بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 شباط 2024 12:00ص أعمال الفنانة الفلسطينية ملك مطر: التحوّلات اللونية خلال حرب غزة

حجم الخط
يبرز مفهوم الألم والهوية وجدلية البقاء على قيد الحياة في الفن في أعمال الفنانة الفلسطينية «ملك مطر» Malak Mattar، لتمنح المرأة الفلسطينية والطفل معاً إحساسا بالوجود الآمن، وبشكل مفرح، وإن بدا القلق في معالم بعض من لوحاتها، إلّا أن انتزاع الألم والحزن من اللوحة الفلسطينية في غالبه يميل إلى قوة اللون، وكأن الفنان الفلسطيني والغزاوي بشكل خاص ينتزع البؤس والحزن والألم بتعابير فلسفية بصرياً، ليخفف من فعالية الوجع، ويكافح من خلال الفن البحث عن الهوية بجمالية يخاطب بها العالم، كأنه يفتح الخطاب البصري على مداه، وبكافة الوسائل الفنية، لتوثيق المراحل النفسية التي يمرُّ بها الإنسان الفلسطيني تحديداً قبل أي شخص في العالم. فلوحتها المرسومة بالأبيض والأسود، والتي لجأت فيها لتوثيق الوجع الفلسطيني في غزة هي تمهيد نفسي للخروج من البوتقة السياسية إلى الوجود المنفتح، لفهم ومعرفة وجع الفلسطيني غير القادر على إثبات وجوده الحرّ في هذا العالم. فهل خرجت ريشة الفنانة الفلسطينية ملك مطر من فلسفة الفن وجماليته إلى فلسفة الألم في الفن لتوثيق حرب غزة بعد أن اختفت ألوانها الساطعة وتركت للأبيض والأسود التعبير عن الوجع الفلسطيني في حرب غزة؟ وهل من تناقض بين الألوان بتدرجاتها كافة وبين الأبيض والأسود تحديدا في مرحلة حرب غزة حالية التي أثّرت بالفنان الفلسطيني بالذات أكثر من إي إنسان آخر ؟ أم أن مسألة الألم في الفن هي البحث عن الهوية من خلال الوعي بملامسة التفاصيل البصرية في الفن، وبثّها ضرورة تجسيد ما يحدث للمرأة والطفل والرجل، وبشكل أوسع للضعف الذي يتغلب عليه الفنان الفلسطيني بترجمة وجوده على الأرض من خلال الفن؟
تبدو التحولات اللونية في الفن خلال حرب غزة هي فك قيود النفس للأحساس بالحزن كما ينبغي، لتتحوّل الأفكار إلى ترجمات تعبيرية صارخة بالحقوق وإثبات قيمة الإحساس بالوجود التائه من الهوية الفلسطينية. فقد استطاعت الفنانة ملك مطر لفت البصر نحو مفهوم الألوان التي انتزعتها من لوحتها وتركت للأبيض والأسود صرخته لتجسيد الاستنكار وتفصيل قيمة الألم الذي يشعر به كل فلسطيني بشكل عام والغزاوي بشكل خاص، وهي الفنانة الغزاوية التي استطاعت الخروج من غزة لدراسة الفن في لندن وتستكمله بالمعارض التي تنادي بالقضية الفلسطينية مخصصة للمرأة الجانب الأكبر وللطفل صرخته في حقه بالعيش مع أحلام الطفولة كلوحتها للمرأة الغزاوية التي تلد دون بنج وإن بعملية قيصرية والألم يعتصرها في أسعد لحظاتها وهي ترى مولودها يرى النور تحت القصف الإسرائيلي. فهل لفلسفة الألم قوة اللون وسطوعه أم أن اختفاء ألوانها في لحظات القصف على غزة هو استنكار تشكيلي بشكل أدق؟ وهل للجداريات في الحروب وخاصة حرب غزة هذه لوناً مختلفاً عم هو من قبل كل ذلك؟ أم أن جداريات حرب غزة حول العالم هي من أجل الوصول لرحمة القلوب التي لا تلين؟
لن أخرج من مقالي بفلسفة تشكيلية تحتاج لدراسات حول العالم لهذا الفن الفلسطيني الذي يحاكي الوضع السياسي بفن ليس لتخفيف الألم، وإن بشكل بصري، إذ يبلغ حق معنى الوجود الإنساني المحافظ على التوازن ضد الألم في مواجهة الحروب وجانبها المظلم على الإنسان وحقوقه مبلغه. فالجانب الفني في لوحاتها هو حفاظها على الهوية التشكيلية للفن الفلسطيني وهي ابنة الجيل الجديد، وما جاءت به ليس بالجديد، ولكن هو نوع من التجديد لمعنى المعاناة البشرية في الحروب ما بين اللون وسطوعه وفقدان قيمة الحياة بعد ذلك، لتصبح لوحاتها بالأبيض والأسود هي غزة التي تحترق بما فيها من سكانها الذين استبدلوا الفرح بالحزن أو الذي جعلهم دون ألوان الحياة. فهل البحث عن الذات في الفن التشكيلي الفلسطيني عنوانه الألم والوجع الناتج عن الاحتلال وتدمير غزة بشعبها قبل حجرها؟