجي وابي... فلما دفن عمر معهما فوالله ما دخلت الا وانا مشدودة على ثيابي حياء من عمر.
قمة الأداء في الأدب والحياء تستحي ام المؤمنين من عمر بن الخطاب رضي الله عنها وعنه وهو ميت في قبره... 
وما يحزنني أمام هذه اللوحة الأدبية الرائعة... واقع الامة الاسلامية اليوم، واقع شيبها وشبابها، واقع اطفالها ونسائها، هذا الواقع الذي يغلفه الانجرار الاعمى خلف كل ما يرسم لنا من قبل الاخرين، والسير من دون تبصر خلف كل حداثة او تكنولوجيا، وما يحزنني اكثر اننا نبدع في الافادة من الجوانب السلبية للتكنولوجيا والموضة ونمارسها قولا وفعلا في حياتنا العملية. 
وليتنا كنا إمعة (ان احسن الناس احسنا وان اساؤوا أسأنا) حتى هذه رغم انها ممقوتة مذمومة لم نفعلها، بل مارسنا الشر المستطير، وصرنا ان احسن الناس أسأنا ونمارس الخطيئة مبالغين فيها في موقع الاساءة..؟! وان أساؤوا بالغنا في الإساءة..؟! 
ومن غير العدل ان نلقي الملامة على غيرنا، بل هذا ما جنته ايدينا ... فالعاقل يمارس الجنون بملء ارادته، والمؤمن يجنح للفسق بداعي الاستطلاع، والمسلم يمارس الشرك او الكفر اجتهادا منه في غير موقع الاجتهاد، ظن البعض انه أمة في رجل ولم تعد تسعه الارض بما رحبت وتاه الكثير في غياهب التسلية والضحك واصبح الكثير يتقن فن هدر الوقت وقلة الحياء .
وحتى لا أكون مساهما في بث روح التقهقر بين الناس، أذكر اننا بعد رسول الله والسيدة عائشة أم المؤمنين والصحاب الكرام بقينا ثمانية قرون طوال سبقنا بها الغرب بحضارتنا، نقلنا اليه طائفة لا تحصى من العلوم والفنون والصناعات والاكتشافات التي استفاد منها وتبناها... علمناه الأخلاق والاداب والفلك والجغرافيا والرياضيات والطب والصيدلة والموسيقى. 
باختصار صدرنا اليهم العلم وشتى صنوف المعرفة، وكنا طيلة ثمانية قرون الشمس التي سطعت على الغرب وصدروا الينا اسلحة الدمار الشامل ووسائط الرذيلة والخلاعة والفساد الاخلاقي وشرعوا الانحراف وزواج المثليين وغيره.
هذه هي حضارة الغرب اليوم، يحافظون على الحيوان في بلادهم ويقتلون شعوبا في بلادنا.. فحسبنا الله ونعم الوكيل. 
الشيخ عباس محمد العرب