بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تموز 2023 12:00ص «تفاح» سلمان زين الدين والتعارض بين الرمز واللغة الشعرية

حجم الخط
استجذب الشاعر «سلمان زين الدين» السمات الخاصة بالكلام الشعري، وفق الإيقاع الداخلي للمعنى العميق، الممزوج بالتعارض بين الرمز واللغة الشعرية، المستوحاة من تفاحة آدم وحواء، والأسطورة المكحلة بالخروج من الجنة بسبب الإغواء أو الإغراء، كما وصفه في الإهداء بلغة الجمع «إلى جدتنا حواء التي أغرت جدّنا آدم بقضم التفاحة الأولى» فالقصائد في ديوانه «تفاح» الصادر عن «شركة المطبوعات للنشر والتوزيع» تتكوّن من مسارات ومعادلات بين وحدة العمل الشعري، والبُعد الإنساني الذي تكوّن من قضمة التفاحة الأولى، ورمزيتها في ديوان منحه صفة الفردوس الشعري واللفظ النبضي إن صح القول، ليحدّد قيمة الفعل الذي نتج عنه ردّة الفعل وهي الخروج من الجنة، للتحرر من القيود التي فرضتها أسطورة تفاحة آدم وحواء والتي تنطوي على تغيير جذري شعريا، فالإغواء الشعري يستدعي قوة بلاغية وأخرى تصورات مفتوحة على مخيّلة تختزن الكثير من المعرفة في الأساطير وكتب الدين وغير ذلك من الحكايا التي يتأثر بها الشاعر فعليا وينتج عنها تعديلات شاعرية ذات أصداء رمزية تدوي كلماتها في الوجدان لما ترمز من انكشاف يؤدي إلى استفزاز الشاعر نفسه، فيعاود التحليق الذي يعشقه في فضاءات الشعر «أعشق التحليق /في ضوء القناديل/ لعلي أسرق النار التي تصنع فردوس القصيدة» فهل أنتج سلمان زين الدين مفهوما شعريا إغوائيا يجعل من كل كلمة رمزاً يستخدمه في لعبته الشعرية؟ أم هو يرسخ نظريات الخروج من الجنة للدخول في جنة الشعر تحت راية التغيير الجذري قبل وبعد الشعر؟ أم هو يستدعي الشعراء لتناول القضمة الأولى من تفاحه؟
تتكشف جذور كل قصيدة فيتم استدعاء المعنى المخبوء لخلق تفاعلات مع كل قصيدة من الديوان التي تتصف بالسهل الممتنع وبالتالي توفر إمكانات الفهم تبعا لما تحققه المعاني الصامتة أو بالأحرى تلك التي تشير إلى تجربة آدم وحواء وقصة التفاحة والتي تتكرر في الحياة ما دامت قائمة أو ما دامت الأحلام تتشكل في رأس الشاعر الذي يرى ما لا يراه غيره كما الحال في قصيدة «صدى» فالنوم والأحلام والتمني لو يطيل الليل مسره هي البقاء في خلود القصيدة بعيدا عن الجسد والنص والصوت بما يعني ديناميكية الوحي في إبراز ما هو شاعري عند من يغفو ويستفيق على المعنى الشعري في الحياة، فلكل فعل رد فعل، ولكل حدث في حياة الشاعر قصيدة يخبئ فيها رمزيا ما لا يتعارض مع تعدد المعنى الذي يُمثل لغة القصيدة وكيانها وما يلتقطه الإحساس عند الوصول إلى تفكيك الرمز وما يحققه الشعور الشعري من استمتاع كما هي الحال في قصيدة «سلال» ونحن نصرف الأعمار في الجري فالإنسان منذ خروجه من الجنة ودخوله الأرض التي يعيش عليها ويموت ويُدفن فيها يلهث خلف أمنياته لتحقيق ما يجهله غدا «إذ تنفذ الأعمار في جُعبتنا/ نأتي إلى البحر خفافاً/ مثل أنهار بلا ماء/ وتذرو الريح ما صلنا وجلنا/ وقنصنا من حرام/ أو كسبنا من حلال» فهل الإيمان المطلق بالإنسان هو من اليقين بالخير والشر والحلال والحرام وما تختزنه النفس من إيمان بالله هو في سلال الشاعر سلمان زين الدين؟ أم أنه يهتم بالتنشئة الأولى للإنسان على الإيمان المكتسب بما يجهله من علم الله المطلق؟ وهل من ثقافة شعرية تنتمي لمرجعيات إيمانية بما نشأنا عليه أو اكتشفناه تباعا واستدركناه في الكهولة؟
تتحرك رمزيات «سلمان زين الدين» في ديوانه «تفاح» بليونة ينتج عنها أشكالا متنوعة من المعاني التي يطمرها تحت معتقدات يخفيها، لتكون إنسانيا مثمرة في جنته الشعرية التي يطويها تحت وحدة أسلوبية محسوسة في قصائد يحشد فيها الأحلام، لتحاكي الواقع الفعلي لشاعر يبحث عن فردوسه الشعري المفقود أو بالأحرى يبحث عن مفتاح الخروج والدخول من جنة الشعر الذي دخله بقضمة تفاحة أعادته إلى قصيدة جدّه آدم وجدّته حواء لاستكشاف اللاوعي الفعلي للأساطير وقوتها في حياة الإنسان. فما يستحضره في قصيدة تفاح تحديداً هو علاقة الشاعر باللغة والوجود في خطين متوازيين يمثل كل منهما التأثيرات الشاعرية على الإنسان. فهل من ألفة بين الحياة الواقعية والحياة الشاعرية في قصائد تفاح سلمان زين الدين؟ وهل من إيقاعات تنفي معنى القضمة الأولى في قصيدة تبيّن المعنى لرحلة الإنسان على الأرض والوقوع في فخ الإغواء المتكرر؟ وهل من دلالات عقائدية في قصائد تهيمن عليها فكرة الدخول إلى عالم الشعر بقضمة شعرية وإغواء لمعنى في لغة ذات انطباعات تتطلب مهارة شاعر؟