بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2024 12:00ص الروائي وجدي الأهدل لـ«اللواء»: «في تقديري الأم العربية هي التي تُشَكِّل طباع الأبناء وتحدّد سلوكهم»

حجم الخط
يفتح الروائي اليمني وجدي الأهدل روايته «السماء تدخن السجائر» على مشاهد خضّبها بالحياة اليمنية وحكاياتها ذات السياق الإجتماعي والحروب وبعض المحليات التي يعالج من خلالها الأسئلة الوجودية بجوهريتها اليمنية قبل العربية، دون أن يتجاوز حدود الواقع اليمني بكل تفاصيله البسيطة محاولا تفسير مشكلات الإنسان الذي يعيش عدة صراعات منها الحروب ومؤثراتها على المجتمع بشكل عام. وقد استخدام تقنيات المشهديات المفتوحة على نهج تصويري أقرب ما يكون للسيناريو والخصائص الإختزالية المرتبطة بالمبدأ الروائي، وقد صدرت له ست روايات وسبع مجموعات قصصية وثلاثة كتب في السيناريو ومسرحيتين.
تُرجمت روايته «بلاد بلا سماء» إلى الإنجليزية والروسية والتركية والإيطالية والإسبانية، ورواية «قوارب جبلية» إلى الفرنسية، ورواية «حمار بين الأغاني» إلى الإيطالية. وصلت روايته «فيلسوف الكرنتينة» إلى القائمة الطويلة في الجائزة العربية البوكر في دورتها الأولى 2008 ووصلت روايته «أرض المؤمرات السعيدة» إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب في دورتها الثالثة عشر عام 2019.
ومع الروائي اليمني وجدي الأهدل أجريت هذا الحوار:
{ توضح بالتفصيل أخلاقيات التربية الصارمة عند العائلات القديمة وتعطي للأم مدرسة نشأت فيها، هل اعتبر هذا نوعاً من الأفلاطونية الروائية؟
- هكذا بدت لي شخصية بطل الرواية في طفولتها. العائلات العربية القديمة متشابهة أليس كذلك؟ في تقديري الأم العربية هي التي تُشَكِّل طباع الأبناء وتحدّد سلوكهم، فإذا أحسنت تربيتهم، فسيكون نسلها مثالًا للأخلاق الحميدة والتهذيب. السنوات الخمس الأولى هي التي تحدّد كل شيء، لذلك يصل الأب متأخراً بعد أن تكون الأم قد أرست في نفس الطفل كل الأساسيات. (ظافر) بطل الرواية حباه القدر بأمٍّ تتوفر فيها السجايا الأخلاقية الكريمة، فتطبَّع بهذه الطباع الحسنة.
{ ما بين أبناء المدن وأبناء القرى فروقات هي كنه شخصية لها انعطافاتها الروائية، هل أعتبر ذلك نوعاً من سيرة ذاتية؟
- أحد التوقعات أن تتجه ظنون القارئ إلى أن الرواية سيرة ذاتية، بالطبع هي ليست كذلك، لكن لمناسبة الحديث هنا أودّ الإشارة إلى أن بطل الرواية ولد وعاش الحياة التي يخطر ببالي أحياناً أنني قد عشتها، ربما عشتها في نسخة أخرى في أحد الأكوان الموازية، أو كاحتمال كنت أنجذب إليه ولكنه لم يقع.
{ صنعاء والمسرح والتمثيل والخسائر والشللية المستشرية والوازع الوطني والممثل اليمني والإنكليزي، هل تنتقد بشكل روائي ثقافتنا الدرامية؟
- هذا صحيح، الموضوع متشعّب ويطول شرحه. إنما باختصار أشير إلى أن الدراما التركية تساهم الآن في نهضة تركيا وفي تقديم صورة إيجابية عن الإنسان التركي، كإنسان مبدع لا يقلّ في مواهبه وقدراته عن الإنسان الغربي. كذلك الدراما الهندية المليئة بالشخصيات البطولية التي تقهر الصعاب وتنتصر للعدالة والخير.. لقد ساهمت الدراما الهندية في بناء الشخصية الهندية وخلقها من جديد، وها هي الهند تفرض نفسها كقوة عظمى على العالم كله. أما نحن فماذا لدينا؟ الدراما العربية اليوم لا تستطيع أن تلعب هذا الدور الإيجابي مع الأسف.
{ مقنع ما سمحت لنا رؤيته في مشاهد خاصة بالمجتمع اليمني، إلّا أنه في الغالب ينتمي عربياً لمجتمعات ترتبط ببعضها، لماذا؟
- أعتقد أن المجتمعات العربية كانت أكثر ارتباطاً ببعضها في الماضي مما هي عليه اليوم، رغم أن وسائل المواصلات الحديثة قد طوت المسافات. قبل قرن مثلاً كانت حياة العرب شبه متطابقة في المشرق والمغرب والشمال والجنوب، لكن الآن هناك فوارق ضخمة. هذا التشابك الذي لاحظته في الرواية ما بين المجتمع اليمني هنا والمجتمعات العربية الأخرى قد يتلاشى بعد نصف قرن.. إلّا إذا حدثت صحوة عربية مفاجئة.
{ صوت الراوي كان قوياً واستطعت من خلاله خلق تعاطف كبير بينه وبين القارئ، لماذا سلّطت ضوء كل مشهد عليه؟
- ثمة عدة رواة، لكن الصوت الأكثر حضوراً كان لبطل الرواية (ظافر). هذه الشخصية استحوذت عليّ، وسكنت في رأسي مثلما سكنت سمكة سردين في رأس ظافر. حضورها الطاغي لم يكن محصورًا في الرواية، بين أوراقي كمية من الملاحظات والوقائع التي لم أُدرجها، وبشق النفس استبعدتها. حتى بعد صدور الرواية ما يزال (ظافر) يُطالبني بمزيد من تسليط الضوء عليه.. لقد أسفت أنني لم أقتله في نهاية الرواية!