بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 كانون الأول 2019 12:02ص أعمال الفنان عدنان المصري: الإستطراد وما تفرضه الخطوط

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يستخلص الفنان «عدنان المصري» (Adnan al Massri) القواسم المشتركة لونيا مع التفاصيل التي يبثّها الكثير من النقاط الفنية المختلفة بدلالاتها وانزياحاتها التشكيلية القادرة على التخصيص البصري، والتراكيب الشكلية بتوازن مع الأحجام واشكالياتها في لوحات تتكامل فيها المعاني بتماسك وتلاحم وفق الاستطراد، وما تفرضه الخطوط من أبعاد فلسفية تتخذ من عمق النظرة طريقا لخلق الكثير من التساؤلات البصرية، مما يعكس قيمة حروفياته التي تتطوّر تلقائيا مع حركة يفرضها بتفاعل زخرفي يكتسب جماليا نوعا من التداخلات المنسجمة مع المساحة المدروسة أو المشحونة بروحانية صوفية تميل الى فرض مقامات الألوان على الأشكال، وفق موتيفات كل حرف أو كل خط، وبتكوينات تتوحّد مع المقاييس والمعايير التي يحافظ على إيقاعاتها واتجاهاتها محافظاً على الأبعاد الفنية، والمعنى الظاهر والباطن لخلق قيمة تشكيلية فنية تتأرجح بين الحركة والسكون، مما يجعلها تحتل مساحات يوفّرها، لتكوين المفاهيم الجيومترية، إذ تشكّل لوحاته ارتباطات ذات تأثير حروفي قرآني يثير الكثير من التساؤلات الأخرى التي تساند المنهج الحروفي في الفن التشكيلي. فهل من مقارنات في أسلوبه الغني بصريا بالاستنتاجات الهندسية؟

يلقي الفنان «عدنان المصري» بالفراغات لتساند بجماليتها المنهج الحروفي القائم على إظهار الحركة التي تكشف عن جزئيات لفرضيات غير مرئية في لوحاته، وإنما متخيّلة تبعا للفراغات وقيمتها الفنية التي تشهد على قدرته في صقل رؤيته، والتعمّق بها بدقّة وموضوعية جديرة بالتأمّلات لمحتواها الفني دون الوقوع بالتكرار الممل، إذ تتسلح ريشته بقوة بصيرة تتآلف معها الحواس، مما يؤدّي الى ربط بين الأسلوب والمضمون، وإلتقاط التفاصيل الأخرى التي تميل الى الاستبطان الذي يستحق الفهم أو إظهاره ذهنيا، ليحاكي المتلقّي بديناميكية الاشكاليات الحركية للخطوط الناتجة عن أبعاد الحروف أو مفهوم الوجودية في سياقات التشكيل الذي يؤدّي الى تكوين نظرة تتوافق مع التضاد، وتتقاطع أحيانا مع الألوان الحارة والباردة التي تثير الغموض بنماذجها المعقّدة بعيداً عن التبسيط للدخول في عمق مفهوم جمال الحرف العربي في الفن التشكيلي.

ان أعمال الفنان «عدنان المصري» ومضمونها الفني تُظهر قيمة الحرف، وفق اختلافات الأشكال جماليا، إذ يبتكر خطوطها القصيرة والطويلة، وبتجدد تتبلور معه الرؤى التي تسمو مع الإيقاعات التي يوظّفها للخروج من التقليد الى الحداثة، ببطء في المقاييس التي تهدف الى إظهار قيمة كل حرف منفرداً، وبتكوين ذي تشفير بصري تنمو معها الرسومات الأخرى التي تتم مقارنتها مع أشكال الحروف، والأشكال اللونية دون استقلالية، لتتجمع وتتوزع وفق تحوّلات سريعة تهدف الى التشكّل والتجلّي من خلال موسيقى الألوان المركبة النابعة من التشابه بين مزج الألوان، ومزج الحروف حتى الوصول الى قيمة الشكل النهائي الذي يكشف عن معناه من خلال صفاء كل لون واستقلالية كل الحروف والتشكلات الناتجة عن ذلك. فهل يختلف الحرف عنه في لونين، أحدهما بارد وآخر حار؟

ان كل لوحة من لوحات الفنان «عدنان المصري» تمنح الاحساس نشوة فكرية أو الأحرى انتعاش ذهني يتطوّر كلما تأمّل المتلقّي الحركة بين الخطوط أو حركة الخطوط نفسها لما تبثّه من إيقاعات بصرية إبداعية تختزن الكثير من النغمات المستقلة التي تساهم في توسيع المدى البصري، وتشغيل المخيّلة لوضعية الحروف وتداخلها وأحيانا استقلالها، بصورة محورية في المفهوم الزمني لمعنى اللوحة الحروفية وجوانبها المرتبطة بوجودية الإنسان التي تشكّل أيضا وجودية الحرف وقوته الثابتة والمتغيّرة، والمؤثّرة على سيرورة الخط والارتكاز على النقاط التي بدأ منها وارتبطت مباشرة بتشكيل اللون وتوزيعه، وبوعي يمثل القضايا الإنسانية بالدرجة الأولى. فهل من مفهوم بصري تحليلي نستطيع أن نستكشف من خلاله خلود الحروف في التشكيل الفني؟

أعمال الفنان «عدنان المصري» (Adnan al Massri) من مجموعة متحف فرحات.



 
dohamol@hotmail.com