بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 شباط 2023 12:00ص عبثاً أبحث عن الساعة الخامسة والعشرين!

حجم الخط
يا للوقت وقساوته! ما أقصر المدى المرصود لكل عمل ننجزه! على الشاشة الصغيرة عروض ملونة تركز على المنافسة والشقاء والعدوان... وعلى الحب الذي كثيرا ما قتل، فلا يبقى أي حيز لأي شيء آخر. كل يوم يتبيّن أقصر مما يتسع فيه الوقت لتناول كل المواضيع التي نودّ، وأقصر مما يكفي للقيام بالنزهات التي نريد ومطالعة ما نودّ ورؤية من نريد. حتى اللصوص ليس لديهم ما يكفي من الوقت لاقتراف أبشع الأعمال! ويكاد الوقت يسأم من إهداره من أجلنا.
في بعض الاحايين، يأتي كل هذا من باب الخطابة التي يراد بها إرضاء خنوع العامة وتبرير تخاذل «الخاصة». فمخزون الأفكار والمعارف يوفر الوقت والمال معززا بمعجزات الإنترنت وما إليه. لذا، الوقت دخل ثابت والمشكلة الحقيقية التي تجابه معظم الناس تكمن في كيفية التوفيق في العيش في إطار من توزيع عادل للأولويات.
يقتضي أن نبقى ونستمر لان كل شيء ممكن، على أن يتخذ منحى عمليا مفيدا. هناك متسع من الوقت لأمور كثيرة على مدار اليوم الواحد بشرط أن نقوم بعمل واحد في الوقت عينه. ولا وقت يكفينا سنويا إن شئنا أن نضطلع بعملين في الوقت عينه. أوليس التعامل مع رفيق يخشى الله خير لنا من المتاجرة مع ألف منافق؟
لا يسأم الوقت وحتى تكاليف الحياة إلا من جهل ان الرحمة تسبق الوقت ولا يسبقها الوقت. أليس لكل وقت زهور وليس الربيع فقط؟...فلا تدع مظاهر العالم تغريك وتصدّك عن هدفك، واصرف همّك إلى اكتساب الوقت وصقل طبعك. ولكن، متى يأتي الوقت فندرك انه يجب ألا نلتمس من الوقت إلا ما يأذن به الله رب الوقت؟ فلنقطعه قبل أن يقطعنا!
كثيرا ما أهملت شعوبنا تاريخها فاهملها لأنها لم تستحق فعلا التاريخ العظيم ولم تكن جديرة برسالتها الخالدة. لا يسع كل إنسان أن يسيطر على الزمان كما عبر الكلمة والنضال والحب الكبير. الحكمة تتقدم على الألم. هناك كلم وافر استحال لدى خيرة الناس كلمة تسود آلام الدهور. وتجلّيات القلوب في الأزمنة الرديئة هي موضع خلاص ههنا وفي الما بعد.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه