بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 أيلول 2023 12:00ص حوار الشاعر والروائي والناقد السعودي سعد عبدالله الغريبي لـ«اللواء»

الشاعر والروائي والناقد سعد عبدالله الغريبي الشاعر والروائي والناقد سعد عبدالله الغريبي
حجم الخط
يُمارس سعد عبد الله الغريبي الكاتب والشاعر والناقد السعودي الإنطباعات النقدية المختلفة في الأدب والفن، بتأنٍّ يفيض بالمحاكاة الأدبية المحتفّظة بأصول الكتابة الشعرية وبمعقولية الإبتعاد عن النمط الكلاسيكي نوعا ما. كلما أوغلنا في كتاباته طالعتنا العديد من المزايا الأدبية وهو لديه العديد من الإسهامات الثقافية والمؤلفات الفكرية والنقدية والشعرية والروائية ولا سبيل إلى ذكرها لما يمتلكه من سيرة ذاتية خصبة ومعه أجرينا هذا الحوار:
{ هل يمكن أن تختصر قصيدة رواية كاملة؟ ولماذا اتجهت نحو الفن الروائي؟
- القصيدة من تقنيتها الإيجاز والاقتصاد في الكلمات. فهي لا تتسع لموضوعات متعددة. وظيفتها التعبير اللحظي عما يفكر به الشاعر ساعتها. ولذلك فالقصيدة إذا طالت أصبحت تكرارا لأفكار أو صور سبق طرحها في أبيات سابقة من القصيدة ذاتها، وحتى في الشعر القصصي لا يتسع المجال لقصة طويلة، بل تكون موقفا لحظيا يعبّر عنه الشاعر بأبيات قليلة. أما الرواية فتقنيتها تفرض الإغراق في التفاصيل في وصف الشخصيات والأحداث والمكان والزمان، ولذلك يلجأ بعض الشعراء - وقد أكون أحدهم - إلى الرواية حين يجدون أن لديهم ما يقولونه مما لا تتسع القصيدة له، ولعلي بهذا أجبت عن الشق الثاني من سؤالك.
{ هل تحاول رؤية ذاتك بقراءاتك لأعمال الآخرين؟ وما المعيار الذي تتخذه لاختيار ما تقرأ؟ وهل لقيمة العمل الروائي دور في ذلك؟
- عندما أكتب قراءاتي لرواية ما فأنا أستخدم قلما آخر غير قلم الروائي. ولذلك لا أقيِّم الرواية بناء على تجربتي الروائية المتواضعة، بل أحاول أن أتلمّس الجديد لدى من أكتب عنه، وربما أفدت منه تكتيكا أو لغة لم أعهدهما لديّ. أبحث عن القيمة الأدبية للرواية العربية عند الكتاب الجدد، كما أبحث عنها لدى غيرهم من مشاهير الروائيين، وعندما لا أجد هذه القيمة لا أكتب، أيا كان الكاتب عريقا أو مبتدئا. صحيح أن من حق الروائي الناشئ التشجيع والدعم لكن من حقه أيضا عدم مجاملته.
{ السعي لفهم ماهية العمل الأدبي وتفكيكه أو تحليله يحتاج لرؤية صافية بعيدا عن القواعد الأكاديمية للنقد والتحليل، ما رأيك؟
- الكتابة فن، وكل فن لا بد له من قواعد، لكن من الصعب أن نجعل مقياس نجاح العمل الفني هو مدى التزامه بالقواعد. فالرواية كما وصفها الناقد محمد الشنطي فن سردي مراوغ، يتطور بإيقاع سريع يستعصي على التقنين، ويتمرد على الثبات والجمود ويقول لورانس بلوك في مقدمة كتابه (كتابة الرواية  من الحبكة إلى الطباعة): «الشيء الوحيد الذي لن تجده في هذا الكتاب هو طريقة كتابة الرواية»!! ويقول: «بعد عشرين عاما من الكتابة، وبعد حوالى مائة رواية بدأت أدرك أني لا أعرف طريقة كتابة الرواية، وأنه ليس هناك من يعرف هذا أيضا، وأنه ليست هناك طريقة صحيحة لإنجاز هذا العمل. لأن الطريقة التي تنجح معك أو معي أو مع كل من يجلس على الكرسي ويضرب على مفاتيح آلته الكاتبة هي الطريقة الصحيحة». ولعل هذا ما جعل الروائيين يتفننون في الخروج على قواعد الرواية، حتى إنَّكِ قد لا تجدين اليوم شبها بين الرواية التقليدية والحديثة.
{ غموض القدرة على النقد يتبلور في كتابة الرواية عند من يمتلك فن الكتابة بشكلها العام، هل تتقبّل النقد لمؤلفاتك من الآخرين؟
- أتقبّل النقد قبل النشر وبعده. بل إنني أسعى إلى من يقرأ مسودة عملي، حتى من القرّاء العاديين، ويهمّني هؤلاء لأنهم هم القرّاء الحقيقيون. فإذا لم تتضح لهم أفكاري، أو لغتي غيّرت فيها بما يجعلهم يدركون مرامي. أما بعد النشر فأقبل كل رأي منصف، قرأ عملي بتمعّن، ويؤمن بأن الحق ليس بالضرورة ما يراه.
{ المتأمل في قائمة إصداراتك التي بلغت واحدا وعشرين إصدارا يجد فيها التنوّع بين اللغة العربية، والأدب العربي، والشعر، والرواية، والخاطرة، وأدب الرحلة. أولا كيف استطعت الجمع بين هذه الألوان؟ ثم هل من وقوف عند مؤلفات تسترعي انتباهك لكتَّاب قرأت لهم جعلتك تغيّر نظرتك نحو الكتابة؟
- اللغة العربية تخصصي، والكتاب الوحيد الذي أصدرته كان البحث المكمل لمتطلبات الماجستير. أما الأدب فهو هوايتي، والأدب فن إنساني لا جنسية له، ولذلك كتبت عن (الشيخوخة في الشعر العربي)، وعن عشرة من الشعراء العرب على مختلف العصور في (لكل شاعر حكاية) ثم كتبت عن (قيثارة غرناطة: فيديريكو غارسيا لوركا) والشعر لا يحتاج إلى استعداد قبل أن يهبط الإلهام، وعندها يؤجل كل مشروع إلى أن تكتمل القصيدة، ومثل القصيدة الخاطرة. أما الرواية فهي لا تستعجل الكاتب، إذ يمكن كتابتها على مدى سنوات. وأدب الرحلة نوع من السرد، إلّا أنه محكوم بزمن الرحلة وهو قصير مقارنة بباقي الأوقات.
أما الشق الثاني من السؤال فالجواب: لا. لم أكتب تقليدا لكاتب، ولا انسياقا وراء ما يريد الجمهور. ولا يستطيع كاتب أن يكتب في موضوع، أو لون لا يجد نفسه فيه لمجرد أن وجد الآخرين ينساقون إليه، أو أن هذا اللون أصبح (موضة) سائدة. صحيح أن رؤية المرء لاسمه مقرونا بغلاف كتاب يغري لتجريب قلمه والاستجابة لـ (شهوة التأليف) حتى لو لم يجرّب ذلك من قبل، لكنه الزبد الذي يذهب جُفاء?!
{ أخيرا: هل من رواية جديدة لك؟
- نعم لديّ رواية أنهيت مسودتها، لكنها لن ترى النور قبل العام المقبل.