بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الأول 2017 12:00ص الدكتورة الغالي في كتابها «أحوال المعيشة وروح المواطنية»: غلبة الولاء للزعيم أولاً ثم للطائفة

حجم الخط
الدكتورة سهير الغالي عبيد، حائزة دكتوراة في العلوم الاجتماعية في مجال التنمية من الجامعة اللبنانية، ولها العديد من المقالات والمنشورات العلمية، والمبادرات في مجال المشاريع التنموية والخدمة الاجتماعية.
وقد وقّعت باكورة كتبها «أحوال المعيشة وروح المواطنية» الصادر عن دار النهضة، في معرض بيروت الدولي للكتاب. 
تكمن أهمية هذا الكتاب باعتباره مرجعا علميا مؤسسا لطريقة قياس روح المواطنية ومجدّدا لمنهجية قياس أحوال المعيشة، فقد عالج العلاقة بين مفهومين بأبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، هما أحوال المعيشة والمواطنية، وذلك انطلاقاً من تساؤل رئيسي حول مدى تأثير أحوال المعيشة على روح المواطنية. 
وتناول أبرز الدراسات التي عرضت لهذا الموضوع مع شرح تفصيلي لمنهجية البحث وأدواته، مستعرضا أبرز النظريات والتعريفات التي تتعلّق بمفهوم أحوال المعيشة وتعريف الفقر بأبعاده المختلفة، كما المواطنية، وعرَضَ لتقنيات القياس.
كما تضمّن الكتاب، كنموذج، دراستين ميدانيتين عن أحوال المعيشة وروح المواطنية في مدينة طرابلس، كشفتا عن الواقع المرير والمستوى المعيشي المتدن للأسر الناتج عن الحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، كما بيّنتا ضعف المشاركة في الحياة الاجتماعية والعامة. 
من ناحية أخرى أظهرت الدراسة غلبة الولاء للزعيم أولاً ثم للطائفة، وأن مستوى المعيشة له انعكاسات على روح المواطنية بحيث إن أرباب الأسر ذات المستوى المعيشي المنخفض لديهم شعور ضعيف بالمواطنية، بينما روح المواطنية العالية هي عند أصحاب المستويات التعليمية العالية.
القسم الثاني من الكتاب هو دراسة للواقع المعيشي في طرابلس بالاستناد إلى دراسة ميدانية من خلال مسح اجتماعي شامل متعدد الابعاد شمل ما نسبته 53.2% من إجمالي عدد المباني فيها. 
وقد تبنّت هذه الدراسة تعريف أحوال المعيشة القائم على المنظور الحقوقي للإنسان وإشباع حاجاته الأساسية، وفي تمتعه أو حرمانه من حقه في الحصول على التعليم، والمسكن اللائق، والطبابة، وفرص العمل. وقد استخدُمت مقاربة الحاجات الأساسية غير المشبعة كمنهجية قياس لمستوى أحوال معيشة الأسر، وهي نفس المنهجية المستخدمة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ إلا أنه أضيف إليها بعض التعديلات والزيادات من حيث طرق احتساب المؤشّرات والدليل العام، لتكون أداة علمية لتحديد مستويات المعيشة، تحاكي الواقع في نتائجها ومعطياتها. فكان من إسهامات هذا الكتاب تقديم منهجية محدثة للحاجات الأساسية غير المشبّعة وتحديد مستويات الحرمان في ميادين أربعة ومؤشرات إشباعها بالتالي: السكن (8 مؤشرات)، التعليم (مؤشران)، الصحي (مؤشران)، الاقتصادي (9 مؤشرات)، مما يجعل مجموعها 21 مؤشراً ودليل عام لتصنيف مستويات المعيشة للأسر. 
تناول القسم الثالث المواطنية في طرابلس، مؤشراتها وعواملها، وعرض طريقة احتساب روح المواطنية. وتم تبنّى تعريف روح المواطنية بأنها الشعور بالانتماء والولاء للوطن، ودراسة المواطنية من خلال تطوير قياس المواطنية استناداً إلى القياس الدولي، فكان من إسهامات هذه الدراسة أيضاً، تقديم أسلوب علمي لقياس روح المواطنية. 
واعتُمد في منهجية القياس نوعان من المؤشرات، المؤشرات المؤاتية للمواطنية المتمثلة بخمسة وهي الشعور بالانتماء للوطن أو الولاء له، والاندفاع الوطني، والحس المدني، وممارسة الواجبات كمواطن، والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية؛ ومؤشرات غير مؤاتية للمواطنية وهي أربعة: الموقف من النظام السياسي، والاعتماد على الغير والتبعية له، والولاء للطائفة، والولاء للزعيم، وتحديد دليل عام لروح المواطنية (متوسط متوسطات المؤشرات). 
وقد أخرجت الدراستان الميدانيتان كمّاً هائلاً من المعطيات الإحصائية، نذكر منها ان 57.1% من الأسر تعيش في مستوى معيشي متدن ناتج عن الحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية. كما تعاني الأسر الطرابلسية من حرمان كبير في الميدان الصحي (بنسبة 52%)، وفي الميدان التعليمي (50.4%)، وفي الميدان السكني (46.8%)، وفي الميدان الاقتصادي (بنسبة 38.4%). 
وتظهر الدراسة ان 71% من أرباب الأسر لديهم مستوى مواطنية متوسط، كما أن 32.3% لديهم ولاء شديد ومرتفع للطائفة، وأن 21.2% من أرباب الأسر لديهم ولاء مرتفع ومرتفع جداً للزعيم السياسي. كما برز ضعف المشاركة في الحياة الاجتماعية والعامة لدى 69.7% من أرباب الأسر.
وخلصت الدراسة إلى أن مستوى المعيشة له انعكاسات على روح المواطنية في طرابلس، وأن روح المواطنية العالية هي عند أصحاب المستويات التعليمية العالية، والعكس صحيح. كما أن درجة الشعور بالمواطنية تختلف باختلاف طوائفهم، وأن الولاء للطائفة والزعيم موجود عند أرباب الأسر كافة بغض النظر عن مستواهم المعيشي.
ومن الاستنتاجات الإضافية للدراسة تفسير العلاقات الدينامية لبناء روح المواطنية في المجتمعات المركبة على شكل أربعة دوائر متفاعلة في ما بينها عبر مسار الانتماء التحولي. 
ومن أبرز توصيات الدراسة، بلورة سياسة اجتماعية لتعزيز روح المواطنية في لبنان على المستويين الماكروي والميكروي، تتمحور حول نشر المعرفة والتدخل التنموي. ووضع خطة تنموية لمكافحة الفقر ومعالجة هذه الظاهرة في طرابلس وتعزيز الاستثمارات فيها.