بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آب 2019 12:04ص في عيد الأضحى العلماء يؤكّدون: أيام تعلّمنا الصبر والتقوى.. وتدعونا للتضحية في سبيل الأمّة

حجم الخط
يطلُّ علينا عيد الأضحى في اليوم العاشر من ذي الحجة في كل عام، ومنّا من يمرّ به دون أن يعي الدرس الذي يحويه، أو كيف يعدّنا عيد الأضحى لتقديم كل التضحية التي يطلبها منّا الدين والعقيدة، فبالإضافة للإحتفال لا بد أن نعي أن لهذا العيد تأثير وتغيير، فلو أننا إحتفينا بأعيادنا بأبعداها الحقيقية لصحّ ما فسد من أمرنا وأستقام ما اعوّج من أمرنا..
فما هو رأي السادة العلماء في هذا الأمر؟..

غندور
{ بداية قال القاضي الشيخ زكريا غندور أن العيد يأتي هذا العام والبلاد تعاني من أزمات كثيرة ولكن لا بد من التفاعل مع المناسبات بحيث تتجدّد معانيها بالحوارات وإحياء الإحتفالات والإرتباط بها لأن الإكتفاء بالمناسبات وتجاهل التوجيه الإسلامي اللازم هو ما يؤدّي إلى ما نعيشه من ظروف حالياً حيث بات الإرتباط بالدين شكلياً دون تحقيق التفاعل مع هذه المناسبات كما هو مطلوب.
وقال: السبب الرئيسي في إهمال الفرح والبهجة في أيام العيد هو الهيمنة الإعلامية في العالم العربي التي تسيطر على أذهان الناس وتفاعلاتهم اليومية فهم يأتون بالخبر عن العيد وكأنه حالة دعائية تمرّ على برامجهم قبل أن يعودوا إلى برامجهم اليومية وبالتالي لا تذكر هذا العيد سوى في حينه وفي الفترة المعينة التي تراها على الشاشة أو تسمعها في الإذاعة المسموعة أو تقرأه في يوم العيد في الجرائد في يوم العيد حصراً وما بعد ذلك ينتهي التفاعل مع هذه المناسبات، وذلك يعود إلى غياب البرامج التي ترتبط بهذه المناسبات كي تضيء عليها في فترة هذه المناسبة أو على الأقل أنها تأتي بمن يتكلم عنها، لذلك نقول لا يجب أن يكتفي هؤلاء بأن تكون الذكرى هي عبارة عن كلمة أو احتفال وإنما هي قدوة يقتدي بها الناس ويتفاعل معها المسلمون وكذلك غير المسلمين كما نحن نتفاعل معهم وفي مناسباتهم لأننا نعيش في بلد واحد، أضف إلى ذلك إنشغال الناس ببعضهم البعض إما بأعمالهم أو بمعيشتهم أدّى إلى غياب هذا التفاعل المطلوب.
واختتم: على كل حال فإن التفاعل مع مناسباتنا الإسلامية لا يقتصر على الإحتفالات بل هو بتطبيق ما أمر الله تعالى وإعتبار كل يوم عند المسلمين مناسبة في صلاة الفرد وصدقه وإبتسامته في وجه أخيه فيكون التقصير الأكبر هو في عدم إيصال معنى هذه المناسبات إلى الآخرين بشكل صحيح الأمر الذي يجعل المناسبات تغيب عن الأذهان، وكل عام وأنتم بألف خير.
اللقيس
{ أما إمام مدينة جبيل الشيخ غسان اللقيس فقال: الحج هو مشهد من مشاهد الله العظمى وهو يجمع المسلمين من كافة أنحاء العالم تحت صعيد واحد ويتلاقون على كلمة واحدة لا فرق فيه بين عربي وأعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، ويقفون على عرفة يوم المشهد العظيم، يوم يتباهى الله لملائكته حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلائِكَةَ، فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثاً غُبْراً ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ, أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غفَرْتُ لَهُمْ. فَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ: أَيْ رَبِّ، إِنَّ فِيهِمْ فُلانٌ مُرَهَّقٌ، وَفُلانٌ كَذَا، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «فَمَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ عِتْقاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ»، فنسأل الله سبحانه وتعالى في هذه المناسبة وفي مناسبة عيد الأضحى، إنه كما جمع حجاج بيت الله الحرام في هذا المشهد العظيم أن يجمعهم على التقوى وكلمة التوحيد وأن يفرّج همومهم ويزيل كربهم وأن ينصرهم على أعدائهم كما انتصر فيه سيدنا إبراهيم عليه السلام على الظلم وعلى الشيطان حيث رأى عليه السلام في المنام أن الله عزّ وجلّ يأمره أن يذبح ولده ، ومعلوم أن رؤيا الأنبياء وحي يقول الله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} فماذا كان ردّ الغلام إسماعيل عليه السلام؟ قال جلّ وعلا: {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، وحانت اللحظة الحاسمة بعد أن عزم إبراهيم عليه السلام على ذبح ابنه، انقيادا لأمر الله عزّ وجلّ، ولكنّ السكين لم تقطع، بإرادة الله عزّ وجلّ، عندها فداه الله عزّ وجلّ بكبش عظيم من الجنة. هذه كانت نتيجة التوّكل والصبر والإيمان بالله عزّ وجلّ. كما نسأل الله أن يجعل أعيادنا أعياداً مجيدة فيها رفعة وفلاح للأمة الإسلامية جمعاء.
وأضاف: إن المناسبات الدينية الإسلامية هي مناسبات جامعة وينبغي أن يكون أثرها الإيجابي في المجتمع واضحا على علاقة المسلمين فيما بينهم، والحقيقة المرّة التي نشاهدها في هذه الأيام ان إحتفالاتنا في المناسبات الدينية تقتصر فقط على المظاهر دون النظر إلى الجوهر والمضمون، فحين ننظر مثلاً إلى عيد الأضحى المبارك وما فيه من التضحية وسنّة الأضحية وما فيه من سنّة التكبير وإظهار التكبير بمعنى أن الأمة ينبغي أن ترى كل ما تشاهده بأن الله تعالى قادر على أن ينهيه وهو صغير جداً أمام عظمة الله تعالى، من هنا ينبغي أن تكون هذه الأعياد وهذه المناسبات هي مناسبات تحرّك النسيج الإسلامي للوحدة والتفاعل فيما بينهم إن لجهة المحافظة على هذا الدين وإن لجهة العلاقة الإجتماعية، فنحن نعاني اليوم في كل مجتمعاتنا الإسلامية من التفكك الإجتماعي والأسري وأصبح إهتمامنا في أعيادنا ومناسباتنا هو شكلي لا أكثر وبالتالي إذا لم تحتفل الأمة بعظمائها وإذا لم يكن لهذه الأمة تاريخ مجيد يزرع في صدور أبنائها وفي عقول أجيالها فإنها لن تقوم لها قائمة.