بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تشرين الثاني 2019 12:05ص في ختام قمّة الأديان وبمشاركة شخصيات من مختلف دُوَل العالم

مطالبات عاجلة بالعمل على إجراءات فاعلة لحماية الأطفال في العالم الرقمي

شيخ الأزهر وعدد من المشاركين في القمة في ضيافة بابا الفاتيكان شيخ الأزهر وعدد من المشاركين في القمة في ضيافة بابا الفاتيكان
حجم الخط
طالب المجتمعون في ختام «قمة الأديان» بالفاتيكان، بضرورة العمل بإجراءات عملية وفاعلة تعزز جهود حماية الأطفال وكرامتهم عبر العالم الرقمي، وتمتين التشريعات القانونية، وتحسين وتطوير سبل الحماية التقنية وزيادة التعاون وتبادل المعلومات والوسائل بين كافة المؤسسات والهيئات والشركات بين القطاعين العام والخاص، وتشكيل فرق عمل معنية ومتخصصة لمتابعة الإجراءات العملية وزيادة الوعي بالمخاطر الرقمية وجعل الوقاية في مقدمة الأولويات.

هذا وشارك في القمة أكثر من 80 شخصية عالمية، وذلك بتنظيم من الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية (PASS) و«تحالف الأديان من أجل مجتمعات أكثر أماناً»، و«تحالف كرامة الطفل» بمناسبة الذكرى الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، وشملت قائمة المشاركين عدداً من قادة الأديان وأبرز ممثليها حول العالم، ومتخصصين في الاقتصاد وقطاع البنوك، وممثلين عن المنظمات التي تعمل في مجال محاربة جرائم العنف ضد الأطفال، ومتخصصين في علم النفس والاجتماع المهتمين بشؤون الطفل وكرامته. 

كما تناولت القمة عبر جلساتها في اليومين، عدداً من المحاور، أبرزها، مفهوم كرامة الطفل في العالم الرقمي، والإجراءات اللازم اتخاذها من الشركات والمنظمات غير الحكومية للحد من الاعتداء الجنسي على الأطفال واستغلالهم عبر شبكة الإنترنت، والدور المنوط بقادة الأديان في حشد المجتمع الدولي لمكافحة هذه الظاهرة المستجدّة.

وكان البابا فرنسيس، قد ألقى كلمة في اليوم الأول، حثّ فيها المجتمع الدولي على دعم الإخاء الإنساني وعقد مثل هذه الملتقيات والمؤتمرات الهادفة إلى تعزيز حماية المجتمعات بكافة فئاتها، داعياً بشكل خاص شركات التكنولوجيا إلى اتخاذ إجراءات أكثر حسماً تعزيزاً لحماية الأطفال من المحتويات الضارة.

حماية الأطفال

{ وأكدت دانة حميد، ممثلة تحالف الأديان لأمن المجتمعات في كلمة بافتتاح القمة في يومها الأول، من الأهمية أن نبدأ في الإجراءات العملية بعد أن استكملنا رحلة من البحث والدراسة والخطابات حول المفاهيم النظرية وحول المطلوب، وآن الأوان للتحرّك العملي منا جميعاً ممثلين لحكومات ومؤسسات المجتمع المدني وقادة الأديان.

وقالت: «إننا اليوم في الفاتيكان لترجمة هذا المفهوم إلى حلول قابلة للتنفيذ سنقف وراءها ونعمل عليها، فأطفال العالم يواجهون تحدّيات معقّدة أكثر من أي وقت مضى والاستغلال الجنسي هو أحد أخطر التحديات، وأصبحت هذه الجريمة الفظيعة واحدة من أسرع الجرائم نمواً في بعض أنحاء العالم، وهي لا تؤثر في أطفالنا فحسب، وأيضاً في ازدهار مجتمعاتنا».

وأشارت إلى ضرورة، أن نحوّل الحوار إلى عمل، لأن هذه الجريمة لن تنمو إلا في نطاقها وخطورتها تتزايد، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 6000 صفحة «ويب» تحتوي على مواد لإساءة معاملة الأطفال تم تحليلها بواسطة مؤسسة Internet Watch وكان هناك ضحايا الذين تقل أعمارهم عن عامين.

حماية القيم الإنسانية

{ وتحدث في اليوم الثاني د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف كضيف الشرف وتناول في كلمته لمحة تاريخية عن حقوق الطفل، وجهود الأزهر في دعم المبادرات التي تتناول الحفاظ والنهوض بكرامته، وإبراز النماذج الإيجابية التي وفّرها العالم الرقمي للأطفال من فرص أفضل للتعليم والتسلية المفيدة، كما تناول عرضاً لبعض النماذج والصور السلبية للاعتداء على الطفل في العالم الرقمي، وتقديم عدد من المقترحات والتوصيات من أجل ترجمة هذه الحقوق من المرحلة النظرية إلى مرحلة التطبيق الفعلي.

وقال إن هذا الاجتماع ضرورة حتمية يمكن أن تتجاوز مجرد ترديد هذه الحقوق، مشيراً إلى أن حقوق الطفل وهي متنوعة في التشريع الإسلامي وتتمتع بحماية جيدة، «مثل هذه الحقوق تمثل هدفاً مقدّساً في فلسفة الإسلام، وأحد الأهداف الرئيسية للقواعد الإلهية»، نتيجة لكرامة الطفولة. 

وأعرب عن قلقه العميق إزاء الوضع الرهيب للأطفال المعاصرين، المستعبدين من الأدوات التكنولوجية والحياة الافتراضية التي تسببت أعراضها بـ «انجراف عميق بين الأطفال وأولياء أمورهم وأقاربهم»، والاضطرابات الاجتماعية والنفسية، مؤكداً أن هذا الخطر «احتل دائماً مساحة كبيرة في تفكيرنا وفي اهتمام مشترك مع أخي وصديقي قداسة البابا فرانسيس من الفاتيكان عندما عملنا سوياً على إعداد وثيقة الأخوة الإنسانية».

وقال نظراً لأن ثورة التكنولوجيا الرقمية «لن تتوقف عن التطوّر بكل عواقبها الإيجابية والسلبية»، فإن «إيجاد حل لا يمكن أن يكون عن طريق مواجهة هذه الثورة، بل عن طريق البحث بجديّة عن سبل إقامة علاقة متينة بين التقدّم العلمي والدين، ينظر إليها على أنها حارس القيم الإنسانية النبيلة». 

وأعلن أن «الفجوة بين مجرى العلم والدين، تشكّل مأساة إنسانية حديثة، تؤدّي إلى التقدّم في العلوم والتكنولوجيا، لكن الانسحاب في القيم والأخلاق والفضائل»، وأعطى مثال على العلاقة الملحوظة بين التقدم المذهل في أسلحة الدمار الشامل والصراعات المأساوية في الدول العربية والإسلامية، أو بين تجارة الأسلحة والإرهاب.

وأكد أنه وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يتم تجنيد الآلاف من الأطفال من قبل الإرهابي «بوكو حرام» و«داعش» من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والألعاب الرقمية ومواقع الإنترنت «التي تغسل بهم وتملأ رؤوسهم بصور العنف والأفكار العدوانية، قائلاً: «إن بعض المبادئ الأساسية المحفوظة للمؤمنين بالله، وكذلك الأشخاص الحكيمين الذين ما زالوا يؤمنون بالقيم الإنسانية النبيلة، لوقف هذا الوباء الذي يصيب الأطفال في جميع أنحاء العالم: «العودة إلى مبدأ الأسرة» مسؤولية الأطفال عن مشاهدتهم وتوجيههم ونقاش مستمر حول القضايا ذات الصلة في إطار المؤسسات الدينية والتعليمية، لا سيما في المناهج والبرامج في المرحلة المبكرة من المدرسة».

ودعا إلى عقد مؤتمر لمناقشة هذه القضية الخطرة، مع الأخذ في الاعتبار مبدأ احترام الحضارات الإنسانية الأخرى، والمبدأ الوحيد الذي يمكن أن يحقق التعاون المتبادل الذي نتطلع إليه جميعاً لربط الشرق والغرب بشكل متناغم.

كما افتتحت الجلسة الثالثة بعنوان «الإجراءات العملية من صانعي السياسات» تحدّث فيها عدد من المسؤولين الحكوميين العالميين ورئيس الكرسي الرسولي في الفاتيكان، والجلسة الرابعة تحت عنوان «الإجراءات العملية من قادة الأديان» تحدث فيها عدد من هؤلاء القادة حول دور الأديان والشرائع السماوية في معالجة التحديات الاجتماعية. 

وتلى ذلك الجلسة الختامية تحدث فيها نجاة معلا امجيد، ممثلة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة معنية بالعنف ضد الأطفال والكاردينال بيترو بارولين، أمين السر في الفاتيكان.

البيان الختامي

أصدر المجتمعون في اختتام قمة الأديان تحت عنوان: «تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي من الفكرة إلى التطبيق»، بيان ختامي مشترك، منطلقاً من المبادئ العالمية والمعتقدات الدينية والأخلاقيات الإنسانية، فأوصى بالآتي:

قيام بحملة عالمية للوقاية والتوعية، تشمل هذه الحملة التثقيف حول طبيعة الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت ومدى شدته، والتدخّل المبكر ضد الجناة المحتملين قبل ارتكابهم للجريمة.

إجراء بحوث اجتماعية جديدة لتوفير فهم أفضل لنطاق وشدة الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت. 

تشكيل فريق عمل معني بالبحث يضم بعضاً من كبار العلماء والباحثين في العالم في مجال الاعتداء الجنسي على الأطفال واستغلالهم لإجراء بحوث تأسيسية حول الاعتداء الجنسي على الأطفال واستغلالهم عبر الإنترنت وخارجها. 

إقامة مائدة مستديرة لصناعة الإنترنت لإعادة تحديد دور شركات التكنولوجيا.