بيروت - لبنان

22 آب 2023 12:00ص نظرية الألوان بين الثبات والحركة بين زوهراب ويولاند نوفل

حجم الخط
يفرش الفنان التشكيلي «زوهراب» طبيعته اللونية الحرّة على أرضية لوحاته، وكأنها قطعة جمالية متنوعة لونياً، إذ يخصص لجماليات الطبيعة البكر التي يشوّهها الإنسان، ومن ثم يبحث عنها بصرياً، لتكون جنته على الأرض، ليدرك التأثيرات البصرية المنبعثة من الزهور والورود والأشجار، وكل التفاصيل الصغيرة التي من الممكن أن لا يهتم لها الإنسان، وتتضمن فكرة الغذاء اللوني للحس القادر على إعادة إنتاج الشكل في المخيّلة، ويلتقي الفنان زوهراب مع الفنانة «يولاند نوفل» عبر نظرية الألوان بين الثبات والحركة، وما ينبثق عنهما من إدراك تراه العين ويحلله الإحساس، ويستمتع به البصر، ليجمعا ما بين الطفولة والوعي وكأن الجمال في لوحة كل منهما هو بيانات مشتركة بين العين والدماغ، لتولد إنسانيا عبر مراحل وعي الإنسان من الطفولة إلى الشباب، فالكهولة الملونة الميّالة إلى قدرة الإنسان على التكيّف عبر التأملات اللونية الموجودة في الطبيعة وتغذّي البصر وتثير الفرح في الروح قبل القلب. فكيف ويولاند نوفل تهتم بالطفولة وتمنحها راحة نفسية عبر ألوانها؟ وهل ما بين زوهراب ويولاند رحلة نفسية لونية تضعك أمام نفسك من الطفولة إلى اللحظة التي تتأمل فيها لوحاتهما؟ وهل الشجون الحسية الملفتة بصريا في لوحات زوهراب هي حكاية التراب الذي يحتضن الألوان والأطياف تقلب المعاني التشكيلية عند يولاند نوفل بأسلوب يترجم الشجون الطفولية عند الإنسان الذي يختزن المشاعر الجمالية في ذاكرته الطفولية؟ أم هي لغة الجمال بين الطبيعة والإنسان والقدرة على التغنّي بمفاتن الألوان المثيرة لفلسفة الوجود التي حيّرت الفنان زوهراب؟
نسيج فني تشكيلي تتداخل فيه جماليا روحيات الألوان الصاخبة في أبعادها والهادئة في مغزاها، وكأنها تُشكّل محاورات إنطباعية لونيا وتعبيرات النفس الطفولية، لتصحيح التشوّهات في لحظات نلجأ إليها، لتكوين مناخات مفتوحة تخيّلياً على مراحل الإنسان من الولادة إلى الموت، وكأن اللون هو بصمة وراثية تشكيلية، لكل فنان استطاع التغلغل والوصول إلى العمق النفسي، ليحيا وجدانيا في لوحاته ومصائرها في الحياة التي يغادرها، ويبقى فيها فنياً، وبجماليات تجعل منه موجوداً في الخلايا اللونية ومذاقاتها المألوفة، والتي تثير الهدوء والإستقرار النفسي، كأن المتأمل لها يجلس في حديقة من الألوان أو في قصة كما هي الحال في لوحات الفنانة التشكيلية «يولاند نوفل» التي تجعل من كل لوحة لها قصة تحوّلنا إلى الوعي المكبوت داخلنا، لنتحرر من ضغوط الحياة. فهل توقظ الاحساس الطفولي من خلال لوحاتها أو تجعلنا بينها وبين زوهراب كمن ينشأ في ذاكرته سليما معافى من أدران الحياة، وما خالطها من حزن جعلته في أطر أبعدتها عن العين أو نثرتها لونيا بين جزئيات الألوان التي تصيب العين بنشوة الحياة وجمالياتها؟ وهل استطاع زوهراب ترك فناً تشكيلياً له قواعده وأسسه ومعاييره الجمالية؟ أم أن مزاجه الطفولي جماليا فرض عليه الوعي اللوني في تشكيلات هي الحياة وبصمتها في وجدان اللوحة؟
في المعرض الفني التشكيلي بين الفنان التشكيلي زوهراب الباقي عبر فنه والفنانة يولاند نوفل الذي أقامه غاليري أكزود في الأشرفية حقيقة جمالية متناغمة بين أسلوبين لفنانين تشكيلين يمتلك كل منهما طبيعة لونية تعيد للنفس الصيغة الحياتية التي ينسلخ منها بعد طفولة ترجمتها يولاند نوفل في لوحاتها وكأنها تنبش المفردات الخالية من التلوثات الحياتية ضمن تراكيب لونية بالغة الأثر البصر لخلق مزايا بين الأنسجة اللونية والخطوط للاستمتاع بالمزايا الجمالية القابعة في النفس منذ الطفولة إلى الشيخوخة. فهل يترنّم المتأمل لأعمال الفنان التشكيلي زوهراب والفنانة التشكيلية يولاند نوفل معا في غاليري أكزود الأشرفية؟