بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تموز 2018 12:02ص الشاعر الغنائي مأمون الشناوي: «أم كلثوم» أخطأت... و«فريد» صحّح الخطأ؟!

حجم الخط
في حياتها، كان أي منتقدٍ لها أو لأعمالها، يتوجس من التعرّض لـ «صعوبات» غير «محمودة العواقب»؟!.
نتحدث عن كوكب الشرق أم كلثوم، التي ستستمر لأجيال وأجيال، حيّة في ذاكرة المستمعين العرب، رغم انقضاء عشرات السنين على ولادتها ثم على رحيلها (1898 - 1975)، وبرغم علو شأن بعض المواهب الغنائية الشابة، أو مهما حاول خصوم فن الغناء العربي الأصيل مواجهة العبقرية الغنائية لكوكب الشرق..
«أم كلثوم أخطأت»؟!.
هكذا أعلن الشاعر الغنائي الكبير مأمون الشناوي - رحمه الله - قبل رحيله بسنوات، وبعد رحيل كوكب الشرق بسنوات.
ولكن أين اخطأت كوكب الشرق؟!.
صديق أم كلثوم الشاعر الغنائي الكبير مأمون الشناوي الذي غنت من كلماته كوكب الشرق العديد من الأغنيات، وحققت بها ومعها النجاحات، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر بالتأكيد، اغنية «انساك» وسواها الكثير، استعاد - قبل رحيله بأشهر- حكاية اللقاء بأم كلثوم، يوم عرض عليها قصيدته الزجلية «الربيع»، آملاً ان تقبلها، ومقترحاً عليها إسناد مهمة تلحينها لصديقه الموسيقار فريد الأطرش، مؤكداً لها، ان هي قبلت «النصيحة»، فستكون قد أصابت «عصفورين بحجر واحد»... لأنها ستكون قد افتتحت التعاون مع ملحن - فنان كبير لم يسبق لها التعاون معه، وثانياً لأنها ستغني قصيدة زجلية غير مسبوقة «التوجه»..
لكن أم كلثوم «رفضت» هدية الشاعر مأمون الشناوي، متعللة بسببين أيضاً، أولهما أنها لا تريد ولا تحب غناء أي قصيدة زجلية «موسمية»، كما ذكرت، لأن مثل هذه القصيدة ستذاع فقط في فصل «الربيع» وربما فقط في أوله، وثانيهما لأنها عندما ستفكر بالتعاون مع فريد الأطرش، فيجب على هذا الأخير ان يُسمعها اغنية ملحنة تنال رضاها، أو ان تختار هي له الكلام ليعمل على تحويله إلى اغنية ترضي آمالها ورغبتها وطموحها؟!.
عند هذا الحد، أسقط بيد الشاعر الغنائي، فغادر فيللا أم كلثوم منزعجاً، مكسور الخاطر، وتوجه إلى حيث كان متعوداً لقاء صديق عمره الفنان فريد الأطرش، ولدى وصوله، وكان أثر الغضب بادياً على وجهه، يسأله فريد عن سبب غضبه، وعندما روى له ما حدث، «وبالحرف» طيّب الموسيقار خاطر الشاعر، وطلب منه الإطلاع على كلمات قصيدة «الربيع»، حتى إذا ما انتهى من قراءة ابياتها، أبدى اعجابه الشديد بها، ووعد صديقه بأن يلحنها، وان يغنيها بصوته، في أول حفل عام سيقيمه في فصل «الربيع» المقبل.
حان الموعد المحدد، وافتتح فريد الأطرش الحفل بكلمات تتضمن الإطراء بالشاعر الكبير مأمون الشناوي، ثم غنى الموسيقار «الربيع» كأجمل ما يكون الغناء، بعد ان صاغ للكلمات لحناً في غاية الجمال، ويتطابق، في كثير من محطاته، مع «الروح الوصفية» التي صاغ بها الشاعر كلماته.
اغنية «الربيع» ومنذ انطلاقتها الأولى بلحن فريد الأطرش، حققت نجاحاً كاسحاً، وقد استمر فريد الأطرش، وعلى مدى عشرات السنين، وإلى يوم الرحيل، يقيم حفلاً سنوياً مع بداية كل فصل «ربيع»، ويفتتحه بقصيدة صديقه الشاعر مأمون الشناوي، وهذه الأغنية، وبرغم مرور عدّة أجيال على تقديمها للمستمعين، مستمرة في اكتساب جمهور جديد من الشباب بعد كل مرّة تذاع، بعدما تخلت عن كونها «اغنية موسمية» وأصبحت إحدى أكثر كلاسيكيات الغناء العربي شهرة ونجاحاً، ومن فضل الله على الغناء العربي، ان التلفزيون المصري قام بتصوير هذه الأغنية (بالأبيض والاسود) خلال حفل حيّ أذيع على الهواء مباشرة، بمثل ما قام بتصوير عشرات الأغنيات الكلاسيكية لكوكب الشرق أم كلثوم، وايضاً لسواها من كبار المطربين والمطربات، وهو يعمد إلى عرض هذه الأعمال عبر شاشة محطة افتتحها خصيصاً لعرض الأعمال الفنية (على تنوعها) واطلق عليها إسم «ماسبيرو زمان»، والإسم منسوب لمبنى التلفزيون المصري المشيّد وسط «شارع ماسبيرو»، ونحن ننصح كل محب للفن العربي الأصيل، بمتابعة برامجها وسيكتشف، خلال هذه المتابعة، اعمالاً هي شبه ما تكون بـ «الدُرَر الفنية»..
بقي ان نذكر ان عمر اغنية «الربيع» (تقريباً) هو سبعون سنة، وقد أطلقها الموسيقار في «ربيع» العام 1949...

abed.salam1941@gmail.com