بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 حزيران 2020 12:00ص «إيطاليا الخفيّة» للكاتبة هدى سويد: يختزن واقع غنيّ بالتاريخ والفن..العادات والتقاليد.. كما العنف

الكاتبة هدى سويد الكاتبة هدى سويد
حجم الخط
بعد مرور واحد وعشرين عاما على مغادرتها بيروت والعيش في إيطاليا، أرادت أن تروي في هذا الكتاب جانبا من تجربتها ومسيرتها في بلد يختزن الكثير من واقع غنيّ بالتاريخ والفن، العادات والتقاليد كما العنف. الثرثرة وحكايا مُستترة خفيّة شعبيّة غير مُتداولة، لا يعرفها من لم يعش على أرضه، ولا تخلو منها روايات أبرز روّاد الأدب.

أرادت مع تنقّلها في مختلف أقاليمه ومحافظاته، بعيدا عن المدن الكبرى المعروفة، للإضاءة على الجانب الآخر المهم الذي صنع إيطاليا حضاريا وثقافيا... دفعتها لغتها الأم التي باتت تخشى أن تفقدها في إيصال ما رغبت وما يرغب القارئ في معرفة الجديد والخفيّ عن «إيطاليا».

إنها الزميلة هدى سويد، التي عشقت مهنة المتاعب منذ العام 1978، فنشطت في مجال التحقيقات الميدانية والصحافة الإستقصائية، بالإضافة للمقابلات الثقافية والسياسية، حيث عملت في مؤسسات إعلامية عدة في لبنان والخارج، كما كتبت العديد من النصوص النثرية والقصص القصيرة...

تزوجت عام 1988 من آلدو رولا، وهي اليوم تعيش في إيطاليا، لكنها لم تنسَ يوما مهنتها ولم تتخلَّ عنها، وخير دليل على ذلك «إيطاليا الخفيّة»، هذا الكتاب الذي أرادت من خلاله أن تشاركنا من خلاله بثمرة إقامتها في إيطاليا التي بلغت 22 عاما.

كان من المتوقع أن يقام حفل توقيع الكتاب في «دار المصور» في شهر آذار الماضي إلا أن اللقاء ألغي بسبب وباء «الكورونا» المستجد على أن يحدد لاحقا.

سويد

«اللواء» التقت الكاتبة سويد لتسليط الضوء على كتاب «خفايا إيطاليا»، فكان الحوار الآتي:

«إيطاليا الخفيّة»

{ بداية لو تعطينا لمحة مختصرة عن «إيطاليا الخفيّة»؟

- «إيطاليا الخفيّة»، كتاب توثيقي على مختلف الصعد يتضمن ثمانية أبواب صدر عن «دار بيسان»، يقع في 336 صفحة من الحجم الوسط مع ملحق صور.

هذه الأبواب هي ثمرة من ثمرات إقامتي في إيطاليا التي بلغت 22 عاما.

أمّا سبب اختياري للعنوان الذي كان محسوما على ما هو عليه منذ البداية، فيعود لما شئت سرده في الأبواب التي تتطرق إلى أقاليم عشت فيها بسبب عمل زوجي، أو أماكن اخترتها قصدا لا اعتباطا كمحطات لإجازاتنا ورحلاتنا التي تصب في مشروعي هذا.

جوجلة السنين

{ كيف اختمرت فكرة الكتاب؟

- جلتُ وسكنت وعرفت معظم الأقاليم الإيطالية، ومن خلال تنقلاتي وجولاتي على مدى سنين إقامتي اختمرت فكرة الكتاب الذي شجّعني إليه صديق أو أكثر، فباشرت بالكتابة وتجميع وجوجلة السنين المُنصرمة التي كنت أحرص على أرشفتها سواء كملاحظات، نصوص، أفكار، لقاءات وصور بما يقارب زمنيا العامين...

الإنتباه للخيط الرفيع

{ لماذا لم تتطرقي للحديث عن المدن الكبرى؟

- منذ البداية قررت عدم الحديث عن المدن الكبرى التي تطرق إليها كثيرون ويعرفها السياح، سعيت جاهدة إلى الانتباه للخيط الرفيع الفاصل ما بين الجديّة والإستسهال أي بعبارة أخرى عدم تحويل مضمون الكتاب إلى دليل سياحي تجاري.

أردت تسليط الضوء في انتقائي واختياري على ما هو غير معروف عن إيطاليا، من مناطق، قرى، بلدات ومدن غير مُتداولة أسماءها، متاحف، عادات تقاليد وثرثرات الناس.

من شمال الخارطة الإيطالية إلى جنوبها بدءا من أبرز المدن والقرى غير المعروفة في إقليم ليغوريا الذي أسكن ريفه وأُقيم انطلقت، مرورا بتوسكانا جزيرة ألبا - لونيجانا، لغاية ترانتينو، وبالتالي جنوبا حيث كل من إقليم كامبانيا، كالابريا، وبالتالي نحو جزيرتي صقلية الشمس وسردينيا الغرابة والأسرار، مسلّطة الضوء على الأمكنة التي مررت أو عشت فيها بجوانبها المختلفة.

حاولت تليينها بتناول النواحي الفنية الثقافية والإنسانية بما فيها المجتمعية، مُتوقفة عند متاحف غير ذائعة لكنها ذات أهمية بما تعكسه بمضمونها ومجتمعها كالتماثيل الحجرية، التعذيب، أكابادورا وقطّاع الطرق...

تنوّع في الإختيارات

{ بم استعنتِ؟

- استعنت بكل ما يدعم نصوص الأبواب الثمانية سواء من مقابلات، آراء ومعلومات مُستشهدة بالعديد من المراجع والروايات، إضافة لقصص قرأتها لكتّاب وأدباء إيطاليين بارزين أمثال غراسيا داليدا، ميكيلا موراجيا، كما أنريكو كوستا وروبرتو سافيانو.

{ ماذا عن الأبواب؟

- خصصت بابين، أحدهما يتعلق بأماكن نشأة أو فنانين مشهورين الذين تعود أصولهم لقرى نائية، كقرية « أنكيانو» النائية في توسكانا مسقط رأس ليوناردو دا فينشي أو بلدة «فينشي» التي حمل إسمها، وحرصت التنوّع في الاختيارات سواء الجغرافية أو الفنية، لذا ضمّ الباب هذا الذي حمل إسم «أماكن وأسماء» الرسم، السينما والرواية، ومن أجل ذلك توجهت إلى مكان ولادة «فالنتينو» جنوبا في إقليم بوليا وإلى «كوللودي» في توسكانا حيث دارت رواية «بينوكيو» الشهيرة إلخ..

كما خّصصت بابا تحت عنوان «مرايا العنف» تناولت فيه العنف في إيطاليا مما يصلح ويتجانس مع عنوان وفكرة الكتاب عن «إيطاليا الخفيّة»، متطرقة إلى الواقع بأحداثه وإحصائياته بغية الإضاءة على العنف في إيطاليا سواء في بعض دور العجزة، العنف ضد المرأة كما ضد النازحين والمهاجرين، عنف «المافيا» بكل أسمائها وتفشي العنصرية والفاشية مؤخرا، بغية الوصول بالأبواب الثمانية إلى أن إيطاليا على ما هي عليه اليوم، لم تصنعها المدن الكبرى كـ «روما» مثلا أو «ميلانو» وحسب، بل ساهمت المناطق الأخرى في نسج الخارطة الإيطالية وصناعتها بكل تفاصيلها السياسية، الإجتماعية والإنسانية.

إيطاليا بقيت فريدة بتمايزها

{ كلمة أخيرة؟

- ليس كل ما رويته في هذا الكتاب يختصر بلدا رائعا كإيطاليا رغم كل مشاكلها، لكني سأكتفي بهذا القدر مُقتطفة من المقدمة: لم أعوّل كثيرا على مصاعب البدايات (العيش في إيطاليا)، وإن كانت عبارة عن إنطلاق من نقطة صفر في بلد اختلفت فيه بصورة رئيسة المعايير الحضارية، الاجتماعية والثقافية عمّا نشأت عليه وحمل الكثير من المفاجآت التي كان بمقدورها أحيانا أن تكون بمثابة عثرة دون أن تستنزف أو تستوقف الأحلام، فقد شاءت الأمور مع وصولي إلى إيطاليا تحديدا، أوروبا والعالم بأسره... أن ينقلب المكان برمّته من الوجهة الجغرافية الساحرة والمتمدنة كما رُسمت ورسمناها في مخيّلتنا، إلى الوجهة القلقة غير المستقرة إجتماعيا، إقتصاديا، وسياسيا، واجهت معها إيطاليا صعوبات بل تحدّيات سواء بمفردها أو داخل المجموعة الأوروبية.

مررت بتعاقب أكثر من هزّة سياسية وأكثر من حكومة لم يتسنّ لها الاستقرار، لكن إيطاليا بقيت قادرة على الاستمرار وبقيت فريدة بتمايزها وتنوّعها اللذين من الصعب أن يتكررا ما بين إقليم وآخر.