بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 شباط 2024 12:00ص الخسارة الكبرى

حجم الخط
‎‎الحياة قائمة على التقابل بمعنى ان لا شيء إلّا وهناك مقابله غالباً ما يكون عكسه، فالليل يقابله نهار والفقر الغنى والجمال القبح والشتاء الصيف.. الخ..
‎ويشمل هذا التناقض مجريات هذه الحياة ومنها الربح والخسارة وتعدّد أنواع مستويات ذلك وأنواعه، فهناك الربح وأنواعه ابتداء من ربح المهني أو صاحب الدكان وصولاً إلى السياسي واستغلال موقعه.
‎الكثير من ذلك يمكن تعويضه، لكن هناك ما لا يمكن لأي تعويض أن يسدّ فراغه.
الخسارة في مستوياتها كثيرة، منها الخسارة في التجارة وخسارة الحروب وخسارة الثقة في من جعله الناس مسؤولاً عن رعاية شؤونهم، أما الخسارة الكبرى عندنا في هذا الوطن هي خسارة الشباب المنتج الذي يشكّل الطاقة الأساسية في النمو ورفع الشأن، فهذا الذي يولد بفرحة أهله وتمرُّ السنوات من طفولة إلى يفوعة فشباب وما تخلل ذلك من تعليم ورعاية وإرشاد واهتمام ومحبة، ما أن ينهي اختصاصه الجامعي حتى قبل أن ينهي سنته الأخيرة يبدأ بإرسال الـ (C.V) الى الشركات والأمكنة المعنية باختصاصه طالباً العمل وتأتيه الموافقة فيزرع جناحين ويطير إلى ما وراء البحار والمحيطات عاملاً منتجاً ومساهماً في نمو مجتمعات بعيدة عن مجتمعه وأهله، بعيداً إلّا من حبل وصل عبر تقنيات التواصل التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
بلد كانت هذه الظاهرة فيه ولكن بنسبة معقولة وليس كما هو الحاصل الآن بعد أن حلّت النكبة بهذا الوطن وبدأت عملية تفريغه من شبابه، وإذا استمر الحال على هذا المنوال سيتحوّل هذا الوطن إلى تجمع للمتقاعدين المتحسّرين على غياب فلذات أكبادهم عنهم.
بتنا وكأنه ليس من عائلة لها عزيز وحبيب بعيداً عنها.
بغيض أن تتجسّد أحلام شباب هذا الوطن في السفر إلى البلاد الغريبة، والأكثر مرارة هو ما يبرز بين الحين والآخر ما تذكره وسائل الإعلام من تفوّق بعضهم في مجالات كثيرة، فبدلاً من أن يكون هذا النبوغ لمصلحة وطنه يكون لمصلحة أوطان أخرى.
لعلّ الله يمنُّ عليه بأن يصبح هذا الوطن مقصداً للهجرة إليه بدلاً من هجرة شبابه منه ولا سامح الله من سبّب في هجرتهم.