بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الثاني 2023 12:00ص الكاتبة زاهية موسى لـ«اللواء»: «أحببت أن أوثّق التجارب التي مررتُ بها طوال فترة عملي في الصحافة»

الروائية زاهية موسى الروائية زاهية موسى
حجم الخط
رواية «حب ومافيا» للكاتبة والصحافية زاهية موسى من روايات عصر ما بعد الحداثة الشبابية في توجهاتها رغم أن كلمة «مافيا» ليست حديثة بما تعنيه، فتاريخ المافيا منذ القدم، أما تاريخ الحب فمنذ وجد آدم وحواء على سطح الأرض، ويبدو أن هذا العنوان لجذب القرّاء، وكنوع من التسجيد عن مضمون الرواية، ولكن إذا رجعنا إلى الوراء وبحثنا عن روائيين، وكيف استعملوا مفردات بسيطة ميّزتهم عن غيرهم لتوصيل رسالتهمِ إلى جميع القرّاء وليس إلى فئة معينة مثال على ذلك الكاتب الروسي الشهير تشيخوف الملقّب بملك القصص القصيرة في كتابه (السيدة صاحبة الكلب)، على الرغم من بساطتها في المفردات والعنوان التي تميّز به إلّا إنه كان يسلّط الضوء على الطبقة الإرستقراطية الحاكمة في ذلك الوقت وكيف كانت تعامل الناس مثل العبيد وسياسة الظلم والإستبداد، والفيلسوف الكبير اللبناني (جبران خليل جبران) في كتابه (المجنون) تحدث عن الماضي والحاضر وتميّز بعنوانه، وكذلك في (الأجنحة المتكسرة) وغيرها، فالكاتب يوصل ما يريد بمفردات بسيطة تصل إلى الجميع لأي زمان ومكان المهم في تكوين أي رواية يجب ان تكون هناك حبكة ومضمون وعن ماذا تتحدث ولماذا وما هدفها؟؟!! ومع الروائية زاهية موسى أجريت هذا الحوار:
{ زاهية موسى بين الجيلين، ما الصعوبات التي تشعرين بها بعد ممارسة سنوات للصحافة والآن الرواية الأولى؟
- هناك فرق كبير بين كتابة الرواية والكتابة الصحفية فليس كل صحفي يستطيع أن يكتب رواية، فكتابة الرواية هي علم بحد ذاته وهنا أريد أن أتطرق إلى موضوع مهم لماذا لا يوجد في الجامعات عندنا إختصاص في كتابة الرواية أو كتابة السيناريو فهو من أصعب الكتابات التي واجهتني في كتابة الرواية ومشكلة ترابط الأفكار وتسلسل الأحداث، لأنها ليست رواية فلسفية أو تاريخية، بل هي أقرب إلى الواقع فأنت تخلقين عالماً بحد ذاته وتقررين مصير أشخاص والحوارات بينهم وهذا العمل هو للخالق وليس للعبد، الفرق أن عالم الرواية ليس فيه روح لتحريك الشخصيات وكأنها حقيقة، ولكن مهنة الصحافة ساعدتني كثيرا في نسج الأحداث لأن التجارب التي مررت بها في المهنة ليست مجرد تجارب عادية، لهذا وثّقت بعض الأحداث مثل موضوع المافيات التي تعيش معنا في البلد وغطاؤها بعض شخصيات في الدولة.
{ زاهية موسى لمن تقرأ، ماذا تشاهد ولماذا هدفك السيناريو، أليس من المبكر؟
- لا أوافقك الرأي من المبكر في كتابتي لسيناريو، بل متأخّرة، فكتابة السيناريو التي تُعدّ من أهم المهن على المستوى الكتابي، فهي ترتقي لحدود واسعة جدا لأنها تحتاج لرؤية عميقة وخيال واسع بالإضافة للتفكير النوعي من أجل إعداد نص جدير بالمشاهدة، قد تبدو هذه المهنة بسيطة وسهلة من حيث الجهد العضلي والبدني، لكنها بالواقع هي من أعمق وأصعب المهن إلى جانب كونها موهبة، فهي تعتمد على قدرة الشخص التنظيمية بترتيب الأحداث وتحريكها، طبعا» هناك كتّاب سوريون نشهد لهم بأنهم من المجيدين في كتابة السيناريو في الوطن العربي ولهم تاريخهم وطبعا هناك كتّاب لبنانيون لا بأس بهم ولكنهم أقلية في هذا الوسط، ولكن جيلنا عاصر وشاهد أعمال هامة مثل (يوميات مدير عام) للممثل الكبير أيمن زيدان ومسلسل (ألو حياتي) لعبد المجيد مجذوب وهند أبي اللمع، على الرغم من صغر سني آنذاك إلّا إنها رسخت في ذاكرتي، وطبعا لا ننسى الأفلام المصرية التي كانت تجمع بين ممثلين مصريين ولبنانيين وتتميّز بسيناريو جيد.
الوقت نفسه عاصرنا كتّاب سيناريو اليوم والمسلسلات التي نشاهدها حاليا على الرغم أنها ليست معمّقة وليست واقعية بل وكأنها تبعدنا عن المشاكل الذي يواجهها المجتمع العربي وتخفي لنا عيوبه وتصوّره بأنه مجتمع مثالي ووردي, والظاهرة الجديدة التي ظهرت مؤخرا وهي نسخ المسلسلات التركية وتحويلها إلى نسخة عربية وكأن الكتّاب العرب قد انقرضوا، فكتابة السيناريو بالنسبة لي في هذا الوقت هو مناسب جدا لأنني جمعت بين الماضي والحاضر، فهذا المزيج له نوع خاص مميّز عن غيره. أما بالنسبة عن ماذا أقرأ، تستهويني روايات مارك ليفي في أجمل روايتين: (ماذا لو كانت واقعية) و(وجدتك)، وكتابات أنطون تشيخوف والكاتب الأميركي (أرنست همنغواي) وطبعا الفيلسوف الكبير الذي قال: لو غاب الحب فلا نستغرب غياب الحياة نفسها (جبران خليل جبران).
{ ما الذي دفع بك للانتقال من الكتابة الصحفية إلى الكتابة الروائية؟
- أحببت أن أوثّق التجارب التي مررت بها طوال فترة عملي في مهنة الصحافة، فقد كانت فترة مهمة لقد عملت عدة حوارات مع كبار الفنانين في الوطن العربي منهم مخرجين ورسامين ونحاتين، أحببت حواراتهم التي كانت بعيدة عن التصنّع، ليس كممثلي اليوم الخاليين من الموهبة وفي حواراتهم يستعرضون ممتلكاتهم ويتباهون في التصنّع، فالفنانون القدامى في شتى المجالات الذين تركوا بصمة في عالمهم لم يعد يتذكّرهم أحد وهذه الحقبة ذهبت ولن تعود، لذلك وثّقت البعض من هذه الأحداث على شكل رواية، وكما ذكرت من قبل كتابة الرواية ليست بالشيء السهل، بل هي من أصعب الكتابات إنها ليست مقالة ولا بحثا أو تقريرا صفحيا.
{البعض يقول أنه عصر الصورة وبعض آخر يقول أنه عصر الرواية.. ما قولك؟
- أكيد أنه عصر الصورة نحن في زمن العولمة والتكنولوجيا والكل «ممسمرين» على هواتفهم، والقرّاء أصبحوا قلّة في عالمنا ولكن من يقرأ الرواية؟؟ الذي يدرك فقط أن عصر الـ(سوشيال ميديا) هو مجرد عالم إفتراضي وأن هذا العالم سوف يختفي يوما ما، والناس المتواجدة فيه سوف تختفي معه، أنا أتحدث عن العقول التي تقرأ المستقبل وليست محدودة التفكير، فلنرجع إلى عصر الكتابة والقراءة والقلم والورقة.
{ أين تجدين نفسك؟
- لا أحد يستطيع أن يعرف ماذا يخبئ القدر له هذا في علم الغيب, لكني أطمح بأن أكون من الناجحين في كتابة الرواية وأن تترجم رواياتي إلى عدة لغات.
لانه من صعب على المرء أن يأتي ويرحل من هذه الدنيا دون أن يترك أثرا له، وكأنه مجرد رقم في أعداد الموتى، فالدنيا ظالمة وليس فيها عدل وإن لم تكن محاربا شرسا معها فلا تستحق العيش، فواظب على العمل والأكل والنوم وانتظر ملاك الموت لحين موعد رحيلك.. وهذا هو اليأس.
{ هل أنت بصدد عمل روائي جديد؟
- طبعاً، أعمل على رواية ثانية ولكن هذه الرواية سوف تتطلب مني مجهودا أكثر من الرواية الأولى، لأنها تتحدث عن الأمراض النفسية التي يعاني منها الكثيرون ويدّعون المثالية، سوف أحاول نزع هذه الستارة بروايتي الثانية وكل شيء بوقته.