بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيار 2020 12:00ص أولى المدن العربية التي عرفتها بداية الصحافة في بيروت

حجم الخط
تعتبر مدينة بيروت الى جانب مدينة القاهرة من أولى المدن العربية التي عرفت الصحافة، وإنتشرت فيها الصحف لتعبّر عن أحوال تلك المدينة الراسخة في الحرية والعمل السياسي، وتعود ظاهرة إنتشار الصحف الى خمسينيات القرن التاسع عشر.

فقد كانت بيروت أول مدينة بعد إسطنبول، تصدر جريدة عربية أسبوعية خاصة وذلك في العام 1858 وهي «حديقة الأخبار»، التي أسّسها خليل الخوري، ومعها بدأت المرحلة الأولى من تاريخ الصحافة البيروتية، التي تميّزت بقدر من الحرية والتنظيم، وإمتدّت تلك المرحلة من العام 1858 حتى العام 1877، وقد صدرت في المرحلة الأولى إحدى عشر جريدة، وقامت جريدة «حديقة الأخبار» بوضع الإعلانات، كما قامت بحث البيروتيين على إنشاء المدارس، وقد تحوّلت تلك الجريدة في العام 1868 الى صحيفة رسمية لمتصرف جبل لبنان فرانكو باشا.

كما قام المعلم بطرس البستاني بإنشاء «نفير سوريا» في العام 1860، وكان هدفه من إنشائها الدعوة الى وحدة أبناء الطوائف المختلفة على أثر أحداث العام 1860، وكانت تستهل عبارة «يا أبناء الوطن» أعدادها، وهي تعتبر أول جريدة سياسية في بيروت، أما باكورة الصحف الدينية في بيروت والمشرق العربي، فكانت «أخبار عن إنتشار الإنجيل» التي أسّسها الدكتور كرنيليوس فانديك، وذلك في العام 1863، والتي إستمرت في الصدور حتى العام 1865.

قامت جمعية الفنون بإصدار «ثمرات الفنون»، وهي أول جريدة إسلامية في بيروت، وذلك في العام 1875، وبعد إنفراط عقد جمعية الفنون، إنتقل إسم «جريدة الفنون» الى صاحب الإمتياز الشيخ عبد القادر قباني، وقد عمل في فريق تحريرها كل من: الشيخ إبراهيم الأحدب، الشيخ أحمد حسن طبارة، عبدالباسط فتح الله، عبد الوهاب التنير، الشيخ محمد عبده، الحاج محمود الحبال، الشيخ مصطفى غلاييني والشيخ يوسف الأسير، وكانت تصدر أسبوعيا وتنتهج سياسة مؤيدة للسلطان عبد الحميد الثاني.

وقد أصدر خليل سركيس جريدة «لسان الحال»، في العام 1877، وكانت نصف اسبوعية، ثم تحوّلت الى جريدة يومية، وقد تولّى إدارتها رامز خليل سركيس في العام 1911، ومن كتابها: إلياس مهنا، أمين أفرام البستاني، جرجس زوين، رشيد عطية، سعيد فاضل عقل، سليم سركيس، سليم الشلفون، عبدالله البستاني، الشيخ يوسف الأسير ويوسف قيقانو.

كانت تلك الصحف تخضع لنظارة المعارف ونظارة الداخلية في إسطنبول، لعدم وجود قانون خاص بالصحافة، وقد صدر نظام المطبوعات الصحفية والرقابة عليها في العام 1865، وكان مؤلف من 53 مادة، ونص على كيفية الحصول على التراخيص، وكيفية تشر الجريدة، ومسؤولية صاحب الجريدة، كما المخالفات التي تؤدي الى إصدار الأحكام بحق الجرائد، وقد صدر ملحق له في العام 1875، ينظم كيفية نشر الجرائد ملحقات خاصة بها وبشكل مستقل في بعض المناسبات.

وقد توالى تأسيس الجرائد في بيروت، فأسّس الأباء اليسوعيين «البشير» في العام 1870، وساهم في تحريرها: أنطون الجميل، بطرس نعمة، جرجس زوين، خليل البدوي، سعيد الشرتوني والخوري يوسف البستاني، كما أصدر سليم البستاني جريدة» الجنة»، ثم اصدر «الجنينة»، وكانت أول صحيفة بيروتية تصدر يوميا لحين توقفها عن الصدور عام 1875، وفي العام 1874، أصدر يوسف الشلفون جريدة «التقدم»، وعاد وتولّى إدارتها أديب اسحق ثم إسكندر طاسو وبعده نجيب طراد.

واللافت أن بيروت سبقت إسطنبول بتأسيس المجلات الدينية العلمية والأدبية، مثل «مجموع فوائد» التي أسّستها الإرسالية الأميركية برئاسة القس غالي سميث في العام 1851، وكان يكتب مقالاتها العلم بطرس البستاني والشيخ ناصيف اليازجي.

وفي الفترة الثانية التي إمتدت من العام 1877 وحتى العام 1888، قام السلطان عبد الحميد الثاني بتضييق الخناق على حرية الصحافة، أثر هزيمة العثمانيين أمام روسيا، فأعلن تعطيل قوانين المطبوعات بصورة مؤقتة، وأنشأ مكتب الصحافة الداخلي لمراقبة الصحف المحلية الصادرة باللغة العربية، وبذلك لم تظهر في تلك الفترة أكثر من ثلاث جرائد.

فقد أصدر نقولا نقاش «المصباح» وذلك في العام 1880، وكانت تنشر أخبار الطائفة المارونية، وبعد وفاته تولّى نجله جان نقاش إدارتها وتبعه إبراهيم النجار ثم نجيب صدقة وإلياس جدعون، وقد توقفت نهائيا بعد إعلان الدستور عام 1908.

كما أنشات جمعية التعليم المسيحي الأرثوذكسية جريدة «الهدية» عام 1883، بإيعاز من غفرائيل شاتيلا مطران الروم الأرثوذكس، وأصدر محمد رشيد الدنا جريدة «بيروت» عام 1886، وقد إنتشرت بين التجار لأن شقيقه عبد القادر الدنا كان رئيسا لمجلس تجارة بيروت، وبعد وفاته تولّى إدارتها أمين الدنا وجعلها أسبوعية، ثم تولاها عبد القادر الدنا فجعلها يومية، لحين توقفها عن الصدور علم 1909.

وأنشأ الدكتور جورج بوست مجلة «الطبيب» وكانت شهرية، كما أصدر خليل سركيس مجلة «المشكاة»، وأصدر نخلة قلفاظ مجلة «سلسلة الفكاهات» وهي عبارة عن مجموعة قصص تاريخية وروايات أدبية.

وفي العام 1885، أسّس سليم مخائيل شحادة وسليم بولس طراد «ديوان الفكاهة» وهو عبارة عن مجلة شهرية تشتمل على روايات تاريخية وغرامية وأدبية، وكانت تعتبر أول مجلة روائية تصدر باللغة العربية وأكثر رواياتها معربة عن الفرنسية، كما أصدر علي ناصر الدين مجلة «الصفاء» في العام 1886، وخليل البدوي مجلة «الكنسية الكاثوليكية» في العام 1888، كما انشأ أمين خوري «دليل بيروت» وذلك في العام 1888، وكانت تتضمن كل أخبار بيروت وأحوال التجار والأطباء والصيادلة ورؤساء الطوائف والمعابد والمدارس والمصارف والمستشفيات، بشكل دليل سياحي لإرشاد الغريب ما يود معرفته عن بيروت.

شكّل القرن التاسع عشر، بداية طفرة صحفية في بيروت، وكان القرن العشرين وتحديدا في الفترة اللاحقة للحرب العالمية الأولى، بداية الإنطلاقة الجديدة للصحافة في بيروت، خاصة مع نمو الشعور القومي العربي.