بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آذار 2020 12:00ص أعمال الفنان الأميركي جون ون: فن الشغب المحتفّظ بالغنى اللوني

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يمارس الفنان «الأميركي جون ون» (Jonone) فن الشغب المحتفظ بالغنى اللوني أو فن الغرافيتي المنبثق من ثقافة الـ «هيب هوب»، والضجيج الإيقاعي الذي يعكس حركة الشارع أو حرية الإيقاع اللوني، وحركة الخط التي تكتسب الكثير من التعبيرات الداخلية ضمن التجريد المستوحى من التراكيب البصرية التي تتميّز بقوة الخط وتعرّجاته واتجاهاته أو الأحرى موسيقاه البسيطة والمعقدة في آن، وعبر طاقة النفس الميّالة الى الإيقاع السريع أو العشوائيات الخاصة بالمشاغبة الفنية المنظمة، والتي تتطوّر وفق التآلف اللوني والتناقضات بين الأحجام والخطوط والألوان، بمعنى آخر القدرة على خلق مساحات تترجم قوة الحيوية في الشارع الذي يمارس فيه الفنان التعبيرات بحرية على الجدران، عبر ما يعرف بفن الغرافيتي، وفي الوقت نفسه هو تفجير الطاقة الابداعية في الفن من خلال الألوان والخطوط والأحجام، وبتجريد غير مقيّد بل منفلت من كل المعايير، وان كان يمثل في باطنه الكتابة على الجدران من خلال اللوحة التي تحتفظ بإيقاعات الزمن ومحدودية المكان، لتتسع اللوحة وتنفتح على زمن تمثله، وهي معلقة على جدران المعرض الخاص أو على جدار ما، وبالتالي تشكّل إنتفاضة فنية تشكيلية لها ميزة الجنون لفنان اسمه «جون ون» أو جنون. فهل الابتكار في الفن يحتاج لإنطلاقة بصرية سريعة غير محدودة بقياسات أو مساحات وتعتمد على التكرار الايقاعي وجنون موسيقاه؟

تستكشف ريشة الفنان «جون ون» التنوّع البصري بين البارد والحار، والطويل والقصير والمتناقضات الأخرى التي من شأنها رفع مستوى الايقاعات المختلفة التي يسعى من خلالها الى تمثيل القوة الابداعية المرتبطة بالريشة واللون، كنوع من الهروب أو تبادل الأفكار الحياتية مع الآخرين، وان ضمن الفن التشكيلي أو ضجيج «غرافيتي آرت» حيث تزدهر تفاصيل الألوان واشتقاقاتها، وتأثيراتها على مفهوم الحرية بشكل عام، مما يعكس قدرته على الانفلات والانضباط ضمن زوايا اللوحة التي جعلته يتحرر من الكتابات على الجدران، وان لم يختلف الأسلوب ولكن اختزل ما أمكن من المساحات الايقاعية، والتكرارات من خلال اللوحة المختزلة للغرافيتي أو للكتابات على الجدران التي تتصارع مع ذاتها للتعبير والخروج عن المألوف حيث تبرز لفتة تشكيلية يتحدّى بها القواعد الصارمة في الفن بالتحرر منه، فالخصوبة اللونية تفيض بالأحاسيس الشاعرية، وان تملكتها الفوضويات أو ما يشير من خلاله الى العشوائيات في المجتمعات منتقلا من التعبير المبطن الى التجريد المملوء بالحركة الصارخة والديناميكية الصامتة، والأنماط غير التقليدية في هذا الفن تحديداً الذي يرمز الى اللاوعي واللامبالاة، وفي الوقت نفسه هو صرخة للتمسّك بالحياة وجمالية الإنسان الذي يعيش فيها ضمن حركة قوية لا تتوقف، كأننا مخلوقات تفيض بالحركة والطاقة ضمن ألوانه الساخنة وتوازن ألوانه الباردة. فهل من جنون فعلا في رسوماته الابتكارية التي جعلتني أكتب عنها واصطدم بحرية الفوضى في أعماله؟

تتشابك التقاطعات وتتلاحم الألوان الزاهية في أعماله، وينغمس الأبيض مع الألوان الأخرى ضمن الفئات اللونية الأكثر قوة في ذبذباتها البصرية، وفي قدرتها على ترجمة القوة الحسية في الحياة، ليترجم إيقاعات البصر المأخوذ بالحركة وجمالية التكاثر الفوضوي عبر طبقات الألوان، وسماكتها وشفافية الظل واضطرابات الريشة المتماسكة، القادرة على ترجمة أحلامها اللونية من حيث القدرة على التكرار الايقاعي المثير للاحساس بالفوضى الخلّاقة أو حركة الشارع المضطرب أو حتى الهارب من الحقيقة التي تتراءى أمامه، وكأنه يمارس الحرية بخديعة الألوان، والانطلاق معها نحو اللانهاية المنبثقة من كسر القيود والتحرر، والتوجه جماليا نحو الحركة والتماهي والتلاشي والتلاحم. فهل فن الـ «هيب هوب» التشكيلي يشكّل ثورة على المعايير الفنية التشكيلية؟ ام هو اضطرابات ذاتية تخرج كمفردات فنية؟


dohamol@hotmail.com