بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الأول 2018 01:39م الاسلام والميلاد ندوة في صالون ناريمان الثقافي

حجم الخط
أقام صالون ناريمان الجمل غانم الثقافي بطرابلس ندوته الشهرية بعنوان" الإسلام والميلاد" تحدث فيها كل من مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار و الاباتي الدكتور أنطوان ضو أمين عام اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي - الإسلامي.
وحضر الندوة النائب الدكتورة ديما الجمالي، النائب الدكتور علي درويش، النائب السابق سليمان فرنجية ممثلا برفلي دياب، الشيخ محمد حيدر والشيخ علي عبد الكريم رمضان عن الطائفة العلوية، الدكتور سابا قيصر زريق رئيس مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية، منسق لقاء الأحد الثقافي العميد الدكتور أحمد العلمي، وحشد من ممثلي الهيئات والفاعليات.
الجمل
وفي بداية اللقاء القت ناريمان الجمل غانم كلمة نوّهت في مستهلها بأهمية التعاليم السماوية للتعارف وللتآخي والإحترام المتبادل وإعمار الأرض ونشر تعاليم رب العالمين من محبة وعدل ورحمة، وقالت :هذا ما يحتاجه الشرق والعالم الذي لن ينعم بالإستقرار إلا بالتآخي والحوار الإسلامي المسيحي والعيش المشترك وتطبيق القيم الإيمانية الأخلاقية الإسلامية والمسيحية.
أضافت: الحضارة العربية التي بناها المسلمون بمؤازرة المسيحيين تعكس تجربة حضارية رائدة في التكامل الحضاري، أوليس الشرق هو مهد الديانة المسيحية بولادة سيدنا عيسى عليه السلام في بيت لحم، وهو مركز إشعاع الديانة الإسلامية بولادة النبي محمد(صلعم) في الجزيزة العربية، ميلاد هذين النبيين غيّر وجه التاريخ ليصبح عالم أكثر إنسانية ومودة.
وختمت: وكما أن الإسلام هو دين تواصل وحوار وتلاق وإحترام الآخر كذلك هي المسيحية دين محبة وتسامح وسلام ولكن للأسف فقد غيّبت التعاليم الدينية من قبل إدارات دولية تريد أن تغرق منطقتنا بالتعصّب والعنصرية والقتل وطمس إمكانية العيش المشترك لتسيطر على مقدراته وحاضره ومستقبله، هل ما تزال لدينا القدرة على الوقوف سدا منيعا بوجه هذه الظلامية؟ هذا ما ستتناوله هذه الندوة.
ضو
وتحدث الأباتي ضو مشيدا بأهمية المراكز والمواقع الثقافية في طرابلس وما تقوم به من دور ثقافي ووطني لجمع الكلمة وقال: طرابلس مدينة التراث ،مدينة العلم والعلماء وأنا أقول مدينة العلم والعلماء والثقافة ، ونحن نؤمن أن الله هو إله الكل وما علينا إلآ ان نحب هذا الكل، وهذا الكلام قلته أمام أكبر المؤسسات والجماعات الإسلامية في العالم وفي المحافل الدولية ودعوت إلى لقاء المسلمين وتنظيماتهم بعقول متفتحة وأخلاق حسنة ونوايا صالحة داعين إلى ضرورة فهم صحيح للإسلام ولرسالته التي تدعو إلى الإيمان بالله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والى الإبتعاد عن المحرمات وإلتزام محاسن الأخلاق والتسامح وترك الرذائل .
اضاف: في لقاءاتنا نشدد على حقيقة الإسلام وجوهره هذا الدين الذي يختزن صفوة الأخلاق والمكارم، دين الإلتزام الصادق والحياة الطاهرة والضمير الحي والذي يهدي إلى العقل النيّر والحكم الرشيد الصالح فاللقاءات المسيحية الإسلامية الصادقة تدعو الجميع حكومات ومحكومين ،جمعيات وحركات إلى كلمة سواء وإلى التلاقي والتهدئة وإيقاف العنف ورفع الحواجز والبحث معا في صياغة رؤية جديدة للعلاقات الإسلامية الإسلامية والإسلامية المسيحية وتحديد الأهداف والوسائل لتحقيقها.
وتابع: إذا كان الإسلام السياسي الجديد يصر على إستخدام الإسلام في تسمياته للحركات والأحزاب والدول فهذا ليس مشكلة بالنسبة إلينا، لأن الإسلام واسع جدا ويحترم حق الإختلاف، إنما المهم هو المضمون وإحترام قيم الإسلام التي يسعى إلى إقامتها على الأرض وأن تكون الدولة دولة للجميع وبمشاركة الجميع.
 وقال: العلاقة مع الإسلام لا تخوّف وليس كما يتصور البعض، نحن عندنا ثقافة إسلامية ،ثقافة مقاومة، ثقافة حوار، نحن نحاورهم بالثقافة لذلك مطلوب منا اليوم أن نجتمع مسيحيين ومسلمين على التعاون وبخصوص موضوع اليوم إذا بدنا نبقى أسرى التاريخ والماضي لن نصل إلى نتيجة والله هو بيننا منذ الأزل وكلامه لم يتنزّل علينا الآن وكل نبي هو مرسل إلى العالمين ونحن مدعويين اليوم أن نلتقي مع المسلمين وأن نتحاور معهم وأن نبحث بفقه اللحظة ولاهوت اللحظة ونحن في حوار دائم، نحن في قلب القرآن الكريم في قلب الإسلام، نحن من صانعي الحضارة الإسلامية العربية، نحن والمسلمون أخوة في العالم كله لاسيما في الشرق وطرابلس هي أكبر شاهد على ذلك وصاحب السماحة المفتي الشعار من قلب القرآن يؤمن بالحوار وبأهميته سار على هذا النهج من قبل أن يكون مفتيا ويواصل هذا النهج بكل إيمان وصدق ومحبة.
وقال: الحوار في الشرق هو حوار سياسي ديني غير منفصل وذو أهمية قصوة عند المسلمين لأنه يمنع إحتكار الدين والمعرفة وإتهام الآخر بالكفر والضلال عن الدين والإساءة إليه وصولا إلى الصراع والإضطهاد، إن عدم حصول هذا الحوار أدى إلى رفع شعار التكفير والإرهاب وصولا إلى القول بالعقل التكفيري الذي أدى إلى إنسداد باب الحوار وخلق الفوضى التي أنتجت الصراع الدموي الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا.
وختم: نحن في زمن العولمة نريده أفضل كثيرا من الماضي يغلب فيه الحوار وليس الصراع أو النزاعات الدامية والكراهية ويسعى إلى أفاق جديدة علينا بناء عالم إلهي وإنساني لا إنفصام فيه بل إنفتاح وحرية وتفاعل وتكامل وشراكة ووحدة في التنوع، واللحظة التاريخية تتطلب منا الإنفتاح على الإسلام والمسلمين من إسلام الإعتدال والوسطية والتسامح إلى إسلام الحركات الإسلامية وهم مسلمون على تنوعهم للتلاقي والحوار والدعوة إلى التهدئة الشاملة وإشاعة مناخات التقارب المسيحي الإسلامي وفضاءاته والمواطنة والمساواة وبحث القضايا الخلافية بإيجابية بعيدا عن العنف وتقديم الحلول الإيجابية لها لنعود إلى وحدتنا الحقيقية ومودة بعضنا.
الشعار
وتحدث مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار فقال: كلنا تفاعلنا مع المقدمة التي تفضلت بها سيدة هذا المجلس وأخذنا بما جرى على لسان صاحب السيادة من إضاءة مما تفيض به نفسه وفكره وثقافته ومشاعره، وأنا أجزم أنه لم يجامل في كلمة عبّر فيها عن ثقافته او عن رأيه او عن تصوره.
وقال: الثقافة إطار جامع تقرّب المسافات وتنصهر في بوتقتها كثير من الخلافات بل إن النماء المطرد بالثقافة والفكر من شأنه أن يوسع المدارك وبالتالي فإن كل واحد منا يجد نفسه وعقله عند الآخر ، هذا بحد ذاته كنف يضم ويحتضن هذه العقول النيّرة والمستنيرة وفي هذا الكنف تتفاعل الآراء وتتعدد الثقافات وتتنوع في جو من الإخاء والجناس وليس المطلوب أن نتطابق، ليس المطلوب أن يكون أحدنا صورة طبق الأصل عن الآخر، هذا التعدد الذهني والثقافي والفكري يمثل أفقا جديدا لمستقبل أرحم وأرغد .
اضاف: هذه المنتديات تتلاقح فيها الأفكار وتتوالد وتتنافس وتتلاقى وتتكامل، نحن نعاني كثيرا في عموم بلادنا لهول ما أصابنا ، نعاني ضيق المساحة التي نتحدث بها، تارة عن الكهربا وتارة عن زحمة السير ومن هنا ندرك الأفول الفكري ، ليست هناك أبعاد يتحدث الناس عنها في مجالسهم، هذه نواة للحركة وللنماء وللتجدد ولإكتناز المعرفة التي بها تحيا الأمم.
وقال: لاشك سيادة الأب الكريم الدكتور ألقى إضاءة واسعة على معاني متعددة، لكني اريد أن آخذ منحى آخر، هذه قضية أساسية في لبنان خاصة وفي العالم العربي والإسلامي عامة، هذه القضية ينبغي أن نتحدث عما بعدها، لكن لا يكون الحديث عما بعدها إلآ إذلا إكتمل التأصيل الفقهي الديني الفكري حول هذه القضية ثم نعمم ويشعر كل قارىء أو مستمع أنه يقف على أرض صلبة قوية آن الأوان أن نتحدث عن الخطوات التي بعدها.
أضاف: من النقاط الأساسية الهامة التي أحب أن ألفت النظر إليها أن الرسالات السماوية رسالات تكاملية كل رسالة تكمّل التي قبلها، وتحمل مساحة جديدة من الأحكام التي تتناسب مع الزمن الذي بعث فيه ذاك الرسول أو النبي، الدين عند الله واحد، ولكنّ الله عزّ جلّ شاءت إرادته أن يتنزّل هذا الدين على مرحلة وفترة من الزمن ، كل رسالة كانت تعالج بعضا من القضايا وترسي أصول الدين والإيمان والعقيدة، هذا المعنى حدثنا عنه النبي(صلعم) قال" مثلي ومثل الذين من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فحسّنه وجمّله إلآ موضع لبنة" ،فأخذ الناس يطوفون حول هذا البيت ويقولون ما أحسنه وما أجمله لولا موضع هذه اللبنة ، فيقول النبي (صلعم) " أنا موضع هذه اللبنة وأنا خاتم الأنبياء" إذا البناء ساهم في بنائه كل من تقدم من الرسل والأنبياء وجاء خاتم الأنبياء والرسل محمد(صلعم) فأتم الله به البناء وإكتمل.
واردف قائلا: إذا الفكرة التي طرحتها بداء أن الرسالات السماوية كل رسالة تتم وتكمل التي قبلها، ولمّا كان آخر الرسالات مع آخر الأنبياء كان حتما أن تكون الرسالة تامة وكاملة، وهنا إستطرادا أسأل ما الفرق بين قوله تعالى( اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) كمال الدين أي لا نقص فيه وتمام النعمة أي أنه لا يقبل الزيادة ، هذا المعنى هو الذي الذي يعبّر عنه علماء الأصول والمناطقة بالتعبير أنه جامع مانع، وإذا كان الدين واحد وكانت الرسالات السماوية متممة لما قبلها ومعترفة بما تقدّمها ، لماذا ينشأ الخلاف؟.
وتابع: نبينا (صلعم) يقول "أنا أولى بعيسى بن مريم منكم" لماذا؟ لأن "الأنبياء أخوة" كيف نشأت الأخوّة؟ قال صحيح أمهاتهم شتى تعددت أمهاتهم لكنّ دينهم واحد ، هنا أريد أن أتساءل أنا وإياكم، ودينهم واحد، يعني كل رسالة جاء بها نبي هي عينها الذي جاء بها النبي الذي قبله، طبق الأصل؟ طبعا لا، لو كان المراد أن تكون طبق الأصل لما كانت هناك من ضرورة لإرسال عشرات ومئات الأنبياء، المراد بقوله( صلعم) ودينهم واحد، أي ان أصول الدين واحد، الإيمان بالله الواحد، الإيمان بالبعث ،الإيمان بالأنبياء،وبوحدة الدين وبالقيم، تكاد تكون القيم واحدة، ولا تكاد تجد تضاربا وتنافرا في إطار القيم على الإطلاق.
أضاف: إذا عرف المسلمون وعرف الناس جميعا ان الدين واحد وأن مجموع الرسالات السماوية تشكّل هذا الدين وان كل رسالة تتم وتكمل التي قبلها ، نكون بذلك قد إنتزعنا فتيل الإنفجار للتقاتل والتصادم، نحن والمسيحيين ونحن واليهود، نحن ضد اليهود لأنهم إعتدوا على أرضنا، ولأنهم خرجوا على نبيهم موسى ،قتلوا الأنبياء ، لكننا لسنا ضد التوراة التي أنزلت على سيدنا موسى ولسنا ضد موسى لأنه نبي صلوات الله وسلامه عليه، إذن إذا أدرك الناس وحدة الدين وأن الرسالات السماوية كل رسالة تتم وتكمل التي قبلها نكون بذلك قد إنتزعنا فتيل الإنفجار والتصادم والخلاف فيما بيننا وبين الآخرين .
وقال: الأصل في العلاقات الإنسانية بين المسلمين وأهل الكتاب وبين المسلمين والصابئة والمجوس وبوذا وبين المسلمين والدهريين، الأصل في كل ذلك العلاقات بيننا وبين الآخرين تقوم على قاعدتين، يقول رب العالمين( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم) طالما أن شريحة من المجتمع لم تقاتلنا في ديننا ولم تخرجنا من ديارنا ليس هناك نهي عن البر معهم، ويخطىء من يعتقد أن أساس العلاقة بيننا وبين الأخوة المسيحيين هي علاقة توتّر وصدام أو علاقة تقاتل وتناحر، أبدا، الأصل في العلاقة بين المسلم وسائر الخلائق أنها تقوم على البر ما لم يقاتلنا أحد في ديننا لأننا مسلمون أو يتجرأ على إخراجنا من أرضنا.وهذه العلاقة ليست بيننا وبين أهل الكتاب حتى بوذا حتى المجوس ، لماذا؟ لأن الله تعالى الذي خلق العباد أعطى الإنسان الحق في أن يختار الدين الذي يشاء، هو الذي قال( لا إكراه في الدين) لو ان الله تعالى حرّم علينا أن نحسن التعامل مع الآخر لكأن الله تعالى فرض على الآخر ان يكون مسلماً  حتى نحسن علاقتنا به، وهذا غير صحيح.
وختم: نحن امة لا نعرف ان نخاطب الناس بالسوء أبدا والأساس في العلاقة ان يسود العدل بيننا، واعتقد ان الوجود المسيحي في الشرق، ودون اي مجاملة، وفي لبنان تهم فهمنا الإسلامي وممارستنا الدينية كما أمرنا ربنا عزّ وجلّ، نحن ليس لدينا مشكلة مع الآخرين، ربنا قال في كتابه الكريم (لكم دينكم ولي دين) ،المطلوب ان نحسن إستعاب الآخر وان نحسن التعامل معه، والقاعدة التي يقوم عليها المجتمع في التعامل بيننا وبين الآخر سواء كان مسيحيا أو يهوديا أو دهريا او مجوسيا هي القاعدة التي ذكرها الفقهاء " لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
وفي نهاية اللقاء سلّمت غانم درعا تقديرية لكل من المفتي الشعار والأباتي ضو.