بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 تموز 2023 12:00ص العمل والحب

حجم الخط
كُثر من أبناء جلدتنا يرون ان عملهم عبء شاق ورتيب يقع على عاتقهم. ذلك انه، أساسا، مصدر عيش لهم. ولكن، حسبهم أن يقوموا به بدافع الحب في معزل عن كل تنافس مرضي أو سعي وراء الكسب السهل والسريع، ليشعروا بانه مصدر فرح وسعادة لهم.
الواجب الوظيفي ظل جليدي يجمّد العامل ، فيبقى على حاله ما لم يركن الى حرم القلب. الأم الرابضة في حنايا أفئدة أنجالها أو الأب المعتق القلب بعطر حنان نشره على طلابه، أسطع دليل على تلك الحقيقة الحقيقية. فعندما يكون معطفك الدافئ قد حبكه إنسان على قاعدة الحب الهني، يتبيّن زاهيا متعدد الألوان كقوس قزح.
ينظر بعضهم الى النظام في العمل كأنه رتابة مملّة قاتلة. أما الحكيم فيحوّله نهجا يحرره شيئا فشيئا للانطلاق في الأجواء الرحبة.
ينبغي أن يكون ثمة متحمسون لكل شيء في هذا الكون المأزوم: أن يتوافر فيه متعصبون للسان يتميّزون به، أو عادات حميدة يفاخرون بها، أو تدفق لا حدود له من الملكات التقنية والقدرات اللوجستية وربما أيضا نظرة ما الى جمالية الأشياء وأسرارها الدفينة، أو انجذاب سحري الى أسطورة ما...
مردّ نجاح عمل ما الى بذل كد اليمين وعرق الجبين اللذين ينطوي عليهما بكل طيبة خاطر. أعطني إنسانا يغني خلال قيامه بعمله أعطك معجزات مثيرة للعجب! الانسجام مع أجواء العمل ينبئ بطاقة عالية مقترنة بمنتهى التفاني، ويجعل السعادة تنبثق منه كما تتفتق البراعم من أزهار الربيع.
ركن العمل هو ما يلزم الجسد القيام به، وركن المتعة المفيدة هو ما ليس الجسد ملزما القيام به. وعندما يتعانق العمل والحب، يمكننا انتظار ما يدهش العالم!
سبق ان رفض فيلسوف الوجود والحب المتحرر، جان بول سارتر، تسلّم جائزة نوبل للآداب عام ١٩٦٤، لإيمانه الراسخ بان الحرية المطلقة التي يدعو إليها لا تتناغم مع أي إلتزام يقيّدها، أكان ذلك حصوله على الجائزة أم الاقتران الرسمي بحبيبته.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه